عبد الجليل سليمان

أخلاقية الرواية .. حالة حمور زيادة

[JUSTIFY]
أخلاقية الرواية .. حالة حمور زيادة

على نحوٍ مما يشبه المُرافعات القانونية والحجج والفتاوى الدينية يتعامل كثيرون مع الرواية، فيحيلونها من كونها فعلا كتابيا راصدا يستهدف وصف وفضح الوقائع وسرد الحكايات التي تنطوي على مضامين أخلاقية وتاريخانية واجتماعية وسياسية وإعادة تشكيلها بالتوسل إلى لغة بارعة وماهرة وساحرة فيها الكثير من التخييل والاستشراف، بعيداً عن الأساليب الخطابية المنبرية الكلاسيكية.

ولأن الرواية (السرد) ضرب باذخ من ضروب الإبداع، فإنها من ثم حالة تتجاوز المألوف من أجل أن تطرح قيماً جمالية تستبطن وتحايث تأويلا آخر للوجود يقصي عنه غير الإبداعي ويموقعه ضمن إطاره المناسب في التوظيف الأيديولوجي.

لذلك، ولأسباب أخرى، تقنية متصلة بالبنية السردية نفسها، تتعاظم الخلافات وتنهض الحوارات حول مفهوم الأخلاق في السرديات، إذ أنها بالطبع وفي كثير من الأحوال لا تستنكف التصدي لكينونة الأخلاق والقيم الإنسانية والحثّ عليها، لكن حتى في هذه لا تعتبر الأخلاق مركزاً معيارياً لجودة العمل الروائي (البتة)، وإلا أضحى مرشداً وعظياً.

ربما، هذه التقدمة المُبعثرة، ربما تصلح مدخلاً لا بأس به، لتناول ما تعرضت له رواية (حمور زيادة) الفائزة بجائزة نجيب محفوظ والموسومة بـ(شوق الدرويش).

ولأنني لم أقرأها، فإنني هنا، فقط لـ(وكز) تداعياتها التي نجمت عنها ما يشبه المحاكمة الأخلاقية، وهذا أمر مؤسف حقاً، إذ أنني عملت أن كثيراً ممن انتصوا لها منصة للمحاكمة لم يقرأوها وإنما قرأوا عنها، ولكن دعونا نحسن بهم الظن، ونفترض أنهم اطلعوا عليها من الغلاف إلى الغلاف، ولنفترض أنهم نقاد من ذوي المباضع التشريحية النقدية (إيّاها)، وحتى أولئك إذا ما ذهبوا إلى مثل هذه المحاكمات فسيتحولون إلى ذلك النوع الرديء من القراء الذين يتلصصون على النص لـ(يقولوه) ما لم يقل، وهذا ما حدث مع من أصدروا أحكاماً على رواية (حمور) وصل بعضها حد المطالبة بإعدامها وإعدام كاتبها ومن (لفوا لفه).

على أي حال، لن تصبح الرواية رواية، حينما تخضع للشرط الأخلاقي؛ إذ أن وظيفتها الرئيسة تكمن في كونها (خُلِقتْ) لتشتغل على كسر التابو وتحدي الممنوع.

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي