هذا حيوان وليس إنسانا
وخلال الأشهر السبعة التي تلت ذلك، ظل الطفل يتعرض لشتى صنوف الإيذاء الجسدي والعنف ويدخل المستشفيات ويخرج، وقد تابعت حالته مع الصحفي الذي كتب التقرير وعلمت أنه واسمه س. ع. ب مازال يرقد طريح الفراش في مستشفى جامعي، وهو يعاني من تشوهات خارجية (وهذه أهون أشكال معاناته)، وقد أظهرت الأشعة المقطعية حدوث تقلص في حجم دماغه نتيجة التعرض للضرب المتواصل في الرأس، فكان من الطبيعي ان يصاب بشلل تام وتصلب تام في الأطراف، يعني إعاقة تامة.
ومعنى هذا ان الطفل حي كميّت، ولا أمل في معجزة طبية تصحح الخلل الجسيم في وظائف اعضاء جسمه الحيوية، بعد تعطل الدماغ، وبالتحديد الخلايا المسؤولة عن الحركة والحواس، وليس مستغربا أن والده يرفض التعامل معه، أو مجرد زيارته، ليس لأنه يحس بالذنب، بل تهربا من تحمل نفقات المستشفى. وفي الأيام الأولى للزومه سرير المستشفى الجامعي رافقته أخته لبضعة أيام ثم اختفت.
معليش، تحملوا المزيد من هذه القصة والتي أورد تفاصيلها حرفيا نقلا عن تقرير الصحيفة التي مازلت احتفظ بالقصاصة التي تحوي مأساة الطفل المجني عليه من قبل والده: قبل ان تختفي من المستشفى قالت اخت الطفل الضحية انه لأمّ إندونيسية، وما حدث هو أنها نقلته الى المستشفى عندما اعتدى عليه الأب وهو ابن ستة أشهر، وما كان للأب «الشهم» أن يسكت عن تصرف مشين كذلك فقام بـ«ترحيلها» خارج البلاد!! هل فهمت؟ قام بتفنيش الزوجة وإبعادها مما يرجح انها دخلت البلاد بتأشيرة خادمة وعملت عند الرجل وتزوجها ولكن ما ان أنجبت (والاستنتاج هذا من عندي) حتى شعر «بالعار»: وش يقول الناس عني؟ جبت ولد من خدامة؟ (مما يعني انه تزوج بها سرّا للمتعة فقط ولم يكن مهيأ لتحمل ما يترتب على الزواج من مسؤوليات وانجاب، أي قضى منها وطرا ثم عافها واستعر منها)، وهكذا بدأ يفش غله في الطفل المسكين الذي أفسد عليه متعة الاقتران بالزوجة الخادمة! ما لم تقله الصحيفة في تقريرها ووددت ان تفعله في تقرير لاحق هو تقصي ما إذا كان هذا الأب قد تعرض لأي نوع من المساءلة! هل أبلغت عنه المستشفيات التي عالجت الطفل؟ هل واجه تهمة الشروع في القتل؟
إذا كان الرجل الذي لا يستحق الانتماء الى جنس البشر حرّا طليقا فإنني أتمنى أن يتبنى مجموعة من الخيّرين، وما أكثرهم، قضية هذا الولد بهدف الاقتصاص من والده المزعوم من خلال القضاء.. وبالمناسبة فأمثال هذا الوغد كثيرون، وهناك مئات الآلاف من الأطفال الذين يتعرضون لشتى صنوف التعذيب.. وهناك حاجة الى جمعيات لحماية الطفولة، ولكن ليس بمعنى ان يكون لها مكاتب وتعقد المؤتمرات التي يشارك فيها الكلامنجية، بل من النوع الذي يخصص خطوطا هاتفية ساخنة ويشجع الأطفال الذين يتعرضون للتعذيب للتبليغ عن معاناتهم حتى يتسنى تقصي صدقيتها والتدخل السريع بمساعدة الجهات الرسمية لإنقاذهم ومساءلة معذبيهم.. وصولا الى إقناع القضاء بعدم أهلية من يعذبون أطفالهم برعايتهم والوصاية عليهم.
jafabbas19@gmail.com [/JUSTIFY]