ومَنْ لشهدائنا نحن؟
لن نكون في يوم مع الأيام من مناصري الإرهاب، ولن نؤيد بدعة الجهاد الدموي المفاجئ وغير المنظم الذي يستهدف الأبرياء حتى وإن خالفونا في العقيدة والعنصر والعرق واللغة.
لن نكون كذلك ولن يكون إنسان سوى كذلك سواء في بلادنا أو في كل بلاد المسلمين أو في بلاد الغرب والشرق.. لكن غير الأسوياء هم الذين يقدمون الطلقة على المفردة والنار على الحوار..
ما حدث في فرنسا مؤخراً من استهداف لأحد المجلات (الساخرة) أمر مرفوض، لكنه مبرر.. نعم مبرر لأن للسخرية حدودها التي يجب ألا تصل إلى الرموز المقدسة، والأنبياء والمرسلين.. وذلك اعتداء مبرر نتيجة الشحن الزائد في الغرب المسيحي ضد الإسلام والمسلمين وهو ما جعل رسامي تلك المجلة الكاريكاتيرية الساخرة تتجرأ وتنشر رسوماً مسيئة لسيد الخلق، نبينا الكريم وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وظن القائمون بأمرها والمسؤولون عن تحريرها، ظنوا أنهم سينجون بفعلتهم تلك، متناسين أن هناك من تأخذه الغيرة على دينه وعلى شرفه أكثر من أولئك الذين لا يهمهم شيء سوى أن يضحكوا ويُضحكوا الآخرين حتى ولو كان سبب ذلك تجريح العقائد، وحقن واقع التعايش بجرثومة التمييز والفرقة.
ردة الفعل العنيفة كانت مبررة لأن آذان الغرب ما كانت لتصغى لأصوات المحتجين والناقمين والغاضبين والغيورين على دينهم، بل كانت ألسنة كبرائهم وأمرائهم تدافع عن الباطل باسم الحرية وباسم الديمقراطية وحق الإنسان في التعبير..
الآن يغضب الغرب، ويهرول نحوه (المتغربون) و (المستغربون) يتزلفون ويتقربون ويداهنون ويخادعون أنفسهم بأنهم مع وحدة الأديان، ومع حرية التعبير، ويصطفون بالآلاف للتنديد بـ (الجريمة)، ولا يستطيعون في غمرة انفعالهم ذاك أن يحذروا من مغبة السخرية من الأديان والمعتقدات والأنبياء وكل المقدسات.. لقد أعمتهم شهوتهم في القرب والاقتراب والتقرب من (الآخر) إلى تقديم تنازلات مهنية، وهم يعلمون أنهم يسيئون إلى أنفسهم مرتين، الأولى بعدم احتجاجهم على تلك الرسومات، وصمتهم المخزي عندما تم نشرها، والثانية بمشاركتهم المهينة في مسيرة لا تنصر الحق بقدر ما تنتصر للباطل وتسيء إلى معتقداتنا وديننا الحنيف ونبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.
الآن فتحت عدد من السفارات الغربية أبوابها لتلقي العزاء في ضحايا التفجيرات، ولا يستطيع أي من الذين تقربوا للمسيئين زلفى أن يسأل سؤالاً مشروعاً عن الذين راحوا ضحايا للعدوان الأمريكي في فيتنام، وضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر في فلسطين وضحايا حروب العراق وسوريا، وضحايا حرب التحرير الجزائرية الذين بلغ عددهم أو تجاوز المليون شهيد، وضحايا معركة كرري- أم درمان- التي فقدت فيها بلادنا أكثر من عشرة آلاف مقاتل استشهدوا لحظة الغزو.
ما لكم كيف تحكمون..؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله..
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]