عبد الجليل سليمان

تراجع أم رفع

[JUSTIFY]
تراجع أم رفع

وتراجع، في ما عدا ما يخص المطلقين، إذ أننا عندما نقول تراجع الزوجان نشير بذلك إلى أنهما عادا إلى بيت الزوجيّة بعد الطّلاق، في ما عدا هذا المعنى، فإنها لا تعني إلاّ (العودة إلى الخلف).

لكن وزارة المالية ألقت كل عجزها في التعامل مع الأرقام وإيجاد صيغ ومعادلات وخطط وخرائط وبرامج للنهوض بالاقتصاد الوطني، وتخلت عن وظيفتها الرئيسة هذه، فهجمت على اللغة العربية تحرف معاني كلماتها عن مواضعها، وتأولها وتلوي عنقها لياً يكاد يكسره كسراً مركباً.

فبعد أن أمتعتنا ببلاغتها ومهارتها في توظيف كلمة (رفع)، وطننا أنها ستواصل مسيرتها اللغوية الميمونة مع هذه الكلمة، إذا بها تفاجئنا برفعها العصا عن عاتق كلمة (رفع)، والقائها على مفردة جديدة وهي (تراجع)، ويا ليتها استخدمتها في سياق معانيها اللغوية المبذولة على متون وهوامش القواميس، أو حتى بمعناها الناشز عن القاعدة في حال المطلقين. لكنها أي (المالية) وكعادتها حقنتها (من رأسها) بمعنى جديد، هو ذات معنى كلمة (رفع) طيبة الذكر.

وها هو وزيرها يقول بتراجع متوقع في دعم السلع الأساسية، وأن هنالك (انخفاضاً) في دعمها نتيجة لهبوط أسعار البترول، ثم يستطرد أكثر، فيضيع المعنى ولا أحد يفهم شيء!

في البدء كانت (رفع)، ثم تراجع وانخفاض وهبوط، لا أحد يفهم (حديث المالية)، حتى المالية نفسها، لكن ما يفهمة المواطن أن أسعار السلع لم تتوقف عن الارتفاع يوماً إثر يوم، وأن المعيشة أصبحت لا تطاق، وأن وزارات القطاع الاقتصادي لا تفعل شيئاً غير التلاعب باللغة والمصطلحات، وأن لا شيء إيجابي يلوح في الأفق غير مصطلح جديد سيحل قريباً محل (تراجع).

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي