الطيب مصطفى

الطيب مصطفى : الحراك الاتحادي


[JUSTIFY]سعدتُ بالثورة التي يقودها الشيخ حسن أبو سبيب داخل الاتحادي الأصل والتي أعلن من خلالها عن انتفاضة إصلاحية ستعيد الأمور إلى نصابها وتنشئ مؤسسات شرعية تنهي سيطرة الميرغني على القرار السياسي.

كان أمام أبو سبيب والمجموعة الإصلاحية التي تشمل علي نايل وعلي السيد وبعض القيادات الأخرى خارج السودان ومنهم علي محمود حسنين.. كان أمامهم خيارات متعددة منها تجميد النشاط السياسي أو الاستقالة أو إنشاء كيان آخر فآثروا حسب الشيخ أبو سبيب أن يعملوا من داخل الحزب ويعيدوا تشكيل مؤسساته حتى (ولو بإخراج الميرغني وابنه الحسن).

مما أعلنه أبو سبيب أنهم شرعوا في تكوين مكتب سياسي انتقالي جديد تمثل فيه كل ولايات السودان تمهيداً لعقد المؤتمر العام الذي سيجيز النظام الأساسي وينشئ مجلس الشورى ومؤسسات الحزب الأخرى.

ما نُشر في جريدة (الوطن) بالأمس يعتبر ثورة تصحيحية نحتاج إليها في كل أحزابنا في ظل عدم قيام مجلس شؤون الأحزاب السياسية بواجبه المتمثل في إعمال قانونه وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي فالتهنئة للشيخ أبو سبيب الذي اعتبر ما يقوم به أكبر إنجاز في حياته السياسية وسيحفظه له التاريخ إن شاء الله ذلك أنه ما من أمل في إصلاح سياسي ما لم ينصلح حال أحزابنا السياسية ففاقد الشيء لا يعطيه.

ما هو الدور الذي يلعبه كمال عمر؟!

شن كمال عمر هجوماً ضارياً على منبر السلام العادل وحركة الإصلاح الآن وبقية الأحزاب المنضوية في تحالف القوى الوطنية، وقال إنها (أحزاب متخلفة وغير ناضجة)!

إذا كانت تلك التصريحات قد وردت في صحيفة (الوطن) فإن صحيفة (اليوم التالي) كذلك حملت كثيراً من العبارات القاسية لكمال عمر ضد الحزبين وبقية الأحزاب (بتهمة) أنها علقت مشاركتها في الحوار، بل أنها (ترغب في نسف الحوار)!

لن أتعرض في هذه الصحيفة لمبرراتنا لتعليق الحوار لأسباب معلومة للقارئ الكريم ولكني سأحاول أن أقول شيئاً ولو يسيراً عن بعض الاتهامات التي ساقها كمال ضد منبر السلام العادل تحديداً. فقد قال إن المنبر (يتحمل وزر انفصال الجنوب)!

يا سبحان الله! بربكم ما هي علاقة الحوار بانفصال الجنوب؟!

أقول إن الانفصال شرف لا ندعيه البتة ذلك أن أبناء الجنوب هم الذين قرروا الانفصال بنسبة تجاوزت 98% وكانت جميع الأحزاب السياسية بما فيها المؤتمر الشعبي الذي كان مندغماً في تلك الأيام في المؤتمر الوطني كما هو حاله اليوم لأسباب مجهولة (حتى الآن!)..كانوا جميعاً قد وافقوا على منح الجنوبيين حق تقرير المصير الذي مهد لانفصال الجنوب وكان الترابي هو من أصّل لمنح الجنوب تقرير المصير باعتبار أنه لا إكراه في الدين فكيف بالإكراه فيما هو دون ذلك كالوطن وغيره من العصبيات الدنيوية؟

على أن منبر السلام العادل هو الذي قاد حملة إقناع شعب السودان الشمالي بأن الانفصال خير له من حرب أهلكت الحرث والنسل وظلت مستعرة منذ ما قبل الاستقلال وستظل مشتعلة ربما لقرن أو أكثر فلماذا لا نجرب الانفصال كما جربته دول أخرى كثيرة انفصلت بالرغم من أنها لم ترق فيها قطرة دم واحدة وكمثال على ذلك نذكر بالدول التي خرجت من الوحدة مع روسيا والتي كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي.

اعتمد المنبر في رؤيته التي بشر بها على أن شعب الجنوب لم يكن في يوم من الأيام يشعر بأنه جزء من السودان بل إن إرادة شعب الجنوب زوّرت من قبل السكرتير الإداري الاستعماري جيمس روبرتسون الذي اعترف فيما بعد بأنه زور مؤتمر جوبا عام 1947م ليقول إن شعب الجنوب يرغب في الوحدة مع الشمال وهذا كان إفكاً وتضليلاً ومؤامرةً من الاستعمار الإنجليزي الذي لم يرد خيراً للسودان.

ما كنت أحسب أن كمال عمر أو غيره سيعيّرنا بما نعتبره خيراً وإنجازاً للسودان فلو كان الجنوب قد انفصل منذ الاستقلال لكان السودان أكثر تقدماً وشعبه أكثر رفاهاً ولوفرنا كثيراً من الدماء والدموع والموارد التي أهدرت في مستنقعه ويكفي أن نستدل بأن الجنوب لم يحتفل بالاستقلال معنا في الأول من يناير إنما احتفل بالاستقلال عندما خرج من السودان وانفصل بدولته المستقلة.

أما هجوم كمال حول قضايا الحوار فإنني سأتعرض لذلك في صحيفة أخرى لا تخضع لمعايير الرقابة التي تخضع لها الصيحة.

أما أن يصف كمال أحزاب التحالف بالتخلف وعدم النضج فإن ما يعجب له المرء أن يدمغنا كمال الذي لم يدخل في مضمار السياسة إلا في السنوات الأخيرة بتلك الصفات فرجل في وزن غازي صلاح الدين أو حسن عثمان رزق، ولن أتحدث عن نفسي لا يحق لكمال بعمره القصير سناً وتجربة أن يتحدث عن عدم نضجهم وأظن أن ذاكرة القراء لم تنس لكمال وحزبه مواقفهما قبل أقل من سنتين تبدلت فيهما الرؤى والتاريخ شاهد على ما نقول وكفى.

أما كمال عمر وكيف انخرط في العمل السياسي ومن يقف وراءه وما هو دوره فذلك له وقت آخر؟![/JUSTIFY]