الطاهر ساتي
الاستثمار .. (خطوات تنظيم )..!!
** وليس من العدل أن نحكم في قضية كتلك بحيث نعاتب المواطنين لتعطيلهم عجلة الاستثمار في البلد أو نلوم المستثمر العربي لانتزاعه أراضى المواطنين بغير رضاهم ، فالعتاب أو اللوم يجب ألا يوجه لهذا الطرف أوذاك ، خاصة أن أحمد بهجت لم يحتل أرضهم بالجيش المصري ولا المواطنين تنازلوا له ثم تراجعوا عن تنازلهم ، ولذا هناك طرف ثالث في القضية هو : السبب .. بل هو ( أس البلاء ) ..وهو : سوء النهج الراسخ في دهاليز حكومة الجزيرة ، بحيث يعجز عن إدارة أرض البلد بطرائق تفكير تجذب الاستثمار المفيد ولاتضر بحقوق المواطنين..تلك هي المعادلة المفقودة ، ليس في هذه لقضية فحسب ، بل في كل القضايا التي أطرافها المتشاكسة هى ( المستثمرون والمواطنون ) ..وما أكثرها ، وما صراع أحمد بهجت وبعض أهل الباقير إلا نموذج فقط لاغير..والقاسم المشترك القبيح في كل تلك القضايا هو أن الحكومات الولائية تنتهي أدوارها بمجرد استلامها قيمة الأرض من المستثمرين ، بحيث تسحب ذاتها تاركة المستثمر و المواطن في بحر الصراع ، وكأن لسان حالها ( أنا استلمت قروشي وخلاص ..إمشوا اتصارعو بعيد ) .. !!
** هذا النهج المعوج لم يجلب الضرر لبعض المواطنين فحسب ، بل جلب السمعة السيئة لكل أنواع الاستثمار بالبلد ، ولهذا صار مجال الاستثمار في السودان إما طاردا ومنفرا – كما وصفه نائب رئيس الجمهورية في الأسبوع الفائت – أو محفوفا بالتوجس من المحاكم وغضب المواطنين كما حال أحمد بهجت وآخرين، بنهر النيل مشاريعهم لم تبارح محطة المحاكم بعد ..بالله عليكم في أى بلد في العالم يبدأ المستثمر إستثماره بقاعات المحاكم ..؟.. وفي أي بلد في العالم تتعطل المشاريع الاستثمارية أعواما بأوامر قضائية ، بعد أن تصادق عليها الحكومة التي مؤسساتها التشريعية هي التي شرعت وصاغت تلك النصوص القضائية ..؟..وفي أي بلد من العالم تداهم عربات الشرطة مواقع الاستثمار بأوامر الإيقاف ..؟.. أليس معيبا أن يستلم المستثمر شهادة بحث أرض – خالية من الموانع – من حكومة البلد ، ثم يكتشف تحت وطأة المحاكم – وأوامر الإيقاف – بأن تلك الأرض ضاجة بالموانع ، وأن إزالة موانعها تكلفك من المال والوقت ما يرغمك على ( الندم والفرار ) ..؟..هكذا حال الذين تحدثهم أنفسهم بالاستمار في أرض بلادنا ، وما كان حديث نائب الرئيس إلا حديث خير العارفين بهذا الحال البائس الذي مرده : النهج الولائي غير المسؤول في إدارة ..( ملف الأراضي ) .. !!
** أما وزارة الاستثمار ، فهي لم تعد إلا جهة حالمة ذات قانون رومانسي يجذب المستثمر ، ولكن لاشأن لها بمرحلة مابعد الجذب ..ومع ذلك هي أحسن حالا من وزارة التجارة الخارجية التي قال وزيرها قبل نصف عام : وزارتي شلعوها ..فبعيدا عن هذه المشلعة وتلك الحالمة – أو قريبا منهما – مطلوب حزمة قوانين تجمع مهام مؤسسات الدولة – الاتحادية والولائية – في جهاز مركزي يدير أمر الاستثمار وفق خارطة استثمارية واضحة المعالم والقوانين .. فالاستثمار لايتطور في..( الجزر المعزولة ) ..!!
إليكم – الصحافة الخميس 22/10/2009 العدد 5863
tahersati@hotmail.com