حيدر المكاشفي

لا تحلفوا بالطلاق بل قولوا (علي بالطرباق أو الطرشاق)

[JUSTIFY]من طرائف الحلف بالطلاق، يحكى أن أهل مجتمع ما كانوا مشهورين بكثرة الحلف بالطلاق حتى نسائه يحلفن بالطلاق، قيل إن قاضياً جاء اليهم جديداً فأراد أن يمنع هذه الخصلة القبيحة، فأخرج منادياً ينادي في الناس أن من حلف بالطلاق عاقبه القاضي، فجعل الناس يشككون في صدق تكليف القاضي لهذا المنادي، ولتأكيد كلامه وأنه مكلف فعلاً، قال لهم المنادي (علي الطلاق أن هذا هو كلام القاضي، لم أزد ولم أبالغ). ومع مجهودات ذاك القاضي استطاعوا رويداً رويداً التخلي عن الحلف بالطلاق بعد أن استبدلوه بــ(علي الطرباق أو علي الطرشاق) وهي كلمات لا معنى لها؛ صاروا يجرونها على ألسنتهم بحكم عادتهم على الحلف بالطلاق ليتخلصوا من تلك العادة، وعلى ذكر الطرباق قيل أيضاً إن أهل بلد ما اشتهروا والعياذ بالله بسب الدين، وعندما هداهم الله وتركوا هذه العادة الشنيعة استبدلوها بــ(يحرق ديكك) بدلاً من (…) أستغفر الله العظيم.

مما قيل في إقالة السموأل خلف الله؛ مدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون المقال، أن إقالته جاءت عقب حلفه بالطلاق بأنه لن يستلم حقوق العاملين بالهيئة إلا كاملة غير منقوصة (عفارم عليك)، حليفة السموأل هذه استفزت زميلنا محمد لطيف، فكتب أمس يستهجن خلط السموأل للخاص بالعام واستخدامه لسلاح الطلاق في إدارة معركته الخاصة بحقوق العاملين، ولم ينس لطيف على طريقة (أخوي الكاشف) أن يلحق صديقه اللدود؛ الطيب مصطفى بالسموأل، غير أني أجد أن خصيصة الحلف بالطلاق أوسع بكثير من حصرها في شخصي السموأل والطيب، فقد لاحظت أن القسم بالله والقسم بالطلاق شيمة شمولية وعادة تسلطية يكثر استخدامها عند الشموليين، فالأمر وقفٌ عليهم والسلطة بيدهم وحدهم، والرأي حكر لهم، والحكمة عندهم دون سواهم – أوتوها كلها – ولهذا دائماً ما يكون القسم بالله أو الطلاق حاضراً على طرف لسانهم، رغم أن الذي يقسمون حوله ليس شأناً شخصياً بل أمراً يخص البلاد ويهم العباد، مع أن القسم والجزم بنهائية وقطعية الأمور مكروه حتى في الشؤون الشخصية، فليس ثمة شيء نهائي وقطعي في أمور الدنيا إلا ثوابت الدين؛ قطعية الدلالة وحقيقة وجود الله، فكل ما خلا ذلك محل أخذ ورد وقابل للتغيير والتبديل مادام الأمر أمر دنيا؛ خاضع لتبادل الرأي وتداول الأفكار، ولنا هنا في رسول الله أسوة حسنة في كثير من الأمثلة والشواهد، فلم يكن صلى الله عليه وسلم يقطع بقسم أو يجزم بقول في كل ما يحتاج إلى تدبر وتفاكر وإعمال العقل، ولم يكن يُعطي رأيه الخاص أية وثوقية أو موثوقية، وهو الذي يتنزل عليه الوحي من السماء، ولو قال هذا كلامي الذي لا معقب له لانصاع الناس واستجابوا طائعين.

ما معنى أن تُقسم على شيء اليوم وأنت لا تدري ما تفعله تصاريف القدر غداً، بل لا تأمن أنت نفسك التي بين جنبيك على الثبات عليه، وما معنى أن تحلف بالإيمان المغلظة وأنت لا تدري ماذا أنت فاعل غداً في قضايا متحولة ومتغيرة ومتحركة…. فلترفض ما شاء لك الرفض ولتستنكر بأقوى العبارات ولتعبر عن موقفك الراهن حيال أية قضية بما تريد من تعبيرات ومفردات فقط نرجو أن لا تقسموا بالله أو الطلاق وإن كنتم ولابد حالفين فليقل أحدكم (على بالطرباق أو الطرشاق).[/JUSTIFY]