حيدر المكاشفي

الهمباتة.. من سرقة الجمال إلى اصطياد الرجال

[JUSTIFY]قال الشاب وهو يجادل رفيقاً له بلغة شباب اليوم )إسمع يا مان، بطّل حنك بيش وطلِّع الشيرنق ياخ، طوالي قابض السمينة وعامل ميت، إختشي ياخ، وبعدين نظرية واحد يقول ليك أدينا حقنا تقول ليهو كدي أرقعنا دي ما شفناها إلا في البلّي وأم أربعة وياها ذاتا صادة رادة، حقنا برّة وبطّل البيش البتعمل فيهو دا(.. ما يهمنا في هذه (الورجقة) عبارة (قابض السمينة) التي نظن أن معناها قد وضح من سياق حديث هذا الشاب، ولكن لمزيد من الإيضاح نزيد بأنها تعني (قابض قروش كتيرة) أو حائز على شيء ثمين، ومعلوم أن (قابض السمينة) يكون كذلك (قابض الجو) بين رفقائه، وهكذا الهمباتة الذين تخصصوا في اصطياد الأجانب مع تطاول أزمة دارفور والاحتفاظ بهم كرهائن للمساومة بهم – الإطلاق نظير الفدية – فالأجانب عند هؤلاء الهمباتة درجات ومقامات، أعلاها الأميركي وأدناها الأفريقي وبينهما أهل الجنسيات والقوميات الأخرى، وبناءً على هذا التصنيف الهمباتي، يكون من اصطاد أميركي واحتجزه كرهينة قد (قبض السمينة)، أما من يضطره حظه العاثر حين لا يعثر على أميركي أو صاحب أي بشرة بيضاء فيصطاد أفريقياً، فهو بلا شك يكون قد عثر على (فار ميت) أو (حمام ميت) في أحسن الأحوال، وفي ذلك تروى واقعة حقيقية عن همباتي اصطاد بلغارياً وكان يحسبه أميركياً سيأكل من ورائه الشهد بحسبانه الأعلى مقاماً والأغلى سعراً، وعندما أتم بنجاح عملية الاختطاف وتحقق من هوية المختطف وجد أنه ليس أميركياً وإنما على حد تعبيره (هوان ساكت ما جايب همو)، وبناء عليه نصحه رفيقه الهمباتي الآخر بأن يسرع في إطلاق سراحه حتى دون أي مقابل، كي لا يكلفه المزيد من الصرف على (موية الصحة) التي يشربها والساردين الذي (يطفحه)، أو كما قال حرفياً (أطلقا ما يخسرك موية صحة وساردين ساكت)، ذلك أن الهمباتة كي يحتفظوا برهائنهم الأجانب أصحاء، لا يطعمونهم طعامهم الخشن ولا يسقونهم من مائهم العكر…
في أنباء أمس (الاثنين) أن جماعة من الهمباتة قد اختطفوا رئيس محطة اليوناميد بزالنجي ليضيفوه إلى آخرين اختطفوهم قبله، لترتفع بذلك حصيلتهم من الرهائن بقدر معقول سيدر عليهم عائداُ مجزياً، فأعلنوا مسؤوليتهم عن الاختطاف وطالبوا بفدية مالية مقابل إطلاق سراحهم، وتجيء هذه العملية الأخيرة ضمن سلسلة من اختطافات الأجانب بدارفور توالت عبر السنين الماضية، حيث وجد هؤلاء الهمباتة في هذه العمليات الإجرامية تجارة مربحة تهدف من ورائها هذه العصابات المسلحة للتربح المادي وليس الكسب السياسي، ما يعني ضمنياً أنهم بطريقة أو أخرى يستفيدون مادياً منها وهذا هو بيت القصيد، فما لم تنقطع الفائدة المتحققة من عمليات الاختطاف، فإنها لن تنقطع وستظل عملياتها مدورة مثل (تجارة أم دورور) المعروفة في دارفور، وهذا هو حصاد الحروب ومحصلة الاضطرابات التي لا نعرف لها نهاية ولا كيف يتم القضاء عليها في غياب حل شامل وكامل وعادل، ليس لأزمة دارفور التي ما تزال تراوح مكانها وحدها، بل لكل البلاد[/JUSTIFY]