الطاهر ساتي

حامد جاب البصل ؟


[JUSTIFY] :: قبل أسبوع، إتصل مكتب وزير الصحة بولاية الخرطوم بمكتب مدير إدارة الصيدلة بالوزارة ذاتها، ليبلغ المدير تكليفاً بالحضور لمكتب الوزير، ولكن رد مكتب مدير الإدارة الصيدلة على مكتب وزير الصحة قائلاً : ( المدير مشى الصلاة)..وبعد ساعة، أي بعد موعد صلاة الظهر بساعة، عاود مكتب الوزير الإتصال بمكتب مدير إدارة الصيدلة، ليبلغ المدير ذات التكليف، فالوزير في إنتظاره منذ أكثر من ساعة، فرد المكتب قائلاً : ( المدير مشى الإتحاد)، فالمدير يشغل منصب نائب رئيس اتحاد عمال ولاية الخرطوم.. وما كان من وزير الصحة بالخرطوم إلا أن يصدر (القرار الصائب جداً)، وذلك بتفريغ هذا المدير للصلاة والإتحاد، ثم تصعيد نائبه مديراً لإدارة الصيدلة .. !!

:: والبروف مأمون حميدة الذي ننتقد آداء وزارته ومشافيها كثيراً، لم يكتف بهذا القرار الصائب جداً فقط، بل أصدر قراراً آخر و (صائب للغاية أيضاَ )، وذلك بتفريغ نائب ذاك المدير لمنصب الأمين العام لإتحاد الصيادلة بالخرطوم، ثم قرر تصعيد آخر من ذات الإدارة لمنصب نائب مدير إدارة الصيدلة..هكذا، بقرارات شجاعة جداً، صاغها ونفذها خلال ساعة، وضع وزير الصحة بالخرطوم حداً فاصلاً ما بين ( العمل والتسيب)، وما بين ( النقابة والجهاز التنفيذي).. لقد أحسن وزير الصحة عملاً بهذا ( الحسم).. وللأسف، ألا يجد الوزير أو الوكيل المدير ونائبه لغيابهما آثناء ساعات العمل، وألا يجد المواطن الموظف والعامل لتسيبهما أثناء ساعات العمل، فوضى سودانية يحميها قانون الخدمة المدنية المتخلف ..!!

:: وليس بعيداً عن هذا، أصدرت وزيرة العمل، إشراقة سيد محمود، قراراً صائباً يحظر الفطور الجماعي بالقطاع العام، وكذلك حدد زمن الإفطار بنصف ساعة فقط لاغير، وكذلك ألزم العاملين بالعودة إلى عملهم بعد صلاة الظهر مباشرة، وأن يتم كل هذا – الإفطار والصلاة – بلا آي تأثير على سير العمل..قرارها صائب جداً، ويخدم المواطن مباشرة.. وبالمناسبة، ما يسمونه بوقت الإفطار – ساعة كانت أو نصفها – نموذج من نماذج تخلف الخدمة المدنية في بلادنا، وهذا التخلف لايوجد إلا في خدمتنا المدنية، وكذلك في قطاعنا الخاص .. إفطار العامل والموظف يجب أن يسبق بداية ساعات عمله، بمنزله أو في أي مكان خارج مكان العمل، أو هكذا ساعة الإفطار في كل الدول (غير المتخلفة) .. !!

:: ولكن هنا – موطن القوانين المتخلفة والخدمة المدنية الكسولة – يمتد زمن الإفطار في المكاتب وحيشان الوحدات من التاسعة إلى منتصف النهار..(صحن بوش)، و إنتظار البصل بعد ساعة من سؤالهم لبعضهم ( حامد لسة ما جاب البصل؟)، ويكون هذا قبل إرسال جمعة لجلب الشطة الخضراء من الشارع الرابع، ونقاش حول الهلال والمريخ، وقطيعة ونميمة في خلق الله، ثم التفويج الجماعي – بعد الأكل – إلى الشجرة التي تجلس تحتها (ست الشاي)..وهم هناك في خمولهم وتخلفهم، يُرفع النداء لصلاة الظهر..وبعد الصلاة، يتقاسمون هواء مكيفات المسجد ما بين (التلاوة والنوم)..هكذا تنتهي ساعات العمل ( بلا عطاء)، ليعود المواطن من حيث أتى (بلا خدمة)..وهناك من يُبرر لهذا القبح بما هو أقبح، وذلك بالحديث غير المنطقي عن ( الأجر الضعيف)، أي كأن ذاك المواطن – العائد بعد إنتظار بلا خدمة – هو السبب في ضعف أجره ويجب عقابه بهذا ( التسيب )…!![/JUSTIFY]