عبد الجليل سليمان

موت زهرة الشمس في عيد الحب


للأسف، أتلفت الحكومة – كعادتها – برنامجي الذي صممته للاحتفاء بعيد الحب على طريقتي الخاصة، إذ قررت أن أعود إلى قراءة الشعر، بعد أن هجرته قسراً ( والمعايش الصحفية جبارة) كما يقولون. لكنها الحكومة، لا تجعلك تلتقط أنفاسك بين قافية وأخرى، فـ(تكبس) عليك وتحبس عنك الهواء.

وأمس، كنت أجول بين يانيس ريستوس، وأدونيس، إلى سيف الرحبي، ودرويش، والمهدي أخريف، إلى أن استقر بي الأمر في مقام (عَيشة بنت الباشا) لسعدي يُوسُف، وبين تضاعيف القوافي المترعات بــ: أتعرفُ كيف يبدو البُرْجُ في الفجرِ؟ السماءُ تكونُ صافيةً، وغامضةً قليلاً..

ثَمَّ ضوءٌ واثقٌ من لا مكانٍ، والسماءُ تظلُّ صافيةً وغامضةً، وهذا الفجرُ يبدو

ضائعاً، يا فجرُ.. أين الفجرُ؟ في مثلِ الفُجاءةِ كان رأسُ البُرْجِ مُتَّـقِداً،

وكان الضوءُ يأخذُ شكلَهُ.. والضوءُ رأسُ البُرْجِ)..

وقبل أن أصعد إلى الضوء المُشع في رأس برج القصيدة الرائعة، حتى ضاع (فجري) كله، فهبطت إلى (الجرايد)، وهو هبوط لو تعلمون عظيم.

لا أحد يستطيع أن يحتفي بعيد الحب، بالطريقة الشائعة، أو بطريقته الخاصة في هذه البلاد العجيبة، البلاد التي (تتعسم) فيها (رقبة) زهرة الشمس فلا تستطيع الدوران نحو من تُحب وتعشق، فتصاب بالذبول ورويداً رويداً حتى تموت.

لولا الخبر القائل: ( إن الدولة، أي الشعب خسر (10) ملايين يورو في قضية تقاوي زهرة الشمس الفاسدة)، لكنت أهديت أحبابي الشعراء والغاوين والفريشة والسمكرجية والسابلة والغوغاء والصحفيين، لكنت أهديتهم (واحدة) من أجمل زهرات طبيعتنا البديعة، إنها زهرة الشمس التي قتلوها في عيد الحب.

كيف، يا رباه، ينجو هؤلاء من العقوبة.؟

دعوهم الآن، لكن عندما تستدير الزهرة نحو الشمس في عيد حب آخر (قادم) لا محالة، فإنها ستضيء لعشاق هذه البلاد الطريق نحو الرخاء والتنمية والرفاه والسلام، لكنها قبل كل ذلك، ستحرق هؤلاء الفاسدين.. وأني أرى ذلك قريباً جداً.