لجنة الصدقة العليا ..!!
:: ود بادي، يوم تكريمه بقاعة الصداقة قبل عام، يصف حال الذين يكابدون رهق الحياة من أجل اللقمة الشريفة، بالنص الشعري : ( الوادي الجَانا مَترقَّن / مدَّ جِناحو الطايِل شَرقاً وغرباً/ القِبلِي بُروقُو علي القلعات إتضربَّن/ الدُكُن البِعدَن قِربَن/ فوق صَنقور المَحَلَة الطالت كَبَّن/ قُول للمَحَلَة بِيوتِك خِربَن/ قُول ما دِلَة.. الحَلِق الجَاف إِتبلَّ/ بالحيل آ جني إيه والله..مرحاتنا شرابهن يوت ما غبَّن/ شبعانات في الشِقِل أب شوك..ما شبَّن/ الحُمَّل وِلدَن.. وربَّن/ حلماتِن تقلن.. جَرَّن/ فوق سيقانن كبَّن/ اللبن العاتِم في ضِرعاتِن جبَّن/ المَغسَة إن كان ضِرعاتِن خِربن/ القَرعَة آ وِليد ..السِعِن آ بنيَّة/ القِربَة كمان.. كُبُوها الميَة/ المَغسة إن كان ضِرعاتِن خِربَن/ شُوفوا النِعمة السالت فوق قيزان الرملة/ ناس البندر لبن الشاي بالعُملة؟)..!!
:: وكأن الشعر لايكفي توضيحاً، يقطع ود بادي قصيدته عند ذاك المقطع، ليخاطب المسؤولين صائحاً فيهم : ( بالله عليكم، أنا طالب المسؤولين ياخ، لا تقتلوا قلوب السودانيين بالزكاة والصدقة وما إليها، ياخ الصدقات دي والزكوات دي بتقتل قلوب الرجال، و مكابدة الفقر مطلوبة)، وتضج الأيدي بالتصفيق..وما ضجت الأيدي بالتصفيق إلا لأنها تربت على ( التعفف)..وإلى وقت قريب، كان الناظر إلى أهل السودان يحسبهم أغنياء من التعفف.. نعم رغم حاجتهم إلى كل الأشياء، ما كانوا يمدون الأيدي للغير و يسألوا الآخرين طعامهم وشرابهم ليعطوهم أو يمنعوهم..كانوا يكابدون الفقر ورهق الحياة في أريافهم ومدائنهم ويعيشون بالقليل من متاع الحياة.. بالقليل، ولكن (بعزة وكبرياء)..!!
:: ولكن، شاء القدر بأن تُبتلى البلاد بنهج من يقتلون العزة والكبرياء في قلوب الرجال والنساء ب(الصدقات الأجنبية)..وعلى سبيل المثال الحنظل، السلطات السعودية تسلم السودان – ممثلة في وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي- حصتها من لحوم الأضاحي المجمدة منذ موسم الحج..والسودان ينظم حفل الإستلام بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين بالخرطوم، ووسائل الإعلام تنقل حفل إستلام الصدقة.. والدكتور علي محمد خير، وكيل وزارة الرعاية والضمان الإجتماعي، بعد أن يستلم حصة السودان من هذه الصدقة السعودية، يُعلن عن تشكيل لجنة عليا مهامها توزيع الصدقة على ولايات السودان بالعدل ..وكما تعلمون، فالسودان في قائمة ال ( 27 دولة)، وهي قائمة الدول الأفقر التي تمد يدها – سنوياً- لهذه الصدقة السعودية، أي القائمة (غير المتعففة)..!!
:: إحتفال، ثم لجنة عليا لتوزيع صدقة لحوم الأضاحي المجمدة منذ موسم الحج في ولايات بلد يشقها النيل من أقصاها إلى أقصاها، وتغرقها الأمطار في الخريف، وأرضها الخصبة على مد البصر، ومعادنها النفيسة محشوة في جوف جبالها وباطن أرضها، وثروتها الحيوانية تُعد بالملايين، وغابتها تزاحم أشجارها بعضها، ومشاريعها الزراعية تتوسد شواطئ أنهارها، وإنسانها قادر على العطاء .. ما الذي ينقصنا بحيث يكون الإحتفال – و اللجنة العليا – بمناسبة توزيع صدقات أهل السودان على الآخرين الذين لا يملكون ربع مواردنا؟، وما الذي ينقصناً بحيث لا تموت قلوب الرجل والنساء بالصدقات، ولا تكون أيادي أهل بلادنا هي السفلى؟..ليتهم – الذين يحتفلون بالصدقة، ويشكلون لجنة التوزيع العليا – يشعرون بما يُشعر شعبهم حين يصطف بعض أفراده في صف ( الإستلام)..ولكنهم لايشعرون ..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]