الطاهر ساتي

ده غضب الله


[JUSTIFY]:: ومن روائع الكادح الجميل هاشم صديق التي تعكس نهج التنطع السياسي والتبرير غير المنطقي للأحداث والقضايا بكل صدق ووضوح ما يلي نصاً شعراً رصيناً : ( أكان بنزين عدم أو جاز، وتعبوُ الناس، و ضاقو خلاص، صفوف واقفين، يقولولك : إرادة الله / وأكان عدم الرخيص و الغالى في التموين، يقولولك : ده غضب الله/ و أكان الموية صبحت طين يقولولك : ده من امريكا والعملا، حمونا الشب، ولاد الكـــــــــــلب، عشان الشعب يحرن تب، يقبّل من صراط الدين).. لقد صدق هاشم، لكل طامة في حياة الناس (شماعة جاهزة)، ولكل كارثة في مسار البلد ( حيطة قصيرة)..!!

:: وهكذا ملخص خطاب الدكتور حسن عبد الله الترابي في المؤتمر العام لحزب الأمة الفيدرالي..إذ يُحلل الترابي ما يحدث ببعض دول الإقليم العربي قائلاً : ( الأحداث الدامية التي تشهدها اليمن وسوريا والعراق ومصر ليست سوى غضب من الله على الأمة الإسلامية)، هكذا التحليل السياسي لما يحدث في تلك الدول، وبالتأكيد مراد به تحذير أهل السودان من مصير شعوب تلك الدول، وهذه ( لعبة قديمة)، لكي لاتطالب الشعوب المضطهدة بحقوقها..ليس هناك من سبب غير غضب رباني و( خلاص).. لن تستوعب العقول هذا التبرير ما لم يُقدم القائل الأدلة والبراهين، ويرفق معها الأسباب ..!!

:: نعم كل حركة وسكون على الأرض قضاء وقدر، وما في ذلك شك إطلاقاً..ولكن ليس من العدل أن تحمل الجماعات والأحزاب أو الأنظمة أخطائها وجرائمها للقضاء والقدر ثم تتبرأ منها – زي الشعرة من العجين- بمثل هذا التبرير .. إن الله لايظلم ولا يحب الظالم، ولكن الناس أنفسهم – أحزاباً كانت أو جماعات أو أفراداً- يظلمون أنفسهم ومن حولهم بأفعالهم وأقوالهم ..وكذلك الساسة أيضاً، يظلمون أوطانهم بشمولية نهجهم وسوء حكمهم، ثم يصلون شعوبهم حرباً ونزوحا وفقراً وسجناً، ثم يدافعون عن كل هذا بما معناه (ده غضب الله)..أوكما يعبر هاشم صديق في رائعته تلك ويُبرر الدكتور الترابي في خطابه ذاك..!!

:: بدولة مصر، نجح الشعب بثورته السلمية في إسترداد الديمقراطية بلا إراقة دماء، ولكن قبل أن تكتمل دورة الحكم الديمقراطي سنواتها عاد نظام مبارك – بوجه السيسي – إلى الحكم، ولذلك يحدث في مصر ما يحدث حالياً من إضطراب ..وباليمن أيضاً، أراد شعبها حكماً ديمقراطياً وعبر عن إرادته سلمياً ولكن السلاطين قابلوا إرادة الشعب السلمية بالعنف السلطوي، فتولد العنف من العنف ولا يزال..فالعنف لايولد غير العنف..وهكذا سيناريو ليبيا أيضاً، والعراق وسوريا وغيرها..لم تصب السماء هناك رصاصاً ولم تُنبت الأرض مدافعاً.. ولكن، من رفض الحكام لإرادة الشعوب السلمية في أن تحكم نفسها بنفسها، ومن مواجتهم لتلك الإرادة السلمية بالبطش والتنكيل إنهمر الرصاص على رؤوس الجميع وعمت المدافع القرى والمدائن وإشتعل الموت في الشعوب كما النار في الهشيم..!!

:: وعليه، فالأخذ بالأسباب من كمال إيمان المؤمن ومن سلامة عقل الإنسان.. ومن النواقص أن يتواكل الإنسان – مسلماً كان أو غيره – على الأخطاء ويدمنها ثم يدعًي التوكل أو يُنسب نتائج الأخطاء وجرائمها للقضاء والقدر..تواضعوا إلى ما فيه خير الناس والبلد، وهو قبول الآخر ورفض الإقصاء والتواثق على وطن يتساوى فيه الجميع بالديمقراطية والعدالة والحريات..هذا قبل أن نلتحق بركب سوريا وأخواتها، ثم نبرر للظلم المؤدي إلى موت شعب و تمزق بلد ب ( ده غضب الله)..!![/JUSTIFY]