محاولة لاغتيال الشمس
غريبة هذي البلاد
أصبحت لا تجد من الكلمات ما يفي توصيف ما آلت إليه، وكأنها ذاهبة نحو الجحيم، مُنحدرة بسرعة هائلة إلى (ذيول) القوائم، في التعليم، الصحة، العدل، السلام، التنمية.
– هذه البلاد التي انطفأت شمسها بعد أن كانت ساطعة ولاهبة ولاسعة. الآن ارفعوا رؤوسكم وانظروا لشمس البلاد وهي تحتضر، قلب البلاد بلغ حلقومها الجاف فرط الصراخ المهول فـ “من أين أتى هؤلاء” الصرّاخون؟
– لا تقرأ تقرير التقرير المراجع العام عن التجاوزات (الفساد)، ولا تعير تصنيف المؤسسات العالمية الراصدة لحالات الفقر والجهل المرض والفساد اهتماماً، وما نقوله نحن هو الحقيقة الساطعة، هو الشمس، فلا ترون أيها الناس إلاّ ما نرى. فالشمس شمسنا نطلقها على رؤوسكم أو نحجبها، أو نقتلها تماماً.
– ونستعير هنا من، ونستعين بـ (أحمد عبد المعطي حجازي):
“أقبلوا يحملقون في نهار الأمس/ لا يرون غير ليلهم يطاردون فيه ما يفر من أشباحهم/ ويصرخون صرخات منكرة!/ كانوا يغطون بليلهم سماءنا
وكانوا ينسجون من خيوط العنكبوت سماءهم”. ومع بعض التحوير الطفيف نقول “يريد منا هؤلاء أن نخاصم الحياة”.
اقرأ الصحف وتعجب واضحك: “برلمانيون يطالبون بوقف الاستيراد والاعتماد على الذرة والويكة”!
– هؤلاء البرلمانيون يغتالون الشمس، لأنهم لا يعرفون أن كل سكان الريف السوداني وجل سكان المدن، يستطعمون الكسرة الويكة والقراصة وأم جنقر والبليلة والمديدة وهلم جرا، والسلع المستوردة هذه لم يسمعوا بها، ربما يستهلكها البرلمانيون والمجموعة الأخرى التي يسمونها (الدستوريين).
– برلمانيون يسكتون عن تقرير المراجع العام، يسكتون عن الصرف البذخي، يدسون رؤوسهم بين أيديهم عندما يتعلق الأمر بمُلاّك الشمس والسماء والأرض، يتوارون (يوم كريهة وسداد ثغر)، وينقرون نقاراتهم ويرقصون على إيقاعها ما إن يتعلق الأمر بغمار الناس، ويغنون أغاني الكسرة والويكة والعصيدة والتقلية.
– يا هؤلاء ويا أولئك لن تستطيعوا اغتيال الشمس، ستغشى أعينكم جراء ضوئها الباهر.
[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمانالحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي