الطاهر ساتي

يعني عملتو شنو؟


[JUSTIFY]:: مارس 2013، بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، يجتمع المدير العام للشركة الوطنية لتوزيع المياه بمعاونيه، ويطالبهم بتقديم أفكار وحلول تساهم في تطوير الشركة وخدماتها.. فقدم أحدهم أفكاراً وحلولاً لم تعجب المدير العام، ولم يعرضها للنقاش، بل تجاوزها وطلب من المعاونين الآخرين أن يطرحوا أفكارهم وحلولهم.. وبعد أن أدلوا بدلوهم، عاد ذاك متحدثاً عن أفكاره وحلوله مرة أخرى وطالب بعرضها للنقاش، فزجره المدير العام قائلاً بالنص : (أرحمنا من أفكارك وحلولك، و إلا أقلتك من منصبك).. إستفزه الوعيد، فطالب المدير العام بإقالته، وما كان من المدير العام إلا أن يخرج من قاعة الإجتماع ثم يعود بقرار الإقالة .. !!

:: وهكذا تقريباً شكل الإدارة العامة للشأن العام في عالمنا الثالث (والأخير طبعاً)، فالمدير العام دائماً ما يكون الأصل، وما على الآخرين إلا أن يكونوا فروعاً وجب قطعها في إحتكاكها – بالحق أو بالباطل – بالأصل.. ولو كان في إعفاء السموأل خلف الله من منصب المدير العام للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون خيراً للتلفزيون، لطالبنا الحكومة بالسجن والنفي بعد الإعفاء .. ولكن للأسف، قضية التلفزيون ( أكبر من كده).. أي إعفاء زيد أو تعيين عبيد لن يكون حلاً لأزمة هذا الجهاز الإعلامي حتى ولو جربت الحكومة كل أفراد الشعب في هذا المنصب شهرياً أو كل ثلاثة أشهر، كما السموأل خلف الله..!!

:: فالحكومة تعلم، وكذلك الناس والصحافة، بأن الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون تمر حالياً بذات المنعطف الذي مرت به الهيئة القومية للكهرباء وهيئة الطيران المدني قبل تغيير حالهما نحو الأفضل ( نسبياً).. فالتكدس بلا إنتاج ( أكثر من 1.500 عامل)، وأجهزة ومعدات أكل عليها الدهر وشرب،وعدم الإنحياز لنبض الشارع و قضايا الوطن والمواطن..تلك هي أضلاع مثلث برموده الذي يبتلع الأموال و يُجهض الآمال بالتلفزيون.. وقبل السموأل وغير السموأل، كان يجب إعادة الهيكلة بالتفزيون بحيث تستوعب من العمالة (حاجتها فقط)، و كان يجب تعديل قانونها بحيث تكون الهيئة مستقلة عن قيود قوانين الخدمة المدنية (المتخلفة)، وكان يجب طرد الوسواس القهري من خارطتها البرامجية بحيث تستوعب آمال الناس وآلامهم، ويتحول من (تلفزيون الوطني) إلى (تلفزيون الوطن).. !!

:: وكل هذا لم – ولن – يحدث في هذا الجهاز الاعلامي، ولذلك لن يفارق حال الحوش محطات (الديون والإقالات)..والمدهش للغاية ليس في إعفاء السموأل بهذه السرعة، بل في الأنباء هناك إتجاه بأن يحل عوض جادين – مدير سونا حالياً، ومدير التلفزيون سابقاً، و كمان مدير الإذاعة سابقاً – محل السموأل خلف الله.. وهذا الترشيح يُعيد إلى الأذهان قصة من كان مستلقياً على ظهره في غرفته ودخل طائر من النافذة الشمالية وخرج بالنافذة الجنوبية، فتنهد سائلاً نفسه والعصفورة ( يعني عملتي شنو؟).. وصدقاً نتائج – كل الإقالات والتعينات – في هذا المناخ السئ بمثابة ساقية جحا التي قواديسها تملأ من النهر ثم تعيدها إلى ذات النهر، ولهذا كانت – ولا تزال الأرض – يباباً، ويخطئ من ينتظر ثمار الزرع ..!![/JUSTIFY]