جمال علي حسن

وزارة الثقافة والقرار رقم 1


[JUSTIFY]وزارة الثقافة التي لا نكاد نسمع لها صوتاً ولا نرى لها عملا.. الوزارة التي لا تطبع ولا تقرأ ولا تنشر ولا تكتب.. تتقن على ما يبدو مهارة واحدة هي مهارة الشطب والإلغاء.

فالقرار رقم (1) لسنة (2015).. لا حظوا هو.. القرار (الأول) في السنة الجديدة ويكون قرار إلغاء تسجيل اتحاد الكتاب السودانيين على طريقة (يللا بلا لمة).. القرار صادر بتوقيع مسجل الجماعات الثقافية اسمها إقبال الحسن محجوب وصادر بتبرير أو حيثيات تتلخص حسب تصريحات رئيس الاتحاد عثمان شنقر بسبب ممارسته أنشطة تعتبرها الوزارة تخالف أحكام قانون تنظيم نشاط الجماعات الثقافية القومية لسنة 1996م.

طبعاً هذه الأنشطة المخالفة ليست تجارة مخدرات ولا بيع (لحوم حمير) لكنها أنشطة في الغالب لها أبعاد سياسية وذلك بحكم أن قيادات هذا الاتحاد من الشخصيات الثقافية المعروفة بتوجهاتها واتجاهاتها الفكرية المخالفة لتوجه الحكومة.. و(مالو.. ؟!).. لكن متخذ القرار لا يفهم ذلك ولا يستطيع أن يتخيل الفائدة الكبيرة التي تجنيها الحكومة ويجنيها القطاع الثقافي الرسمي بمؤسساته المختلفة في حالة وجود مثل تلك الكيانات بتوجهاتها ونشاطاتها ونشاطات هؤلاء المثقفين بخلفياتهم الفكرية أو السياسية المعارضة.. وجود مثل هؤلاء المثقفين ووجود نشاط لهم في الساحة واحتمال الدولة لهذا النشاط هو الدليل العملي على وجود حياة سياسية كاملة في السودان بنشاطاتها المعارضة والموالية.. لا مانع طالما أنه نشاط سلمي وليس نشاطاً مسلحاً فمهما يكن حجمه ومهما تكن درجة تأثيره لكنه يؤكد توفر قدر من الحريات لمن لا يحملون رصاصا أو قنابل.. وبالمقابل فإن مثل هذا القرار الذي صدر يؤكد ضيق الحكومة وضيق أجهزتها وضيق مؤسساتها حتى الثقافية منها ضيقهم بأصوات المعارضة وبأصوات المخالفين لهم..

إغلاق المراكز الثقافية وإلغاء تسجيل اتحاد الكتاب حتى ولو افترضنا أن اسمه (اتحاد كتاب المعارضة) فليكن.. ولا مانع من ممارسة نشاطه الثقافي ما لم يمس بمقدسات الدين أو يدخل في مساحات المحظورات الاجتماعية والأخلاقية.. ما دون ذلك متاح أو من المفترض أن يكون متاحاً مباحاً أمام مثقفين أمامهم عدة خيارات أخرى مثل الانضام إلى الكيانات المتمردة والمسلحة أو حتى المعارضة الخارجية..

ليس منطقياً أن تصدر قرارات تضييق بالنشاط الثقافي المعارض في نفس الوقت الذي يروج فيه الخطاب الإعلامي الرسمي نداءاته لأصحاب النشاط السياسي المعارض أو حملة السلاح بالعودة للبلد وممارسة نشاطهم من الداخل.

لا أحد بمقدوره الدفاع عن هذا القرار أو ما يشابهه من قرارات تضع الحكومة في خانة التناقض بين فعلها وقولها.. بين دعوتها للمعارضين بالعودة من الباب الأيمن وطردها للآخرين عبر الباب الأيسر في نفس اللحظة..

من لم يكن يعرف اتحاد الكتاب الذي تم إلغاء تسجيله فسيعرفه اليوم ومن لم يكن قد اطلع على نشاطاتهم فسيطلع على كل نشاطاتهم في الفترة الماضية بعد قرار إلغاء تسجيل هذا الاتحاد.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]