العالمي !!
*رياض أطفال في حي بئيس ليس بها دورات مياه صحية لا تخلو لافتاتها من مفردة (العالمية)..
*شركات غير معروفة (محلياً) أضاف أصحابها – بجرأة يحسدون عليها – إلى اسمائها كلمة (عالمية)..
*فريق كرة قدم عاجز عن اثبات وجوده (إفريقياً) يغني له أنصاره (حيوا الفريق العالمي)..
*مهرجانات سياحة وتسوق لا أجانب فيها – ومطربها البعيو – تُطلق عليها صفة (العالمية)..
*شعارات لا تتجاوز صدقيتها ارتفاع العصي الملوح بها في الهواء تُبشر بسيادتنا (العالم أجمع!)..
*مهرجان البركل الذي شهد على فشله الجبل والنيل والنخيل – وشارلي بونيه – سُمي (العالمي)..
*عملتنا التي سخرنا من كثرة تغييرها – قبل أيام – نُفاجأ البارحة بنية تبديلٍ جيد لها لتكون (عالمية!)..
*جامعة لم يرد اسمها ضمن الجامعات الـ(500) الأفضل في العالم مُلحقٌ باسمها مفردة (العالمية)..
*موسيقي مجهول عربياً وإفريقياً يحب أن يُسمى (ناقل موسيقانا لرحاب العالمية!)..
*(غناية دلوكة) تصرح عبر الصحف – دون أن ترمش – بأنها تريد أن تتخطى المحلية نحو (العالمية!)..
*الحكومة تحذر المعارضة من (خيانة) الاستعانة بالأجنبي وهي التي جعلت بلادنا (سلة مبادرات العالم!)..
*بعض زملائنا الصحفيين في بورتسودان الآن – بحضرة إيلا ومهرجانه – لنسمع غداً عن انجازاته (العالمية)..
*ووالي شمال كردفان أحمد هارون يستعد – هو الآخر- لإطلاق مهرجان التبلدي للسياحة والتسوق (العالمي)..
*وغداً قد يفعل الشيء ذاته عثمان كبر وهو يقول : ولماذا لا نكون نحن أيضاً في شمال دارفور (عالميين)؟!..
*ونستلف هنا لسان عادل إمام لنتساءل بدهشة (إيه حكاية العالمية اللي ماشية في البلد اليومين دول؟!)..
*والغريبة أن موجة العالمية هذه تنداح مع انكماش معالم بلادنا من خريطة العالم ..
*وأعني الخريطة المتعلقة بالسلم والأمن والاستقرار والشفافية والديمقراطية و(السمعة!)..
*فنحن صرنا الآن مثل توقيتنا الزمني (المشاتر) خارج الشبكة العالمية ..
*الشيء الوحيد الذي نظهر فيه (عالمياً) – وبجدارة – هو تقارير منظمة الشفافية العالمية عن الفساد ..
*فهل النزوع نحو اكتساب صفة (عالمي) هذه هو حالة نفسية تعويضية مجالها دراسات علم النفس؟!..
*هل هي تداعيات لشعارات (أمريكا روسيا) و(نسود العالم) و(ومشروعنا الحضاري سينداح خارجياً)؟!..
*هل هو تفاقم مرضي لحالة (تضخم الذات) التي كان يجسدها – بسخرية – مسلسل (طاش ما طاش) ؟!..
*هل هو شيء أشبه بجنون العظمة الذي يجعل البعض يتخيلون أنهم نابليون بونابارت ؟!..
*ولعل أطرف تمظهر لـ(موضة) العالمية هذه – التي اجتاحتنا – هو ما ادخرناه لخواتيم كلمتنا اليوم ..
*فقد فوجئت – قبل أيام – بكشك لبيع النشوق مكتوب عليه بخط مضحك (محلات فلان للعماري العالمي!)..
*وكاتب هذه السطور قرر – منذ اللحظة – تغيير اسم زاويته ليتماشى مع توجه البلد الحضاري..
*فهي اسمها – اعتباراً من الغد – (المنطق العالمي !!).
بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة
