كأس العالم 2010

لندن قلقة من أعمال شغب بعد هزيمة الجزائر أو إنجلترا

يتوقع متطيّرون من البريطانيين حدوث توترات ليلة اليوم 18- 6- 2010 في بعض أحياء لندن بشكل خاص، إذا ما فاز المنتخب الجزائري على الانجليزي، أو العكس، لأن لمشجعي المنتخبين ماض في التعبير عن النصر أو الهزيمة يثير قلق القائمين على الأمن في أي بلد، خصوصاً في دولة حملتها هواجسها الأمنية على تثبيت أكثر من 5 ملايين كاميرا مراقبة تسترق البصر على سكانها، وأكثر من نصفها منتشر في لندن المكتظة بأكثر من 9 ملايين نسمة.
منذ أسبوعين مثلاً، وتماماً يوم الأحد قبل الماضي، شهدت حديقة “هايد بارك” الواقعة على بعد تسديدة كروية من “ادجوار رود” المعروف بحي العرب في لندن، تظاهرة ضمت أكثر من 2000 مشجع جزائري، ممن جاؤوا كأفراد وعائلات للمشاركة في “لقاء مفتوح” دعا اليه “مجلس الجالية الجزائرية في المملكة المتحدة وإيرلندا” الذي تأسس قبل 7 أشهر ليرعى شؤون أكثر من 15 ألف جزائري يقيمون في بريطانيا، ومعظمهم في شمال لندن، كما وفي حي “فينسبوري بارك” الوقع في شرقها، حيث محال الجزائريين بالعشرات وبعضها يحمل أسماء مدن وأحياء في الجزائر تدل على هوية أصحابها بوضوح.

وكان لقاء “الهايد بارك” قبل أسبوع من مباراة “الخضر” الأحد الماضي في المونديال مع منتخب سلوفينيا الذي فاز بهدف نظيف، أي لم يكن الهوس الكروي سيطر على النفوس بعد. مع ذلك علت في الحديقة الشهيرة هتافات باللغات الحية، عربية وفرنسية وإنجليزية، عكست الكثير مما في النفوس المشجعة لمنتخب الجزائر الملقب أيضاً باسم “الأفناك” وهي ثعالب الصحراء الصغيرة. أما المشجعون البريطانيون فحائزون على شهادات في العنف إذا ما خسروا تضعهم في مقدمة المسببين للشغب بين المشجعين على مستوى العالم.

مئات من الجزائريين والجزائريات جاؤوا من إنجلترا وإسكتلندا وإيرلندا الى فضاء مفتوح في الحديقة الشهيرة، حاملين أعلام الجزائر أو مرتدين ثياباً بألوانها، وراحوا يغنون ويهزجون ويرددون هتافات مناصرة للمنتخب ولاعبيه، ومنها “عليك يا الخضرا نديرو حالة” أو “معاك يا الخضرا معاك يا دزاير” أو بالفرنسية والانجليزية معا: “وان تو تري فيفا لالجيري”. وكله على مسمع من آلاف البريطانيين كانوا هناك.
واحتدم هذا المناخ الحماسي أكثر منذ أمس، وبالذات في “ادجوار رود” القريب من حيث أقيم، وأيضاً في “فيسبوري بارك” حيث يشهد الزائر المقاهي الجزائرية ومحال القصابين والجزارين بائعي اللحوم وكذلك محال البقالة والسمانة وقد امتلأت بالشعارات والألوان والأعلام الجزائرية، الى درجة أن عاملاً في أحد المقاهي كان يبيعها للمارة، وأنا كنت منهم، بخمس جنيهات وهي التي تساوي 4 أضعاف هذا السعر على الأقل، فسألته: “إنها رخيصة. من أين تأتي بها؟”. فاستغرب أني لم أفهم بعض جوابه باللهجة الجزائرية، وقال: “أنت مصري؟”. ولما أخبرته بأني لبناني قال بالانجليزية وهو يقدم لي علماً: “إنه هدية مجانية، خذه خذه”.

ثم أخبرني خالد بأن المقهى الذي يعمل فيه محجوز بالكامل من الرابعة بعد ظهر اليوم، أي قبل 3 ساعات ونصف الساعة بتوقيت لندن من المباراة مع المنتخب الانجليزي في مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا. وقال ان بعض القصابين (بائعي اللحوم) سيذبح الخراف على شرف المنتخب الجزائري ونجومه اذا ما فاز الليلة، مع أن ذبحها خارج المسالخ ممنوع كيفما كان في لندن.

وحالة التأهب الأمني هي قصوى اليوم في لندن لسبب آخر أيضاً، هو وجود الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته في المدينة منذ أمس، فقد وصل ليزور مقر إذاعة “بي. بي. سي” للاحتفال فيها بمرور 70 سنة على نداء غير وجهة الحرب العالمية الثانية ووجهه من أحد مكروفوناتها الجنرال الفرنسي الراحل شارل ديغول.

وكان ديغول استطاع الخروج يوم 17 يونيو (حزيران) 1940 من فرنسا التي احتل النازيون معظمها، ومعه باريس في الحرب العالمية الثانية، ليمضي في ليلة اليوم التالي الى “بي. بي. سي” ويوجه عبرها نداء مؤثراً للفرنسيين بالمقاومة وعدم الاستسلام للمحتل وأن يواصلوا قتاله بكل سلاح ممكن. كما سيزور ساركوزي مقراً شغله ديغول، الرئيس السابق لفرنسا الحرة من 1940 الى حين تحرير باريس في 1943 من النازيين، وهو مقر يشغله حالياً مكتب للمحاماة.

كل هذا وسط أجواء من الهوس الكروي تخيم على كل شبر في لندن التي تعرفت أمس الى ببغاء دخل على الخط كمشجع بامتياز لمنتخب انجلترا، وهو طائر عمره 15 سنة واسمه بنجي، وقد دربه صاحبه ستيفن بوريللي على هتافات للتشجيع، كصراخه باسم انجلترا وبكلمة “غول” عند تسجيل المنتخب لهدف في شباك الخصم، أو ليهتف باسم نجم الكرة الانجليزي واين روني، أو ليلفظ عبارات كاملة عن انجلترا ومنتخبها، فراحت معظم المحطات البريطانية تعرضه على شاشتها طوال ليلة أمس كمحرض أكبر على هزيمة “الخضر” وكتبت عنه معظم صحف بريطانيا في أعدادها اليوم، فصبّ بنجي الكثير من زيت الحماس على مناخ كروي مستعر بمشجعين خطرين في الحالتين: إن فاز منتخبهم مصيبة، وإن مُني بالهزيمة فإن المصيبة أعظم.

العربية نت