تحقيقات وتقارير

جلاء المنظمات .. خير أم شر!!؟

[ALIGN=JUSTIFY]الآن تثور مخاوف من تدهور الاوضاع في دارفور فيما يتعلق بالاعمال الانسانية التي كانت تضطلع بجانب كبير منها منظمات تابعة لوكالات الامم المتحدة وذلك بعد ان شرعت بعثة »اليوناميد« في اجراءات اجلاء »2700« موظف من موظفيها غير الاساسيين من الخرطوم وولايات دارفور الى مصر واثيوبيا ، وقال مسؤول في الامم المتحدة لوكالة فرانس برس «ان عملية النقل بدأت» ورغم وصف وكيل وزارة الخارجية د. مطرف صديق لخطوة »يوناميد« الرامية لإجلاء موظفيها خارج البلاد بالاحادية وان الحكومة ليست طرفا فيها. الا ان تداعيات المسألة مما يجب ان تكون موضع نظر خصوصا وان تعقيدات اخرى تتزامن مع هذا الجلاء الفوري وغير المتوقع بدءا من اوضاع اللاجئين والنازحين في المعسكرات وعدم قدرتهم على انتاج قوت يومهم وهم في فصل الخريف ، مرورا بأزمة الغذاء التي يشهدها العالم وانتهاء باحتمالات ازدياد أعمال السرقة واللصوصية والاستيلاء على قوافل الاغاثة بواسطة المليشيات والحركات المسلحة.
وكانت المخاوف من نقص الغذاء في الاقليم المضطرب بدأت تتحرك عندما جأر سكان المخيمات المكتظة بالسكان بكل من ابو شوك وزمزم وكتم بشمال دارفور ومورني والجنينة بغرب دارفور وكلمة وعطاش بجنوب دارفور، بالشكوى من تخفيض حصصهم من الغذاء الى النصف، بعد اضطرار الامم المتحدة الى تخفيض المعونات بنسبة 50% واعلان برنامج العالمي للغذاء في نهاية مارس الماضي، انه قد يضطر الى وقف المروحيات والطائرات التي تنقل ثمانية آلاف من عمال الاغاثة، بجانب المؤن الغذائية الى المناطق النائية، اذا لم يحصل على مساعدات لميزانيته التي تبلغ »77« مليون دولار هذا العام. وكانت التوقعات وقتها ان الأشهر المقبلة من مايو وحتى اكتوبر ستكون صعبة وحرجة للغاية، ليس فقط لسكان المخيمات، وانما لسكان الاقليم برمته ، وجاء الاعلان الحالي ليتيح للطين ان يزيد ابتلالاً رغم تقليل الناطقة باسم القوة المشتركة في دارفور جوزيفين غيريرو من آثار الخطوة حين قالت (هذه ليست عملية اجلاء. لكننا نغير مقر الموظفين بصورة موقتة) وتأكيدات سرور محمد عبد الله مفوض العون الانساني في ولاية جنوب دارفور ان مستوى العمل الانساني حتى الآن لم يتأثر بشيء.
ولكن دعونا نتعرف اولا على خلفيات القرار من سرور نفسه ومن ثم ندلف الى تفاصيله فقد اشار الى ان تعليق بعض المنظمات الاجنبية بالولاية جاء بناء على توصية الامم المتحدة برفع درجة الحذر الى الدرجة الرابعة وبموجب هذا تم تقسيم الانشطة الى قسمين: الاول الانشطة المنقذة للحياة وهذه مستمرة بنسبة 95% ولكن طلب من الموظفين العاملين في المنظمات التابعة لوكالات الامم المتحدة الحيطة والحذر وفي حال وصول الاحوال الى الدرجة الخامسة عليهم بالاخلاء ، الثاني: الانشطة غير الضرورية المتمثلة في برنامج الغذاء مقابل التدريب والغذاء مقابل التعليم تم ايقافها وهذه تشكل نسبة 5% من الانشطة موضحا ان الموظفين الذين ينتمون الى برامج الانشطة غير الضرورية تم ايقافهم ولن يزاولوا اي عمل ونشاط وعليهم الاخلاء فورا مبينا ان هناك دفعة غادرت مساء امس وقالت مصادر لـ »الصحافة« ، ان جميع العاملين بوكالات الامم المتحدة على أهبة الاستعداد للخروج تحت اية لحظة.
اذاً نحن امام وضع سيكون مختلفاً ، ولا يغير من الامر شيئا تأكيد ممثلي منظمات الامم المتحدة بمقر المفوضية بنيالا في اجتماع مشترك مع المفوضية ، استمراريتهم في تقديم العمل الانساني دون توجس او خوف وان طلب الايقاف – بحسب سرور ? (ليس منهم وانما من الجهات العليا في الامم المتحدة). وهنا يقول الامين العام لحركة تحرير السودان جناح مناوي عمر محمد ابراهيم ( يجب على حكومة الوحدة الوطنية القيام بواجبها الاصيل لحماية مواطنيها وتوفير مقومات العيش الكريم لهم) ، داعيا الحكومة لاتخاذ قرارات واضحة بهذا الشأن محذراً من ان سحب الامم المتحدة لموظفيها من اقليم دارفور يعرض حياة المواطنين لخطر الموت جوعا.
لندع هذا هنا ونطرح السؤال التالي ، ماذا عن الوجه الآخر للمسألة؟
ولنبدأ من الامين العام لمفوضية العون الانساني بجنوب دارفور الهادي نجم، الذي قال اول امس ان الخطوة ? الجلاء – قصد منها الاشارة الى تدهور الاوضاع الامنية بالمعسكرات في هذه الظروف، لتكون كرت ضغط على الحكومة، ونبه إلى ان الخطوة قامت بها مجموعة منظمات ذات اجندة خفية، مشيراً إلى ان المنظمات الاخرى مستمرة في تقديم الخدمات داخل المعسكرات دون أي اعتراض من جهة. لينفتح الباب لنا للرجوع الى سلسلة مقالات كان كتبها الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس بعنوان (كيف ترى الخرطوم أزمة دارفور؟) جاء فيها مقال عن ( المنظمات الأجنبية في دارفور .. ما لها وما عليها ) ورد فيه ( ومن نماذج التجاوزات الفاضحة للمنظمات الغربية في دارفور، منظمة الإنقاذ الدولية حيث وصل الأمر بهذه المنظمة إلى حد توقيع مذكرة تفاهم مع المحكمة الجنائية الدولية والمطالبة بتدخل القوات الدولية في دارفور ومحاولة تهريب طفل من معسكر كلمة بولاية جنوب دارفور إلى خارج البلاد من دون علم وموافقة السلطات بغرض شن حملة دعائية. كما أن منظمة NRC النرويجية قامت بعقد لقاءات سرية بمعسكرات النازحين لتلقينهم ما يقولون للزوَّار والصحافيين الغربيين وإعداد تقارير كاذبة بأسماء وبيانات النساء المغتصبات بولاية جنوب دارفور. منظمة كير الأميركية تقوم باستيعاب وتوفير غطاء لعناصر الأمن والإستخبارات الغربية وتنظم زيارات للوفود الإعلامية بغرض جمع المعلومات والتصوير بغرض إقامة حملات لجمع التبرعات وتأليب الرأي العام الدولي على السودان. ومنظمة رعاية الطفولة البريطانية أصدرت بيانا يدعي استخدام الحكومة للطيران الحربي كما أصدرت منظمة »أوكندن أنترناشونال« بياناً يطالب بالحكم الذاتي للبجا ودارفور. هذه فقط نماذج لمنظمات غربية تعمل في دارفور وتستغل العمل الإنساني لأجندة أخرى. ومن أسوأ ما تقوم به هذه المنظمات المعادية استغلالها للمنابر الإعلامية الدولية لتبرير وجودها في دارفور واستدرار عطف المانحين وتكثيف الضغوط على الحكومة السودانية واستمرار الأزمة لأطول وقت ممكن) لنصل لطرح سؤال الوجه الآخر للمسألة : هل تعتبر الحكومة جلاء المنظمات خيرا ام شر؟ وقطعا لن ننسى في تحرير الاجابة عليه قول وكيل وزارة الخارجية د. مطرف صديق لـ »الصحافة« امس، (هذا قرارهم ، وفرنا لهم الحماية وطلبنا منهم ان يبقوا ويواصلوا عملهم كالمعتاد، وهذه مسؤوليتهم ولا نستطيع ارغامهم).
التقي محمد عثمان :نيالا: عبد الرحمن ابراهيم :الصحافة [/ALIGN]