حوارات ولقاءات

د. نافع: رفض ترسيم الحدود (نية مبيتة) لافتعال حرب مع الشمال

د. نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني، مساعد رئيس الجمهورية، سياسيٌّ من العيار الثقيل، ظلّت تصريحاته تحدّد أجندة مجالس السياسة وتثير جدلاً واسعاً ربما لخطورة وحساسية الملفات التي يتعامل معها الرجل واتساع مساحة تحركاته داخل المؤتمر الوطني والجهاز التنفيذي.
تصريحات د. نافع دائماً ما تتناول أكثر القضايا تعقيداً بصراحة تفوق المعدل الذي يتعامل به السياسيون كثيراً، وللدكتور نافع قاموس سياسي يتفق الناس أو يختلفون عليه، ولكنه يتسم بالوضوح والقوة.

القضايا الكبيرة التي تُواجه السودان في ملفات الاستفتاء وهواجس الوحدة والانفصال والعلاقات مع الحركة والقوى السياسية الأخرى وقضايا دارفور وأبيي والموضوعات ذات الصلة كانت محاورنا التي طرحناها على د. نافع في هذا الحوار الشامل الذي تعامل معه الرجل بوضوحه المعهود.
د. نافع كان في جولة خارج السودان، ظلّ صامتاً يراقب الأمور من على البُعد.. وبعد جهدٍ جهيدٍ التقيناه صباح الجمعة الماضية بمكتبه بالقصر الجمهوري، وقد أحسن استقبالنا كعادة أهل السودان الطيبين وأمتعنا بحديث شامل وأجوبة موضوعية ومنطقية ومُقنعة.. كانت فرصة طيِّبة قدم فيها رجل الإنقاذ القوي كل ما هو مطلوب منه في هذه المرحلة التي يُواجه فيها السودان تحديات عديدة تهدده بمخاطر جَمّة فإلى مضابط الحوار….
….
* بالنسبة للواقع السياسي اليوم.. السودان (يكون أو لا يكون).. السودان يسير (نحو الهاوية).. السودان في طريقه إلى التفتت إلى دويلات.. السودان دولة فاشلة.. وكثير من الآراء والتحليلات التي تنال من هذا البلد الشامخ.. يطلقها بعض الساسة ومن نطلق عليهم النخبة.. نريد قراءة من د. نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني، أحد الذين يمسكون بدفة سفينة السودان، للمشهد السياسي العام.. وماذا هناك؟

– أولاً أنا سعيد بهذه الفرصة، وإن شاء اللّه تكون إطلالة طيِّبة على قُراء «الرأي العام» وقُراء الصحافة بصفة عامة، وأقول إنّ السودان يواجه تحديات ولكنه هو الذي اختار هذا التحدي، فالإنقاذ هي التي وضعت السودان في مسار التحدي وهي سعيدة بذلك (لأن الذي يهاب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر)، الذي يَهاب التحديات، وأن يواجه الصعاب في سبيل الحق هو الذي يركن إلى الخلو ويصعد عنه الآخرون، وأقول إنّ هذا نتاج طبيعي لمسار السودان الذي اختطه في أن يكون سيد نفسه وصاحب طعمه ولونه ورائحته، وصاحب القرار في أن يؤسس علاقاته الخارجية كلها على الإحترام والمنافع المتبادلة، ومن البديهي والطبيعي أن هذا لن تقبل به قوى الاستعمار، وحاربت السودان من أول يوم، والذي يقول إن السودان الآن في هاوية أنا أذكّره بأنه وحتى الذين يحاربوننا الآن، حاربونا والسودان على حالته القديمة التي يعرفها كل الناس من ضنك العيش ومن هوانه على الآخرين.. وأنا أعتقد أن مسيرة الحكم بعد ثورة الإنقاذ هي مسيرة عامرة بالإنجاز وأكبر إنجاز فيها هو هذا الصمود وتحقيق الذات.. فإذا كان الحديث عن الهاوية هو من باب الحديث عن الجنوب، فالكل يعلم أن قضية الجنوب موروثة وسبب توريثنا لها من بعد الإنجليز هو ضعف وهوان الحكومات الوطنية التي استلمت الحكم بعد الاستقلال، وعجزها عن اتخاذ القرار المعروف وإجهاضها لقانون الحكم الإقليمي في الجنوب وفشلها في أن تستوعب تطلعات الجنوبيين، ويحمد للإنقاذ أنّها أقدمت على حل قضية الجنوب حلاً جذرياً بأن ترتب لفترة إنتقالية بترتيبات معقولة في قسمة السلطة والثروة، ثم ترتب لاستفتاء حُر لأبناء وبنات الجنوب في نهاية الفترة الإنتقالية ليقرروا أن يبقوا جزءاً من السودان أو ينفصلوا عنه، وكان هدف الحكومة أن تكون الفترة الإنتقالية كبيرة حتى تتيح فرصة لشيئين، الشئ الأساسي – في تقديري – كان هو أن تتيح فرصة للجنوبيين كلهم أن يقتنعوا بأن السودان اليوم ليس هو السودان الذي تعرّفوا عليه، وهو سودان تقوم فيه المصالح على أساس المواطنة والإحترام المتبادل وليس فيه عُقدة استعلاء ولا عُقدة اضطهاد، وكانت هذه فترة انتقالية كفيلة بأن تحقق فيها نقلة نوعية تصحح العلاقة والنظرة بين الشمال والجنوب، والشئ الآخر هو أن تتم في هذه الفترة إنجازات حقيقية يتذوّق الجنوبيون طعمها في التنمية والخدمات، لكن – حقيقة – هذا أجهض بسبب سلوك الحركة الشعبية المعروف، بل خوْفها من أن يحدث ذلك، ومن أن يحدث تحول جوهري في العلاقة بين المواطن الشمالي والجنوبي، وخوْفها من أن تحدث الفترة الانتقالية نقلة في الخدمات والتنمية فتفسد عليها بعض أحلامها بالسودان الجديد، الذي هو في الحقيقة فكرة استعمار السودان كله أو تحرير السودان كله – إن شئت – بدلاً عن تقويم العلاقة بين الشمال والجنوب.
* اتفاقية السلام بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية تُعتبر إنجازاً ونقطة تحول تاريخية في وضع حدٍّ لحرب دامت أكثر من نصف قرن.. هل ترون أنها لَبّت أشواق كل قطاعات الشعب السوداني؟
– أنا – حقيقة – أؤمن على قولك بأن اتفاقية السلام إنجاز تاريخي لأنّه هدف لإيقاف الحرب نهائياً ومن بعده، إلى أن يحدث خلال فترة وقف الحرب ما يضمن للسودان وحدته، وإن كانت الإشارة إلى أنها لم تُلبِ طموح كل السودانيين لما رأوا فيها من شئ من التنازل للجنوب، فأنا أعتقد أن القصد من ذلك كان تأمين وحدة السودان، ولذلك أنا أعتقد أنها كما قلت، أما إذا كان التطبيق لم يَأتِ كما نشتهي جميعاً، فأنا قلت ذلك، وذكرت أن الحركة الشعبية أفسدت قطف ثمار إتفاقية السلام من بعد التحقيق، وكان يُمكن أن تقود إلى وطن موحّد وقوي وناهض ومستقل تماماً من التدخلات الخارجية، ولكن ارتباط الحركة، أو بشئ من الدقة، إرتباط بعض قادة الحركة بأهدافهم الشخصية أو أهداف الآخرين هو الذي حال دون تحقيق المرجو من اتفاقية السلام.
* الحديث عن ضيق الفترة الإنتقالية هل يستبطن قلقاً من مآلات الإستفتاء، خاصةً وانّ الحركة الشعبية تتحدث عن أن المؤتمر الوطني قصر في جعل الوحدة جاذبة؟
– لا.. هذه أشياء مُتداخلة.. أنا لم أقل أن الفترة الإنتقالية ضيِّقة، وإنما قلت قصدنا أن تكون الفترة الإنتقالية أطول من ذلك لتتيح وقتاً للتنمية والخدمات ولزمن من التعايش، لكن السنوات الست للفترة الإنتقالية كانت كافية جداً في أن تحقق هذا الهدف لو أننا استثمرناها الاستثمار الأمثل، أما وقد أثرت نقطة جميلة وهي محبوبة بالنسبة إليّ وأشعر بأنها غير معلومة وهي الحديث عن الوحدة الجاذبة، فالذين يَتحدّثون عن الوحدة الجاذبة يقصدون غير ما يقولون وهي كلمة حق أُريد بها باطل مائة بالمائة، فالوحدة الجاذبة عند البعض ممن يتحدّثون من قيادات الحركة الشعبية هي تعني أن تستولي الحركة على الشمال وأن تنفذ برنامج السودان الحديث، ومدخلهم إلى ذلك هي أن يلغي السودان كل هويته وتَوجّهه الفكري والحضاري وتنوعه الثقافي ويؤمن بثقافة هذه القلة التي تستوردها من خارج حدود السودان، وهذا لا يجعل الوحدة جاذبةً، وإنّما يجعل السودان كله ضائعاً شماله وجنوبه، الوحدة ووجود السودان الشمالي والجنوبي لا بد أن يؤسّس على كيانه وقيمه وموروثاته والاستقلال النفسي والفكري واستقلال الإرادة.
* لذلك قلت إن وحدة جون قرنق أفضل منها انفصال باقان؟
– الحقيقة أنا قلتها – وهذه فرصة لأكرِّرها -، فأنا قلت ذلك في حديث شبه خاص وكان بعيداً عن الإعلام وكان يجب أن يراعى فيه ذلك، لكن هذا ما قلت، وذكرت ذلك في مصر والسبب الذي جعلني أقول إنني شعرت أن هنالك كثيراً من عدم الاستيعاب والإدراك الكامل للوحدة التي كانت تدعو لها الحركة الشعبية، فهي كانت تدعو إلى وحدة السودان أو هي تحرير السودان، والتحرير يعني من الاستعمار، وانّه يجب أن يخرج المستعمر سواء كان عرقياً أو فكرياً، وقطعاً إذا قدّر لأهل السودان أن يختاروا بين أن يخرجوا من السودان جميعاً أو ينفصل عنهم الجنوب لاختاروا انفصال الجنوب.
* كثير من الخبراء والمحللين السياسيين يتساءلون، حول ان كثيراً من قيادات المؤتمر الوطني والحكومة يتحدثون عن أن الانفصال بعيدٌ والوحدة قريبة.. على ماذا يُراهنون بعد أن بدأ البعض يعتقد أن الجنوب ذهب وأصبحت خريطة السودان مثل رجل بلا قدمين.. هذا محزن جداً؟
– أنا أبدأ من حيث انتهيت.. كون أن ينفصل الجنوب فهذا شَئٌ مُحزنٌ جداً – حَقيقةً -، نحن موقفنا استراتيجي من وحدة السودان ابتداءً من ألاّ تخصم هذه الخارطة التي ورثناها ونود أن نورثها للأجيال قطعة واحدة، لكن تداعيات قضية الجنوب من أكثر من نصف قرن كما بدأت بحديثك واتفاق القوى السياسية كلها، وقد سبقتنا إلى ذلك قوى المعارضة كلها في مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرا 1995م قبل اتفاقية السلام بإثبات حق تقرير المصير، والحديث عن تَقرير المصير يعني تلقائياً قبول أهل السودان بأنّه بعد كل هذا الزمن وبعد كل ما يمكن أن نفعله في أيّة فترة انتقالية من ترتيبات لا بد من أن نقبل أن يعيش معنا الجنوبيون بسلامٍ أو انه ليس هناك مكان للعيش ولن يظل السودان، لأنه – وكما سمعت اليوم من أحد الناس – أن ميزانية السودان ظلت منذ الاستقلال ميزانية حرب لا نَعم الشمال ولا نَعم الجنوب، وكان الهدف هو أن يحدث تحول أساسي في أهل الشمال وأهل الجنوب ليؤمنوا بأن الوحدة شئ واحد، وهذا ما حاولت أن تفعله الإنقاذ. أما حديثك حول أنه ظل كثير من قادة الإنقاذ يتحدثون عن الوحدة وكأنها شئ مضمون – أنا إن جاز لي أن أقول – إن هذا ظل إلى وقت قريب جداً طرحاً وقناعة عند عددٍ مقدّرٍ من الناس وليس عند كل الناس، ويجب أن نفرّق بين أن الوحدة لدى كل قادة المؤتمر الوطني وقاعدته هي واجب وضرورة وأساس، وبين أنها يمكن أن تتحقّق أو لا، فهذان شيئان مختلفان، فليس كل ما يطلب ينال، لكن كانت هنالك قيادات مقدّرة وكبيرة تؤمن بأنّ الوحدة مُمكنة ومُتاحة، وربما كلما تقدم الزمن وأفصحت الحركة الشعبية عن نواياها كما فعلت في نيويورك وما بعد نيويورك، قاد لقناعة كبيرة أو شبه إجماع الآن في المؤتمر الوطني بأنّ فرصة الوحدة أقل بكثير جداً من فرصة الانفصال، لكن هذا لن يفت من عضد المؤتمر الوطني أن يسعى للوحدة ليلاً ونهاراً بكل ما أُوتي من قوة، ويأمل أن يكون هذا التقدير خاطئاً، التقدير بأن الانفصال هو الأرجح، لكن قناعتنا الآن أن الانفصال هو الأرجح لأن الحركة الشعبية عبأت الشعب في الجنوب تعبئة كبيرة جداً، والشعب في الجنوب – كما تعلم – تأثر بقياداته وهو غير متاح لكل الناس، فلذلك إشارتك وكأن بعضنا يسبح عكس التيار ويقولون، فأنا أقول إن الانفصال صار أرجح بكثير وأصبح الواجب هو العمل للوحدة والأمل فيها – إن شاء اللّه -.
* هل يمكن أن يقام الاستفتاء دون ترسيم الحدود؟
– الأمثل أن يقوم الاستفتاء بعد ترسيم الحدود بشكل كامل كي يصبح ذلك واحداً من عملنا المسبق الذي نقوم به معاً لأن تكون العلاقة بين الشمال والجنوب في حالتى الوحدة أو الانفصال علاقة (سالكة) وليس هناك ما يُثير الغبار.. والإشارة إلى أن تعنت الحركة في ترسيم الحدود هو نية مبيتة منها لتستبقي ما تفتعل به الحرب مع الشمال إشارة صحيحة – في تقديري – وربما هذا هو السبب الرئيسي لبعض قادة الحركة الذين يودون ويحلمون – ربما – أو يحلمون من وراء البحار بأن افتعال الحرب هو الذي يعود بأمل السودان الجديد، وهي كلها أحلام بائرة – إن شاء اللّه -، ولذلك أنا أقول إنّ الأوجب والأصح، والذي ينبغي أن نعمل له أن نرسم الحدود قبل الاستفتاء، ونأمل أن نفعل ذلك.
* إذا لم يتم ذلك هل تعتقد أنّ الحرب قادمة؟
– الحرب لن يمنعها ترسيم الحدود، ولن يأتي بها – بالضرورة – عدم ترسيم الحدود، الحرب لن تقوم إلاّ إذا كانت هنالك إرادة من طرفٍ واحدٍ الحركة الشعبية أن تفتعل الحرب، الذي يبحث عن السبب فلن يعيزه، لكن بالنسبة لنا الأصل هو ترسيم الحدود ووضع هذه القضية وراء ظهرنا جميعاً في حالتي الوحدة أو الانفصال.
* حديث قيادات الحركة يقول إن رفض المؤتمر الوطني للقوات العازلة بين الشمال والجنوب هو نية مبيتة أيضاً للحرب؟
– الأصل ألاّ تكون هناك قوات أصلاً، أنا استغرب أنّ أي بلد من البلدان يقول أنا في غنى عن أيِّ قوات دولية ويقولون له إنك تبيت نية الحرب؟
* هل يمكن لهذه القوات الدولية أن تدخل إلى السودان دون موافقة الحكومة؟
– لا يمكن.. لا تستطيع.. لا تستطيع.
* كانت لديك تصريحات مهمة جداً، قلت فيها إن الانفصال سيجعل السودان أكثر تماسكاً وأكثر وضوحاً.. لكن عموماً هنالك إضطراب في الخطاب الحكومي تجاه مآلات الانفصال، وما تصريحات وزير المالية حول الاستعداد لأكل «الكِسرة» ببعيدة، أيضاً د. الجاز تحدث في البرلمان عن أن الانفصال لن يجعل الشمال يجوع، فإلى ماذا تعزي هذا التضارب، وهل الحكومة مستعدة لتداعيات مسألة الانفصال؟
– أولاً أنا أعتقد أن حديث الأخ وزير المالية حمل ما لا يحتمل، فلو كانت رسالته أنه ينبغي أن نتجاوز بعض آثار الانفصال الإقتصادية على البلد بمزيدٍ من الترشيد والاعتماد على النفس، في إشارةٍ واضحةٍ إلى الذرة، وعلى مواردنا الذاتية التي لا نحتاج أن نأتي بها من الخارج، كان هذا هو الوجه الذي يحمل عليه، لكن قاتل اللّه الإثارة والغرض…
* ولكن «الكِسرة» أغلى من الرغيف؟
– لكن نحن نستطيع أن نرخصها بجهودنا لأنها تُزرع عندنا هنا، والنقطة ليست هي سعر الذرة أو الرغيف، وإنّما هي أن هذه إنتاج محلي، ويمكن أن نلغي بعض محاصيل الصادر لإنتاج الذرة، لكننا لا يمكن أن ننتج مثلاً من القمح ما يكفينا بالسهولة التي ننتج بها الذرة، وأقول بسهولة لأنني أعلم أننا يمكن أن نفعل ذلك في سنة أو إثنتين أو ثلاث، باستصلاح أراضٍ، وأرى أن هذه الإشارة ربما كانت تعبيراً قوياً جداً عن الحاجة إلى الاعتماد على النفس، لكنها لا يمكن أن تحمل على ما حملت عليه وتصبح مثل حقنة كمال عبيد، ود. عوض الجاز عبر كذلك عن المنطق الثاني من حجتي أنا، فأنا قلت إننا لن نتضرر تضرراً بالغاً، والجاز قال لن نجوع، وعندما قلت إن السودان سيكون أكثر تماسكاً ولن يتأثر لم أتحدث عن بقية العام أو عن ميزانية، وتحدثت عن مستقبل السودان، إنه إذا قدر للسودان أن ينفصل فإنها مشكلة تجاوزناها وإن كان بما لا نحب، حسمنا مشكلة، كثير من الدعاوى التي تقال ومن وسائل التدخل ظَلت باب تدخل معروف منذ عشرات السنين، وربما إنني قلتها كذلك – والحق يقال – أنك كسياسي لازم توازن، إذا أردت فض تعبئة قوية جداً غير مؤسسة (لازم تدِّيها حقنة قريبة للاتجاه الآخر)، بمعنى آخر إذا حاول الناس تصوير انفصال الجنوب هو كارثة على الشمال غير أنها انتقاص من البلد بمعنى أنها انتقاص من السودان، لكن ليست بالضرورة أنها كارثة بمعنى أن الشمال يعيش على الجنوب، نحن لا نعيش على الجنوب – وهذه معلومة – ولا حتى بترول الجنوب، وأنا أقول الآن إن القدر الذي يردنا من بترول الجنوب ما يصرف منه على الجنوب وعلى الأمن وعلى كثير من القضايا المرتبطة بقضية الجنوب ربما يجعل الذي يعود قليلاً جداً.

اجرى الحوار: كمال حسن بخيت- محمد عبدالقادر- تصوير : ابراهيم حامد
الراي العام