مصطفى أبو العزائم

الحركة الإسلامية.. الطيبة..!

[JUSTIFY]
الحركة الإسلامية.. الطيبة..!

لن ينكر كائن من كان الدور الذي لعبته الحركة الإسلامية السودانية بمختلف مسمياتها، وفي كل مراحل تطورها التاريخي في السودان، منذ أن بذرت بذرتها الأولى في عقول عدد من طلاب العلم السودانيين الذين ابتعثوا أو سافروا على نفقتهم لتلقي العلم في الجامعات المصرية، ومقابلة بعضهم لمؤسسي جماعة (الأخوان المسلمين) الراحل الشيخ الإمام حسن البنا، وتلقيه البيعه منهم، وقد كان من بينهم قيادات تاريخية لجماعة الأخوان المسلمين في السودان.

حكى لنا عمنا شقيق الوالد- رحمهما الله- الأستاذ جبر عبد الرحمن حسن المحامي، وهو من الذين ابتعثهم الحزب الوطني الاتحادي أواخر الأربعينات للدراسة في جامعة فؤاد الأول- القاهرة حالياً- أنه قصد الشيخ حسن البنا مع زميل دراسته الأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد، وجلسا إليه واستمعا إليه، ولم تنته الجلسة إلا وهما قد بايعا الشيخ حسن البنا اخواناً في المنشط والمكره، وأذكر عبارة عمي- رحمه الله- إلى يومنا هذا التي قالها لي نصاً: ( الزول ده كان ساحر.. عشان كده أنا بايعتو.. لكن بعد رجعتا للسكن نكصت عن تلك البيعة.. وصادق اتمسك بها لي يوم الليلة)..

تاريخ نشأة الحركة الإسلامية السودانية لايكاد يختلف عن تاريخ نشأة الحزب الشيوعي السوداني، فقد كان التنظيمان العقائديان تمرداً على الطائفية وثورة على الفكر الكلاسيكي التقليدي الذي حبس الفعل السياسي السوداني داخل أطره وأسواره العالية التي يصعب القفز من فوقها، ومع ذلك فقد كان نمو الفكر الشيوعي أسرع لفترة ما في وقت ظلت فيه الحركة الإسلامية تنمو في بطء، ولكنها كانت أيضاً تتجذر خاصة في الأوساط الشعبية، بينما التقت قياداتها الجديدة والشابة في عهود الحكم الوطني إلى الكوادر الشابة المستنيرة والمتعلمة، وصار للحركة بريق بعد ثورة اكتوبر 1964م وبروز نجم الدكتور حسن الترابي في سماء السياسة بالسودان إعتمدت الإنقاذ على الحركة الإسلامية سنداً شعبياً في تحالف ما بين القوى العسكرية والسياسية، قطع الطريق على خصومها لتولي مقاليد الحكم دون اتفاق على نسبة محددة أو محاصصة معلومة.. لكن دور الحركة الإسلامية أراد له البعض أن يتراجع ببروز حزب المؤتمر الوطني ليكون واجهة سياسية للحركة التي مازال منسوبوها يؤمنون بأنهم الأصل الذي لا وجود لظل معه.. ولكن مع ذلك نجد أن الخطى تباعدت ما بين السلطة الفعلية وما بين سلطة الحركة الإسلامية المعنوية المفترضة.

بالأمس نقلت الصحف تصريحات للأمين العام للحركة الإسلامية السودانية الشيخ الأستاذ الزبير أحمد الحسن، وهو رجل صاحب تجارب ثرة في مجالات الدعوة والعمل السياسي والتنفيذي، وجاء في تلك التصريحات دعوة مباشرة لمنسوبي الحركة ليتخلوا عن الصراعات والمنافسة من أجل المناصب ونبذ العصبية والجهوية، والعمل من أجل تحقيق معاني (هي لله) وإنزالها إلى أرض الواقع عن طريق الاخلاص والتمسك بروح الدين.

حديث الشيخ الجليل الأستاذ الزبير، كان في مداخلة أمام الملتقى التنظيمي الثالث للحركة في ولاية الخرطوم الذي إنطلق تحت شعار(إعمار البنيان هجرة وفراراً إلى الواحد الديان).

روح الشيخ والداعية لم تزل هي روح الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية، هي روح تؤمل الخير في الناس وتتفاءل دوماً بأن القادم أفضل، في حين أن الواقع يقول إن هناك فرقاً كبيراً بين (روح التنظيم) الحاكم وبين روح التنظيم عندما كان بعيداً عن السلطة.. فالأخيرة جالبة للكبر والتعالي والبطر والحسد.. فادواء النفس البشرية كثيرة والصيام عنها في بلاط السلطة مستحيل .. مع كامل تحياتنا وتقديرنا واحترامنا للشيخ الجليل الأستاذ الزبير أحمد الحسن، ولكل الذين مازالوا يحسنون الظن بالناس ويحسبون أن السلطة لم تغيِّر فيهم شيئاً.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]