جمال علي حسن

أحتاج لي وطناً أحبه


[JUSTIFY]
أحتاج لي وطناً أحبه

في ظني أن انتماءنا للوطن ولعلم السودان يجب أن يخضع لعملية إعادة تأهيل نفسي، هذا هو الواقع أن هناك تراجعات كبيرة في الحس القومي، وفي ظني أيضاً أن تلك العملية تتطلب قدراً عالياً من الصبر عليها حتى تكتمل.

كل الذين يشخصون ضعف الانتماء القومي مقابل الإانتماء القبلي والعشائري والجهوي في السودان، كلهم يخلصون إلى توصية بأن يبدأ العلاج بمحاربة القبلية بشكل حاد وبالفعل يرفعون تلك الشعارات لكنها وبعد فترة قصيرة تذبل وتموت في يد حاملها.

لماذا لا نجرب العلاج بشكل مختلف هذه المرة وذلك بأن نحاول التعامل مع الواقع القبلي نفسه وأن تكون بداية التأهيل الوطني به هو.. بقيادات ونظار وعمد ومشايخ القبائل والإدارات الأهلية والأعيان أنفسهم؟.. وبالتالي نكون قد استقطبناهم للشعار القومي بدلاً عن محاولات إقصائهم والحرب عليهم وتلك الشعارات التي ظلت النخب المثقفة تنادي بها لكنها تفشل في كل مرة.. نريد أن يتحولوا هم أنفسهم إلى منابر لبث وترويج المعاني القومية.. هل هذا مستحيل؟

إن إحياء الروح القومية في نفوس قيادات وأعيان القبائل والإدارات الأهلية أنفسهم وتحميلهم مسؤولية بث تلك الروح ونشرها في نطاق وجودهم وسلطتهم الاجتماعية.. يعني تجنب المعركة الفاشلة معهم بل استثمار رمزيتهم في عملية التربية الوطنية القومية نفسها.

لقد شدَّ انتباهي بقوة ذلك التوجيه الذي صدر من حكومة الخرطوم أول أمس بقطع جميع الاحتفالات في ليلة رأس السنة التي تصادف الذكرى (59) لاستقلال السودان عند منتصف ليلة 31 ديسمبر، وترديد النشيد الوطني، ثم استئناف الاحتفالات. ومطالبتها لجميع المؤسسات برفع علم السودان.

وكنت أتمنى أن يحدث ذلك في عواصم الولايات الأخرى أيضاً، مدني والقضارف وكسلا وبورتسودان وسنار وكل مكان.. العلم ونشيده القومي هما بمثابة العلاج الكيماوي الذي ينتظره جسد الانتماء الوطني المصاب بسرطان القبلية والجهوية على حساب الإنتماء القومي.. وهو نوع من السرطانات الثقافية التي من الممكن علاجها..

وزعوا علم السودان في كل مكان، اجعلوه بوسترات في زجاج السيارات وفي مكاتب الموظفين والمسؤولين صغاراً وكباراً.. وزعوه في مطار الخرطوم للقادمين لزيارة البلاد اجعلوه في كل مكان في كل المدارس والمشافي.. عظموه ووقروه ونظموا منافسات مختلفة في تقديم ألحان وأغان جديدة لعلم السودان.

نحتاج لوطن نتفق فيه على شيء واحد نحبه جميعاً على الأقل فاجعلوه هو علم السودان ونشيده القومي..

نحتاج لعمل كبير يبدأ من مراجعة المناهج الدراسية منذ مرحلة الأساس بحيث تتضاعف جرعات التربية الوطنية.

صدقوني أن ميزانية التربية الوطنية لا تقل أهمية عن الميزانية المخصصة للدفاع عن الوطن للأمن وللجيش.. بل قد تغنينا عن كل حرب كانت تنتظر الصغار القادمين.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي