منى ابوزيد
تحديات السيدة الأولى ..!
إيزنهاور، الرئيس الرابع والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية وصف التضاريس النفسية للشخصية السياسية التي تختار ولوج الجحيم طوعاً فقال إن (من يرغب في أن يكون رئيسا هو إما مصاب بجنون العظمة أو مخبول)، ولعل هذا ما قصده ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق عندما قال إن (المسئولية هي ثمن العظمة) ..!
عندما التقى أوباما خليفة أيزنهاور وديفيد كاميرون خليفة تشرتشل، أيام تأجج الثورات العربية، قالا كلاماً كثيراً عن عدم الوقوف مكتوفي الأيدي بينما يتم (سحق تطلعات الشعوب العربية تحت وابل من القنابل والرصاص ومدافع الهاون) .. ولكن المفارقة الطريفة هي أن العرب أنفسهم كانوا مشغولين بالمنافسة بين فساتين زوجتيهما، والتي طغت – كالعادة – على ضجيج وعودهما السياسية ..!
ولعل أصدق مثال على شراسة تلك الحروب الفنية التي تخوضها زوجات رؤساء العالم الأول مع نقاد الموضة والأزياء، حكاية وجدتها في كتاب (نانسي ريجان .. فضيحة في البيت الأبيض)، ذلك الكتاب الذي ملأ الدنيا وشغل الناس قبل بضعة عشر عام ..!
الحكاية تضمنت وصفاً دقيقاً للتداعيات النفسية المدمرة لمقال (واحد) كتبته إحدى الصحفيات عن منظر سيقان نانسي ريجان عند ارتدائها ثوباً قصيراً في حفل عشاء رسمي، فكان تأثير تلك الكلمات أكبر من تداعيات عشرات المقالات الصحفية التي انتقدت سياسات حكومة الرئيس ريجان الخارجية واتهمتها بالتخبط والانهيار ..!
وبينما استطاع زوجها/رئيس البلاد أن يتجاوز تداعيات حرج مزاحه بشان قصف الاتحاد السوفيتي عبر ميكرفون الإذاعة الرسمية (وأن يفلت من تداعيات آثار حرب نجومه على العلاقة مع السوفيت، ثم أن ينجو بحالته النفسية من اتهامات عجز الموازنة دون أن يطرف له جفن) أطاح ذلكم المقال اليتيم الذي شبَّه ساقيها بسيقان البيانو بعافية سيدة البلاد الأولى فظلت طريحة الفراش لأسابيع، وكانت عيناها تشرقان بالدمع – وينتفض جسدها غيظاً وقهراً – كلما عبرت سيرة ذلك المقال ..!
وعندما جاء الرئيس أوباما إلى سدة الحكم وقفت الرقابة الفنية القاسية على أناقة زوجته جنبا إلى جنب مع الرقابة السياسية لأداء إدارته، وبينما كان العالم يحتفي بأول رئيس أمريكي أسود، كان خبراء الموضة والأزياء في شغل شاغل بألوان وخامات وموديلات فساتين السيدة الأولى التي ستزين إطلالتها في المناسبات العامة ..!
وهكذا وبفضل المزاج الأبله في العالم الأول – الذي يقدم آراء سلطة الموضة على مواقف السلطة الرابعة! – أصبح التحدي الفني الذي يواجه زوجة الرئيس أعظم تعقيداً من المحك السياسي الذي يواجهه زوجها .. وهذا هو – بالضبط! – خبال النفس وجنون العظمة، الذي نسبه إيزنهاور إلى رؤساء الدول، ونسي أن يشمل به زوجاتهم ..!
أرشيف الكاتبة[/JUSTIFY]