صلاح الدين عووضة

شقي ومجنون !!

[JUSTIFY]*في شهرٍ ما كثُر الموت في تلكم البلدة ذات النيل والنخيل و(دكاي) عبد الجليل ..
*وما أن يولم عبد الجليل هذا – وقد كان محباً للطرب – وليمةً قوامها الشواء والغناء و(الصهباء) حتى يتعالى صوت الـ(كوبودان) معلناً وفاة شخص ما ..
*وفي يوم كان صباحه منعشاً – ذا سحب – تدبر عبد الجليل (قعدةً ضحوية) حرص على أن يكون (دكايها !) منافساً لشوائها وفرةً ..
*ثم أقسم ألا يفسدن عليه يومه هذا (طارئ) ولو كان الـ(كوبودان) – أي الناعي – نفسه ..
*فما كل يوم تنعم منطقتنا بجو غائم يُنتقص فيه الأفق من أطرافه ليبدو مظلة طبيعية فوق الرؤوس اليابسة ..
*وقبل أن يتم (التمازج الكيميائي) بين الطلاء والشواء والغناء قدم إلى عبد الجليل من كان أوصاه – من الفتيان – هامساً في أذنه بأن صالح الـ(كوبودان) شوهد في نواحي السوق وهو يصيح..
*فأسرع عبد الجليل إلى أبواب ونوافذ ديوانه يحكم إغلاقها جيدا وهو يغمغم (والله لو البلد كلو مات النهارده أنحنا مش فاضين ) ..
*ثم هرول نحو جهاز الــ(ريل) رافعاً صوته إلى أقصى حد لترتج جنبات الديوان العتيق بأغنية (شقي ومجنون) ..
*وبعد أن اطمأن إلى (العزلة) التي فرضها على (القعدة) طفق يردد مع الكحلاوي مفرداته الخارجة عن النص من قبيل (آااخ أنا!)..
*والذي دعاني إلى تذكر حكاية عبد الجليل هذه توقي – البارحة – لـ(عزلة ذات سعادة) عقب وعكة صحية ألمت بي ..
*فقد شعرت أنني بحاجة إلى أن أقضي فترة نقاهة بمنأى عن (المنغصات السياسية) الكثيرة في زماننا هذا ..
*فأنا بحاجة – ولو ليوم واحد – إلى الذي فعله (بلدياتنا) عبد الجليل ولكن دونما (دكاي) ..
*وجلست إلى الحاسوب استنطقه درراً مما كان يبثه تلفزيوننا في الزمن الجميل من أغانٍ وبرامج ولقاءات ..
*فـ(تثقفت) مع حسن عبد الوهاب ، وأدركت حقيقة (الزار) مع حسبو سليمان، وانتشيت بـ(نسيم توتي) مع عتيق ، وأُعجبت بـ(رجولة) نميري رغم خروجي ضده في أبريل ..
*ولسببٍ لا أعلمه شعرت برغبةٍ في سماع رائعة الكحلاوي (شقي ومجنون) تماماً كما فعل عبد الجليل في اليوم ذي (الغيم) ذاك ..
*وفي اللحظات (السعيدة) تلك هاتفني من (ينعي) إلي (وعداً ما)..
*فرفعت صوت التسجيل التلفزيوني القديم عالياً حتى طغى على صوت (الناعي!)..
*ثم أخذت (أصيح) مع الكحلاوي (آااخ أنا !)…
*ومن كان منكم بلا (آخ) فهو قطعاً (أخ !!).

الصيحة
من أرشيف الكاتب بسبب الرقابة[/JUSTIFY]