طفرة داعش
ليس من شك أيضاً، أن مثل هؤلاء المتعصبين غالباً ما يمتلكون أحكاماﹰ شخصية تجعلهم يندفعون لتنفيذ أعمال وحشية بسرعة وقدر مذهل من الفاعلية لكن دون أي تفكير، إذ تسيطر على ذواتهم نوع من الإرادة الحماسية المتشابكة مع طموح للسلطة وشهوة للكسب.
وبحسب (مُعتز الخطيب) فإن: “داعش” تعتبر طَفْرة في تاريخ جماعات الجهاد العالمي، ومن ثم فالقوالب التفسيرية وأدواتها المألوفة تعجز عن استيعابها. إذ تتفرد الظاهرة تَفَردًا لا يجد تفسيراً إلا في مبلغ وحشيتها وتركيبتها التي تبدو مُلغَّزة ومُفاجِئة، سواء بالنظر إلى تاريخ الجهاديين، لكن الفارق المؤثر اليوم هو جاذبية الصورة والضخُّ الإعلامي.
وهذا ما تجلىّ في نشر مقطع فيديو مُشتغل عليه بحبكة تقنية ودرامية عالية الجودة تصور أعمالهم الجنونية في الذبح بالمدى والحرق بالنار.
ما ينبغي أن ننتبه إليه في ظاهرة (داعش) هو أن مبتغاها الأخير من كل هذه الأفعال القبيحة هو (الحكم بما أنزل الله)، وحتى لا يجادلنا أحد بغير ذلك، فقد أعلنت عن (دولة الخلافة) التي تمثل جوهر البنية الفكرية للجهاد العابر للقارات والذي ابتدر في أفغانستان. هذه الفكرة تقوم على جوهر واحد، هو (إقامة) دولة الخلافة الإسلامية وتطبيق شرع الله، وتتوسل إلى ذلك الهدف بقتل الأسرى والتمثيل بهم.
السؤال هو: هل دولتا داعش والقاعدة نموذجان لدولة الخلافة والشريعة؟ أم هنالك نماذج أخرى؟ وأين هي؟
أسئلة بسيطة، وسهلة، لكن الإجابة عنها تأخذك إلى المتاهة ذاتها وإلى الهذيان نفسه، فلن يقول لك أحد بوضوح ودونما (لعثمة أو تردد) إن ما تفعله داعش لا يمت إلى الإسلام بصلة، لا من قريب ولا من بعيد.
تعرفون لماذا لا يستطيع هذا الفيض من الفقهاء قول ذلك؟ ببساطة لأن لدى الداعشيين عددا من الفتاوى والتفاسير الدينية التي تدعم توجههم هذا، فلن يستطيع أحد أن يقول لهم إن ما تفعلونه ليست له علاقة بالدين، كما لن يستطيعوا هم أن يجزموا بأن ما يقومون به مُتجذر في الدين الإسلامي الحنيف.
إذن ما الحل إذ كانت النصوص الفقهيِّة والتفسيرات والتأويلات الموازية للنصوص الأصلية (القرآن والسنة) تمضي بعيداً عن بعضها إلى درجة التناقض ثم التناحر؟، وقد أراق المجاهدون الأفغان دماء بعضهم بشكل عنيف وغير مسبوق، ولو تغيرت المعطيات قليلاً فسترون ماذا ستفعل داعش بالنصرة والعكس، حينها سيبدو الإعدام ذبحاً وحرقاً كوضع ضمادة على جرح صغير جراء شكة إبرة.
[/JUSTIFY]