جمال علي حسن

موت المتشرد بالبرد.. من المسؤول


[JUSTIFY]
موت المتشرد بالبرد.. من المسؤول

فضيحة كبيرة للدولة التي تتحدث إحصائياتها الرسمية عن أعداد في حدود ٢٥٠٠ متشرد فقط في شوارع الخرطوم ثم لا تستطيع هذه الدولة إيواءهم أو على الأقل حمايتهم من الموت في هذه الأيام المعدودات أيام موجة البرد..

ماذا تفعل الدولة؟ هل الولائم والحفلات ومهرجانات الصخب والغناء صارت هي شغلها الشاغل..؟ أشاهد كل يوم حفلا ًهنا ومهرجاناً هناك ومسؤولين كبارا في الصفوف الأمامية يهمهمون مع المغني وحولهم مجموعات من النخب المائلة والمميلة.

وزارات وإدارات الرعاية الاجتماعية وديوان الزكاة.. أين هي وأين ما تسمى بمنظمات المجتمع المدني حين تفتك موجة البرد بأحد هؤلاء الشباب المتشردين؟ أم أن منظمات المجتمع المدني في بلادنا عبارة عن لافتات فقط ومقار تجمع شلليات و(يافطات) للوجاهة بل للبزنينس؟..!

لقد كتبنا قبل يومين محذرين من تسبب موجة البرد في مثل حادثة الشاب الذي عثرت الشرطة على جثته في أحد شوارع السوق العربي أول أمس والراجح أنه أحد ضحايا موجة البرد..

كيف تنامون ملء جفونكم عن شواردها؟.. وهل إيواء 2500 متشرد – إذا كان هذا الرقم فعلا صحيحاً – هل إيواؤهم وحمايتهم من صقيع البرد عملية مستحيلة.. تعجز الدولة عن القيام بها؟

وهل حصر هؤلاء ومعرفة أماكن وجودهم أمر صعب في بلد به الآلاف من رجال الشرطة وعدد من الأجهزة الرسمية وشبه الرسمية مثل الشرطة الشعبية وغيرها؟ أين دور هؤلاء في منع وقوع مثل هذا الحادث.؟

.. وحتى لو افترضنا أن نتيجة التقارير الطبية جاءت نافية بأن كون سبب وفاته موجة البرد فإن استمرار وجود هؤلاء المتشردين الذين يسكنون الشوراع فضيحة ووصمة عار حقيقية في بلد يضج بعشرات بل مئات الدستوريين والمسؤولين والخطط والبرامج والصحف والصحفيين.

لو كنت المسؤول في الجهة التي تقوم بالتصديق للمنظمات الوطنية وهي وزارة الشؤون الإنسانية لأصدرت قراراً بسحب تراخيص كل تلك المنظمات والجمعيات العاطلة فهي عبارة عن منابر ولا فتات وهمية.. حتى الأحزاب والمنظمات الحقوقية أين هي وأين دورها؟ هل قضية السودان هي قضية محاصصة ومقاسمة للسلطة واسترداد أموال مصادرة من آل المهدي..؟ لماذا لا تتحدثون عن فشل الحكومة في معالجة هذه القضايا الاجتماعية؟ ولماذا لا ينافح أحدكم عن حقوق هؤلاء المتشردين..؟!

الحقيقة أن هؤلاء هم ضحايا الفقر والحرب والظروف الأمنية في البلاد وبالتالي فإن المسؤولية معلقة في رقابكم جميعاً من أقصى الحكومة إلى أدنى المعارضة ولن أتحدث عن الحركات المتمردة فالحقائق تقول إن حملة السلاح الآن هم حلفاء حملة اللافتات اللامعة والشعارات الدامعة، وبالتالي فإننا نتحدث عن مسؤولية مشتركة بين ثلاثة أطراف رئيسة هي الحكومة والمعارضة – بشقيها المتحالفين – وقوى المجتمع المدني..

ولو لم تتوفر معسكرات لإيواء هؤلاء المتشردين فإن بعض مباني الهيئات والمؤسسات الحكومية (ما عندها شغل) والأولى أن تأوي هؤلاء المتشردين كما أن مكاتب ومقار تلك المنظمات العاطلة والفاشلة يجب فتحها لإيوائهم.

موت هذا الشاب فضيحة للجميع وفضيحة جديدة للبلد.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي