هل تتعاطف مع عيال كواشي
إذا تولدت بداخلك أية مشاعر تعاطف مع جريمة ( أولاد كواشي ) ولو بنسبة ضئيلة جداً فأنت إذن وبلا شك شخصية معرضة للإصابة بالحمى ( الداعشية النزفية ).. حمانا الله منها..
وهذه الحمى النزفية الوبائية لم تنتشر جرثومتها في عالمنا يوماً بعد يوم إلا لأنها وجدت البيئة الحاضنة لها.. ووجدت فينا جهلا ًوتطرفاً واضطراباً وجدانياً بسبب قلة العلم بالدين وأصوله ومعانيه مع ارتفاع أصوات المنابر التي ينتمي أئمتها إلى مناهج ومدارس التطرف والتزمت يحققون بها أهداف أعداء الدين الإسلامي بامتياز..
ليس هناك من جماعات أو تنظيمات خدمت أجندة الداعين لإقصاء الإسلام ومحاربته مثلما تفعل الآن (داعش) وقبلها تنظيم القاعدة وكل أنساله وأشباهه من مدارس الفكر المغلق المتيبس.
وأخطر ما في (داعش) الآن قوة الاستقطاب وقدرتها على الانتشار في أوساط الشباب العربي المسلم الذي يحتفظ بمشاعر الثأر والانتقام للدين الإسلامي باسمه ولافتته.. ليلطخها بالدماء ..
وأغرب ما في حالة التجاوب التي تحظى بها تلك التوجهات والمشاعر الانتقامية والإجرامية والإرهابية.. أنها تأتي أحيانا من مجموعات وشرائح شبابية صغيرة في عمرها بعضهم لم يكن معروفا عنه أنه ملتزم دينياً حتى.. لكنه فجأة يتحول إلى عضوية تلك الجماعات وينخرط معهم وكأنها في أصلها حالة نفسية وليست حالة دينية ..
الدين بعيد جداً عنها وإمام الإسلام وقائده سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) والذي يمارسون هذه الجرائم ظناً بالانتصار له وسمعته تجده هو نفسه حين تعرض لكل ضروب وصنوف الأذى كان كما روى أصحابه الكرام ( يسبق حلمُه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً) .
بل يأمرنا بذلك حتى حين نغضب لسمعته.. فقد وجدت في الصحيح بروايات مختلفة قصة اليهود الذين دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فبدلا من أن يقولوا: السلام عليك. قالوا: السام عليك.. أي الموت عليك يا محمد، فقال: (عليكم). فقالت عائشة رضي الله عنها: السام عليكم يا إخوان القردة والخنازير، ولعنة الله وغضبه عليكم، ولعنة اللاعنين، قالوا: ما كان أبوك فحاشاً.!! ويقصدون سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه.. فلما خرجوا، قال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مهلاً يا عائشة، عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش، فإن الله لا يحب الفحش والتفحش، لا تكوني فاحشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله، لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه، ولم ينـزع من شيء إلا شانه، ما حملك على ما صنعت؟) قالت: أما سمعتَ ما قالوا.؟ قال: (فما رأيتني قلت: عليكم؟ إنه يصيبهم ما أقول لهم، ولا يصيبني ما قالوا لي)..
استمتعت بالمفتضح من عطر الأستاذ العزيز مزمل أمس حين صادر من الإرهابيين الغربيين أهليتهم وحقهم في استنكار جريمة أولاد (كواشي) الإرهابية.. لكننا لا نريد أن يساق الفهم لمقال مزمل إلى وصفه بأنه إقرار أو إعجاب منه بهذه الجريمة التي وقعت.
الغربيون يسيئون للإسلام هذه حقيقة.. لكن التعاطي والتجاوب والانفعال الزائد من جانب المسلمين مع هذه الاستفزازات هو الذي يجعلهم يكررون فعلهم في كل مرة، فلولا الضجة الكبيرة التي أحدثتها الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم التي نشرتها صحيفة (يولاندس بوستن) الدانماركية عام 2005 لما أعاد عدد من الصحف في تلك الفترة وما بعدها نشر نفس الكاريكاتيرات مثل صحيفة (فرانس سوار).. ثم صحيفة (شارلي ايبدو) الفرنسية وعدد آخر من الصحف الدينماركية والفرنسية والألمانية ..
وأتوقع بعد حادثة (ايبدو) أن يجعلون رمزية نيل حريتهم المزعومة هي الحصول على حق الإساءة للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وأتوقع المزيد من حلقات هذا المسلسل لأننا لم نتعامل بالحكمة اللازمة مع هذه الإساءات ولم نحقق أو نطبق توجيهه ( صلى الله عليه وسلم ) للسيدة عائشة رضي الله عنها: ( لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه، ولم ينـزع من شيء إلا شانه )..
شوكة كرامة:
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي