الطاهر ساتي
ضد تيار التوجس ..البلد بخير …(1)
وهي التوقيعات : الدولية ..والمجتمع الدولي – اسم الدلع لأمريكا وإمعاتها الغربية – يختلف عن المجتمع المحلي في مسألة المواعيد ، خاصة كانت أو عامة ..هنا نخلف ، نهمل ، ننسى ، نتناسى أونتجاهل المواعيد – مواطنا وحكومة ومعارضة – ونتعذر بعذر أقبح من الذنب فحواه : إنها مواعيد سودانية .. ولكن هناك الأمر مختلف يا أحفاد عرقوب ، حيث إن الموعد هو الموعد، وهيهات لجهة دولية موقعة على نيفاشا أن تنسى أو تتناسى موعد الانتخابات السودانية، أو تحرض على تأجيلها أوتعطيلها ..والذين يسعون هنا لتعطيل أو تأجيل هذا الموعد – تارة تصريحا بالبيانات وأخرى تلميحا بالمسيرات – قد لايعلمون بأن الموعد الدولي ، في أي زمان و أي مكان ، غير قابل للتأجيل ، وما يحدث من سعي لذلك غير مسموع عندهم هناك ، أي بلغتهم : ( Game over ) ..!!
** وكذلك لاتتوجس .. فالتحول الديمقراطي في هذا السودان الحبيب يجب أن يتم سلميا ، وهذا ليس فقط بحديث لكلنتون نقلا عن رغبة أوباما كما جاء بأنباء صحف ووكالات أول البارحة .. أكرر لهواة العنف – حكومة كان أومعارضة – بأن التحول السلمي نحو الديمقراطية ليس حديثا أو نهجا سياسيا لأمريكا فقط ، بل إن واقع الحال الاقتصادي – بأمريكا و العالم – غير مستعد لتمويل حروب العالم الثالث كما كان يفعل دائما ، إنها إحدي ثمار الأزمة المالية العالمية على دول العالم الثالث ..نعم تأثرت بها اقتصاديا ، ولكنها حقنت دماء شعوبها إلى حد ما ، ولاتزال تحقن ، والصومال نموذج، وكذلك العراق وكذلك الطريق إلى يورانيوم إيران لم يعد مفروشا بالتهديد كما كان قبل نظام أوباما والأزمة المالية ، بل بالحوار ..ثم لماذا ماتت أزمة دارفور فجأة في وسائل الإعلام العالمية وحلت محلها مناشدات ورجاءات والتزامات صناع الدوحة ومفاوضات السلام المرتقبة وهي – بعبد الواحد أو بدونه – الحلقة الأخيرة في مسلسل ( الأزمة ) ..؟..في ظل الإنهيار العالمي ليس من العقل أن تراهن أية جهة هنا – حكومية كانت أو معارضة أو ماسكة العصاية من النص كما الحركة – بأن عنفها سيجد دعما عالميا أو إقليميا .. موازنة أنظمة الدنيا والعالمين نصفها عاجزة والنصف الآخر تترقب العجز ، فكيف لها بأن تمول حروبات جنرالاتنا ..؟.. والرد على أي طلب لتجهيز العدة والعتاد سيكون بلغتهم : ( No money ) ..!!
** ثم الشعب ..هذا الشعب الذي تتحدث باسمه القوى السياسية ، الحاكمة والمعارضة و(المجهجة في النص زي الحركة ) ..لقد سئم الحرب بكل أشكالها ، سياسية كانت أوعقائدية أوعرقية ، ولن يقاتل لصالح أية جهة مهما كان علو زعامتها أو سمو قامتها ، ومهما كان نوع خطابها .. لقد دعم من دعم ، وقاتل من قاتل ، ومات من مات ، وجرح من جرح في زمن اللا وعي الذي ينقص عن نصف القرن قليلا ، تارة تحت راية الوطنية وشعاراتها وأخرى تحت راية العقيدة وهتافاتها ، وأخيرا تحت راية الأعراق وقبائلها ، أوهكذا ظل شعبنا يشرب كؤوس الحرب حتى ارتوى منها ..وغافل من يظن أن مسلسل خداع البسطاء ودفنهم – بالجملة والقطاعي – لم يكتمل بعد في مقابر السياسة السودانية .. لقد اكتمل بحيث إن الطفل في مهد أمه صار يدرك بأنه حين يقاتل لايقاتل في سبيل ديمقراطية مهدرة ولا عقيدة منتهكة ولا سودان جديد ولا سودان قديم ، ولا يحزنون ، بل يقاتل في سبيل الزعماء وقواهم السياسية المحتكرة ، حاكمة كانت أومعارضة ..هكذا استوعب الوعي العام كل الدروس والتجارب ، واتفق على نبذ العنف أيا كان مصدره ، ولكن دون التنازل عن حقوق الحياة الأساسية التي هي بمثابة أركان السياسة الراشدة ، أي الديمقراطية والعدالة والمساواة و السيادة والحرية وغيرها من شعارات القوى السياسية ( الحاكمة والمعارضة ) ..نعم ، كل من يسرت له سبل الحياة بأن يفك الحرف ويعرف الواو الضكر يعلم بأنها مجرد شعارات – ساكت – على سواري القوى السياسية ، ولأنها كذلك ، لن تقاتل تحت مظلتها بالسلاح الناري – وليس السلمي – إلا ( القلة المتحزبة هناك والمنتفعة هنا ) ..ولذلك حين يقول قائل – قد يكون حاكما متوجسا من فقدان كرسيه أو معارضا يائسا من الوصول إليه – حين يقول بأن الشعب يمر بمنعطف خطير ، يرد عليه لسان حال وواقع الشعب بمنتهى اللامبالاة : لا يا أخوي ، إنت براك الماري بمنعطف خير .. !!
** و .. غدا نواصل بإذن الله ..
إليكم – الصحافة الاحد 13/12/2009 العدد 5916
tahersati@hotmail.com