الطاهر ساتي

فلتكن المخالب .. للوطن وليس للوطني ..!!

[ALIGN=CENTER]فلتكن المخالب .. للوطن وليس للوطني ..!! [/ALIGN] ** مسودة قانون الأمن التي في بعض نصوصها يتجادل المؤتمر والحركة منذ عام ونيف ، يجب أن تذهب إلي البرلمان وتجاز بحيث يصبح قانونا لأمن البلد ، وليس أمن الشريكين ..وليس من العقل أن يختزل قانون كهذا في أهواء حزب أو أجندة حركة..وأمن البلد – يا عالم – يجب ألايدخل في حلبة الصراع الحزبي حول مقاعد السلطة ، وروح قانونه ما لم تميز وتفرق مصالح الوطن عن أجندة الحزب – أوالحركة – فإنها تصبح وبالا على الوطن والمواطن ..وليس في الشأن الأمني فحسب ، بل أس البلاء في هذا البلد الحبيب هو أن قواه السياسية درجت – عند مناقشة قضايا العامة وإتخاذ القرار فيها – على عدم التفريق بين ( نزوات ساستها ) و ( آمال العامة ) ..!!
** وليس في الأمر عجب بأن الذين يتباكون على حل جهاز أمن البلد عقب إنتفاضة إبريل ، هم ذاتهم الذين أصدروا قرار الحل تحت شعار ( كنس آثار مايو ) ..عقولهم لم تحدثهم يومئذ بأن جهاز الأمن يجب أن يبقى ركنا من أركان الدولة السودانية ، ولكن أنفسهم – ثم أجندة أحزابهم – خدعتهم بأن جهاز أمن البلد ليس إلا بأمن للنميري ويجب كنسه ، وكنسوه سريعا ، ثم أصبحوا على ما فعلوا نادمين إلي يومنا هذا ..والمدهش هو : أن الكل يبكي على حل ذاك الجهاز وكذلك الكل يتبرأ من قرار الحل .. وطبعا لهم حق تبرئة أنفسهم تحت مادة ( الشينة منكورة ) ..وما حدث لجهاز أمن البلد عقب جلاء حكومة نميري – وماترتب على ذاك التفكيك – يجب أن يظل درسا للقوى السياسية ، بحيث تتعلم بأن ما للوطن للوطن وما للحزب للحزب ..!!
** ونيفاشا لم تخطئ فقط في كيفية إدارة إستثمار الأرض وهذا ما قاله نائب رئيس الجمهورية ، ولكنها أخطأت أيضا في وضع نص يظهر جهاز الأمن الوطني والمخابرات في المرحلة القادمة بمظهر السجل المدني ..هذا ليس منطقيا في عالم اليوم الذي تخلت فيه حتى أمريكا عن المثاليات عقب دك البرجين الشهيرين ، وأطلقت يد كل مؤسساتها النظامية – أمنا وجيشا وبوليسا – لمكافحة الإرهاب بكل الوسائل ، المشروعة منها وغير المشروعة ( غزو العراق والصومال وأفغانستان و قصف الشفاء وسجن ابوغريب .. نماذجا ) ..هكذا تخلت كل أجهزة الدولة الامريكية عن المثاليات ، وإستبدلتها بالمخالب ..وكذلك بريطانيا وكل الدول المسماة بالمتحضرة ، توصلت أجهزتها الأمنية إلي قناعة مفادها : الحكمة في زمن الجنون ، نوع من الغباء ..وذلك لحماية ( أوطانها وشعوبها ) ..أكرر ( أوطانها وشعوبها ) ..!!
** فلندع نص نيفاشا المراد به تحويل جهاز الأمن إلي مكتب إحصاء فقط لاغير .. دع هذا النص على الورق ، وحدق مليا في واقع البلد ، جنوبا وشمالا ..في الجنوب ، الجهة التي تحكم وتتحكم على الأحداث وتفرض الأمن الداخلي بقوة السلاح لا بقوة القانون ، ليست هي عدة الشرطة ولا عتاد جهاز الأمن ، بل هي قوة الإستخبارات التابعة لجيش الجنوب..دستوريا ليس لجيش الحركة – وإستخباراته – حق المشاركة في عمليات الأمن الداخلي بالجنوب ، ولكن واقع الحال بالجنوب يفوق عدة الشرطة وعتاد الأمن و يستدعي مشاركة الجيش ، فهل نذهب عقولنا ونطالب الحركة بعدم خرق الدستور حتى ولو إحترق الجنوب وتطاحنت كل قبائله فيما بينها ..؟..الإجابة تعكس لك بأن تحقيق الطموح ليس هو تجاوز الواقع قفزا ، بل هو معايشة هذا الواقع والإعتراف به ثم العمل على تغييره بخطوة تلو خطوة ، حسب معطيات المرحلة ..وتلك الخطى هي التي عجزت عنها تلك العقول التي حلت ( جهاز أمن نميري ) .. نعم تلك العقول قفزت فوق المراحل ، فوجدت نفسها في ( القاهرة وأسمرا ) .. فلاتعيدوا إنتاج التجارب التي لا تثمر غير الأزمات والكوارث ..!!
** وعليه ، واقع الحال في البلد يتطلب تجاوز التحزب الأعمى وحب السلطة الفانية ، والعمل سويا على بناء مؤسسات دولة قوية وفاعلة ، أمنا كان أو جيشا أوشرطة أوقضاء أو خدمة مدنية ..تلك هي أركان الدولة التي إذا ضعفت ، ضعفت الدولة وتبعثرت .. ولهذا يجب أن يجاز قانون الأمن بحيث يؤسس – للوطن وليس للمؤتمر الوطني – أجهزة أمنية ذات مخالب ، بشرط أن تستخدم مخالبها لحماية الوطن وليس ( الحزب ) ..أي حزب ، حاكما كان أومعارضا ..!!

إليكم – الصحافة الثلاثاء 20/10/2009 العدد 5862
tahersati@hotmail.com