جمال علي حسن

الطقس السياسي.. مناخات غير متوائمة


[JUSTIFY]بلادنا تمر بمرحلة غريبة فعلاً، يعجز فيها المراقبون أو المحللون عن تقديم قراءة متكاملة للواقع السياسي بسبب عدم تناغم المعطيات والمؤشرات في منظومة منسجمة أو متكاملة تقود إلى نتيجة واحدة..

فلو افترضنا أن الإنقاذ الآن تتجه للمزيد من الانغلاق الشمولي ومضينا في تحليل بعض المعطيات التي قد تؤكد ذلك، سنفاجأ في منتصف الطريق وقبل أن نكمل التحليل بوجود معطيات أخرى قد تطيح بفرضية التحليل تلك وتفيد بأن الإنقاذ ماضية فعلاً للتحول في سياستها الداخلية والخارجية..

هناك مشكلة حقيقية تتمثل في عدم قدرة المؤسسات الحاكمة والصانعة للقرار على تقديم نموذج منسجم يقود إلى نتيجة حاسمة وواضحة.. إما مزيدا من الانغلاق الشمولي وتحجيم مساحات الرأي الآخر والعزف المنفرد.. أو النتيجة الأخرى المناقضة تماماً للنتيجة الأولى وهي التوجه كلياً نحو إصلاح سياسي شامل وفق منهج ثابت يتحمل صعوبات التغيير على كل المستويات وتحدياته وتنازلاته المطلوبة..

من يتحدثون عن الاختراق الممكن أو المنشود أو الاختراق الذي نجحت بعض خطواته بالفعل وحققت نتائج مبدئية جيدة كالتي حققها غندور في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً وبدأت بشائرها تلوح وتظهر، من يتحدثون عن هذه الخطوات يجب أن ينظروا للواقع السياسي الموجود نظرة كلية.. هل هناك مخزن يسع تخزين هذا الصيد الثمين.. هل هناك رؤية موحدة عند الحكومة تتبناها وتمضي بها في طريق واحد هو الخروج من العزلة وبناء علاقات جديدة ومختلفة مع مجتمع العالم- أمريكا أو غيرها.. أم أن الحكومة لا تزال على حالها القديم بوجود مجموعة من الرؤى والأفكار والتوجهات المختلفة وربما غير المتوافقة وغير المتلائمة فيما بينها، يمضي كل منها في طريقه غير آبه بما يفعله الآخرون..؟

يتفهم الجميع أن تكون هناك أزمة أمنية وعسكرية وحربا قائمة في بعض مناطق البلاد مع المتمردين.. وتكون في نفس الوقت هناك طاولة للتفاوض موجودة ومفتوحة، فهذا ليس تناقضاً لأن مواجهة التمرد يجب أن تستمر حتى تأتي اللحظة التي يتخلى فيها حامل السلاح عن سلاحه ويجنح للسلم..

ولكن أن تكون بلادنا متأهبة للدخول في مرحلة انتخابات وصناديق اقتراع وأحداث تقتضي توفر أجواء عامة منسجمة ومدللة على حقيقة وجود تلك الأحداث ويكون في نفس الوقت هناك مناخا آخر مناقضا في مظهره العام لتلك الأجواء وتفرط فيه السلطات في اللجوء لاستخدام الإجراءات الاستثنائية لضبط أو معاقبة الصحف، فهذا هو الذي يجعل المراقب صاحب التحليل يطيح أيضاً بالفرضية الثانية في منتصف الطريق، وهي فرضية توجه الحكومة نحو مرحلة جديدة في تفكيرها وممارستها العملية.. مرحلة تهتم فيها الحكومة بصورتها الخارجية التي تظهر للعالم والتي هي انعكاس للواقع الداخلي على جميع المستويات..

إما أن تكون الحكومة حريصة على ذلك فعلا ًوبالتالي تحاول توفير البدائل المعقولة والمقبولة والمنطقية لفرض وتطبيق القانون بشكل طبيعي ومنع تجاوزات الصحف أو غيرها عبر الآليات والأجهزة المختصة والمعنية بذلك أو تستمر في التمسك باللجوء إلى الإجراءات الاستثنائية غير آبهة بما تعنيه تلك الإجراءات حتى ولو تسببت في نسف كل الخطوات التي تمت وكل الاختراقات التي حدثت..

يجب أن يدار نقاش وطني شفاف وحوار واسع مع متخذي القرار لوضع الأمور في نصابها الصحيح وتفادي تضييع ما تحت اليد من مكاسب وطنية وسياسية..

شوكة كرامة:

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]