موضة الأحلام الرسولية !!
* لم أتخيل أبدا، رغم خيالي الجامح، أن يصل النفاق داخل أروقة النظام، ومنها المسرح العبثي الشهير باسم (المجلس التشريعي لولاية الخرطوم) إلى درجة إقحام الرسول (ص) في أعمال المجلس
وادعاء أحد أعضائه بأن طبيبا سودانيا التقى به في الحج قبل عامين قال له ان رسول الله الكريم قد زاره في المنام وطلب منه أن يقرئ دكتور مأمون حميدة السلام نيابة عن أمته ..!!
* ليس لي تعليق على ما فعله أو لم يفعله مأمون حميدة، فلست في مجال تقييم لأفعاله في هذا المجال، ولكنني محتار أن يصل نائب برلماني يُفترض أن يكون رقيبا على عمل السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب، الى هذه الدرجة من النفاق والملق للسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الصحة بولاية الخرطوم ووزيرها مأمون حميدة .. !!
* وحتى لو افترضنا ان وزارة الصحة ومأمون حميدة أديا واجبهما على أكمل وجه، فهل يستدعى ذلك كل هذا المدح والثناء لدرجة النفاق وإقحام سيد الخلق في هذا الموضوع .. خاصة وأن نفس الجلسة التي صدح بها النائب المحترم (كمال حمدنا لله) برؤيته الرسولية، شهدت توجيه انتقادات حادة لأداء وزارة الصحة خلال العام المالي السابق، فما بال النائب يفتئت على الرسول الكريم ويزعم صادقا او كاذبا انه زار طبيبا في المنام وطلب منه ان يقرئ السلام لمأمون حميدة، ليس نيابة عن الرسول الكريم فقط وإنما عن كل أمته في أنحاء المعمورة .. هل هنالك نفاق وملق أكثر من هذا ..ما علاقة كل أهل المعمورة بإنجازات وزير صحة ولائي في السودان !!
* ولكن دعونا نكن منطقيين بعض الشيء وننظر الى الرؤية الرسولية من الجانب الآخر ونفترض أن النائب كان صادقا في روايته، وأن الطبيب الذى زاره الرسول في المنام كان كذلك أيضا، فهل المجلس التشريعي هو المكان المناسب لمثل هذه الروايات .. وهل حملة المدح والتصفيق والتهليل والتكبير إعجابا بهذه الرؤية وتزكية لمأمون حميدة والمطالبة بتكريمه ومنحه الاوسمة والنياشين مكانها المجلس التشريعي وأبطالها نواب الشعب المؤتمنون على مصالح الشعب .. أم أن هذا المجلس تحول الى ناد او بيت زار للتطبيل والتصفيق والرقص للحكام على جثث الشعب المغلوب الذى يتفرج على مسرحية هزلية مستمرة منذ ربع قرن من الزمان ولا يعرف لها نهاية ؟!
* ولكن لماذا نستغرب من مثل هذه المسرحيات الهزلية المقززة .. فالبلد كلها مسرحيات مقززة ودونكم فقط ادعاءات مصطفى عثمان اسماعيل بأن فاروق ابوعيسى وأمين مكى مدنى معتقلان بتهمة تكوين خلايا لإعاقة الانتخابات وليس لتوقيعهما اتفاق (نداء السودان) رغم ان الكل يعرف بأن التحقيقات الجارية معهما والتهم التي وجهتها لهما السلطة تتعلق بتوقيعهما للاتفاق وليس لأى سبب آخر .. غير أن السيد عبقري النظام ورئيس الدائرة السياسية بالحزب الحاكم يرى ما لا يراه الآخرون .. وربما تكون هي الأخرى رؤية مناميه رسولية حسب موضة الرؤى الماشة في البلد .