حيدر المكاشفي

إنهم يأكلون مال الله

[JUSTIFY]لا أظنني في حاجة للإشارة إلى وجوب أن ينظر القائمون على أمر الأوقاف على أنها مال الله المؤتمنين عليه والمكلفين بحراسته ورعايته، ليس فقط بالحيلولة دون أكله بالباطل أو التعدي عليه بمختلف الحيل والأساليب وإنما السعي لتطويره وتنميته واستثماره، فكل ذلك من المعلوم بالضرورة، ولكن أظن أنني في حاجة للإشارة لتلك المعلومات الصادمة التي أوردتها مؤخراً إحدى لجان البرلمان حول جملة من التعديات والتغولات الحكومية وغير الحكومية على الأوقاف وتحويلها لأغراض أخرى، قدرتها اللجنة بآلاف التعديات الولائية والمركزية على المباني والأراضي الوقفية، مثل التعدي على أوقاف قاعة الصداقة وحديقة الحيوان سابقا (فندق كورنثيا حاليا)، والإيجار من الباطن والمبالغ الضعيفة الرمزية التي يدفعها المستأجرون، بجانب تجاوزات في طرح العطاءات والعقودات، الى آخر ما عددته هذه اللجنة البرلمانية من استهانة وتلاعب بمال الله.

أذكر أن الرئيس كان قد شدد في حديث سابق له مع القائمين على أمر الأوقاف القومية الإسلامية، مضى فيه إلى حد حثهم على انتزاع الأرض التي يقوم عليها مكتبه الذي يجلس عليه لو ثبت أنها أرض وقفية، كما أذكر أيضاً أن أمين ديوان الأوقاف السابق كان قد شكا من تعدي العاملين برئاسة الجمهورية على قطعة أرض وقفية بالمقرن، في مقابل منح الديوان أرضاً بديلة بحي الصحافة لا هي مكافئة لأرض المقرن ولا هي أفضل منها كما يقضي الواجب الديني، رغم أن آراء طيف واسع من العلماء والفقهاء تقول إن بدلاً كهذا لا تعريف له غير أنه اغتصاب وأن الأرض المغتصبة لا تصح فيها الصلاة، ومع هذا الوعيد الشديد لم نسمع أو نقرأ حتى الآن ما يفيد بإرجاع العاملين بالقصر الجمهوري لقطعة الأرض الوقفية التي انتزعوها ليقيموا عليها داراً لهم، أو على الأقل قدموا بديلاً لها مرضٍ ومجزٍ. إن الله تعالى ينهانا من أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل فما بالكم بمال الله يأكله البعض دون خشية وبكل طيب نفس، حتى ليبدوا مثل صاحب الطرفة الذي قيل له (انت تاكل مال النبي) فقال (ومالو مش حبيبنا)، فيا آكلي مال الله اتقوا الله في ماله واعيدوا كل الأوقاف والأملاك التي اعتديتم عليها، وعلى المتقين الله من القائمين على أمر الوقف أن ينشروا على الملأ قائمة سوداء بأسماء المعتدين على أموال الوقف، حتى يعلم المواطنون من هم هؤلاء الذين لا يتورعون عن أكل مال الله، وقبل ذلك على السلطات تغليظ العقوبة على المعتدين على أموال وأراضي الوقف ومن يسهلون الاعتداء عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله من أمثال هؤلاء.[/JUSTIFY]