جمال علي حسن

لفتح الأبواب المغلقة


[JUSTIFY]لو أردنا أن نكون عمليين في تحسين الصورة الخارجية للسودان، فعلينا أن نبدأ بحرق كل الخطب والتصريحات التي صدرت عن السودان في ظروف ومراحل سابقة.. خطب التحدي للعالم والتقليل من أهمية المواقف الدولية تجاه السودان أو التقارير الدولية التي تدين السودان.. علينا أن نتخلص من هذه اللغة ولا نعيد ترديدها مرة أخرى لو نريد بالفعل أن نعيش ونتعايش مع هذا العالم وفيه وليس ضده..

يجب أن نتواضع أكثر وأكثر مع أنفسنا ونتعامل بإيجابية أكبر مع العالم لو أردنا بالفعل أن نحسن صورتنا أو نعكس صورة جديدة للسودان في مرآة العالم ..

لقد ظلمنا أنفسنا كثيراً خلال السنوات الماضية وظلمنا السودان بلغة التحدي هذي التي ظللنا نتعاطاها بلا أدنى حرص على الانطباع الذي تتركه عند الآخرين.. وبسبب ذلك الخطاب الخشن والمنفعل وغير الدبلوماسي خسر السودان الكثير من الفرص التي كان من الممكن توفرها واستثمارها للخروج من عنق الزجاجة في مجالات التنمية والاقتصاد وكل مسارات الانفتاح مع العالم ..

لذلك كان جيداً أن يصادق السودان قبل أشهر على الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الفساد وأن يهيء نفسه منذ الآن للدفع بأول تقرير عن الفساد لمنظمة مكافحة الفساد الدولية بعد عدة أشهر استجابة لتلك الاتفاقية ..

وحين نتحدث عن التهيئة فإننا لا نعني التهيئة الإعلامية أو الظاهرية فقط، بل نتحدث عن خطوات وإجراءات عملية تبعدنا عن التصنيف السيء في قوائم الدول الأكثر فساداً في العالم .

أما الملف الثاني من الملفات التي فعلت بصورة السودان الأفاعيل، فهو الملف الحقوقي والذي يحتاج لجهود حقيقية في مراقبة الدولة للحالة الحقوقية بنفسها وتقديم تقارير واقعية تشتمل على الحقائق والمعلومات والأرقام والاعترافات بنسب التجاوز الحقوقي الذي يقع ويحدث هنا أو هناك وتبيين خططها لمعالجته.. فلا توجد دولة في العالم تخلو تماماً من الانتهاكات الحقوقية أو غير معرضة لتلقي ملاحظات من مفوضية حقوق الإنسان ..

لذلك وبأنفسنا يجب أن نراقب أنفسنا.. ونصدر التقارير المنصفة والحقيقية ثم بعد ذلك يمكن أن تطلب الحكومة من مفوضية حقوق الإنسان أن تبعث وفودها لمعاينة الأوضاع بنفسها.. وهذا ما تقوم به الكثير من الدول التي تواجه نوعاً من الاشتباه الدولي في انتهاكها لحقوق الإنسان ونجحت بالفعل تلك الدول في استعادة الثقة الدولية في مؤسساتها..

الملف حساس ويحتاج من الدولة لمراجعة آليات المراقبة والضبط والمعالجة الموضوعية من ناحية، ثم يحتاج بعد ذلك لجهود دبلوماسية في التواصل مع المجتمع الحقوقي الدولي بمبادرات واثقة من جانب السودان، فنحن حتى الآن نتعامل مع المجتمع الدولي كمستقبل لطلباتهم الواردة إلينا أو ملاحظاتهم أو رغباتهم في المجيء وتسجيل الزيارات، لكننا لم نصل مرحلة المبادرة من جانبنا في هذا الصدد والمبادرة هي التي تحقق الثقة وتمنع الاشتباه ..

بادروا المطالبة بإجراء مراجعة استثنائية للملف الحقوقي السوداني في جنيف.. اطلبوا ذلك بأنفسكم وبرغبتكم بعد أن تكونوا قد حققتم خطوات وإنجازات في هذا الصدد، ثم استمعوا إلى انتقاداتهم وجادلوهم بالحقائق والمعلومات ودونوا الملاحظات واعملوا على معالجتها ..

هذه هي الطريقة التي تخرجنا من دائرة الاشتباه هذه..

يجب أن نسأل أنفسنا بشكل جاد لماذا تتعرقل مساعي السودان ومحاولاته في الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية.. ولماذا تتمنع أمريكا في الاستجابة لرغبة السودان في رفع الحصار الاقتصادي الأمريكي عن السودان.. لماذا تدور جهود الدبلوماسية السودانية في حلقة مفرغة أو بطيئة رغم أن سياسة الوزير كرتي معقولة جداً ومحاولاته المتكررة لإحداث الاختراق محمودة حتى من جانبهم؟.. وقد أشادت المنظمات العالمية بدوره في ملف السيدة المرتدة، لكن رغم ذلك تخذله الصورة الشائهة والتصنيف السيء ..

إنجاز هذين الملفين فقط يكفي لفتح كل أبواب العالم المغلقة أمامنا..

شوكة كرامة:

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]