التعليم والصحة في الإمارات العربية المتحدة

بدأ تطور التعليم في الإمارات العربية المتحدة بصورة فعلية عام 1962، لم يتجاوز عدد المدارس حينها 20 مدرسة، يدرس فيها أقل من 4000 طالب، معظمهم من الذكور. لم تكن تتوفر البنية التحتية لكثير من الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل المستشفيات والإسكان والمطارات،….. الخ، وكان هنالك نقص كبير في القوى البشرية.

ويرجع تاريخ التعليم في الإمارات إلى حضارات قديمة تم العثور على آثارها في عدة مواقع تاريخية. وفي تلك الفترة الأولى كان الإنسان يطور نفسه عن طريق التعليم الذاتي، واكتساب المعرفة بالمحاكاة والاحتكاك، وفي فترة لاحقة ظهر التعليم الذي مارسه معلمون توفرت لديهم معرفة في علم من العلوم، وهكذا تطور التعليم في الإمارات من النمط التقليدي البسيط إلى شكل آخر من التعليم القائم على الدروس والمقررات والأنظمة. لذا نستطيع أن نحدد من خلال حديثنا عن التطور التاريخي للتعليم أربعة أنواع من النظم التعليمية التي ظهرت في الإمارات عبر تاريخها الطويل

النوع الأول : تعليم الكتاتيب أو المطوع
هذا النوع من التعليم كان سائداً منذ زمن طويل، وقد مارسه عدد كبير من المطوعين والمطوعات. وهم المعلمين القدامى. واعتمد تعليم المطوع على حفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية إلى جانب التدريب على الكتابة والخط والإلمام بأركان الإسلام والوضوء، ويوجد نوع متطور من التعليم في المطوع ظهر نتيجة لاختلاف الدروس التي يؤديها بعض المطوعين وتنوعها في بعض الأحيان نتيجة لتنوع ثقافته وسعة معرفته ودرايته، وهذا بطبيعة الحال أدى إلى ظهور تمايز واضح في الدروس التي يتلقاها الأبناء على يد بعض المعلمين القدامى وقد استمر التعليم في المطوع إلى بداية ظهور التطورية حيث تراجع دوره شيئاَ فشيئاً، واختفى من المجتمع بعد ذلك.

النوع الثاني : تعليم الحلقات العلمية
هذا النوع مارسه عدد قليل من الفقهاء والعلماء والمطلعين الذين توفرت لديهم معرفة واسعة في أصول العقيدة والفقه والتفسير والنحو والإملاء والتاريخ والدروس الدينية المختلفة. تعقد في زاوية أو ركن في أحد المساجد أو يخصص لها مكان أو موضع معروف في بيت الفقيه نفسه أو في بيت أحد التجار أو الأعيان في البلدة وقد ازدهرت الحلقات ودروس الذكر في الإمارات منذ فترة طويلة لكن أشهر الحلقات تلك التي أدارت علماء من نجد تواجدوا في رأس الخيمة أثناء الحملة البريطانية الأخيرة عليها سنة 1819م وشهدت مدن الإمارات العديد من أروقة العلم التي قام بإحيائها علماء كبار زاروا البلاد آنذاك وجلسوا يعلمون الطلبة النابهين، وظلت الحلقات العلمية ودروس الذكر مصدراً للعلم والفقه وقد تخرج منها الرعيل الأول من رواد الإمارات، ثم تراجعت مع ظهور المدارس التطورية وبداية تطور التعليم ودخول المقررات والدروس الحديثة في المدارس التطورية

النوع الثالث : تعليم تطوري أو شبه نظامي
ظهر خلال الفترة ما بين 1907م إلى 1953م. ففي هذه السنوات أدى تأثر تجار اللؤلؤ الكبار (الطواويش) بحركات الإصلاح واليقظة العربية، ثم فتحوا المدارس التنويرية في المدن واستقدموا العلماء لإدارة تلك المدارس والإشراف على تنظيم الدروس وسير التعليم فيها ومن أشهر المدارس التطورية في الشارقة المدرسة التيمية المحمودية سنة 1907م، والإصلاح سنة 1935م. وفي دبي الأحمدية وقد تأسست سنة 1912م والسالمية سنة 1923م، والسعادة سنة 1925م، ومدرسة الفلاح سنة 1926م. وقد شهد التعليم التطوري في إمارة دبي تطوراً ملحوظاً منذ عام 1936م، ففي هذا العام تأسست دائرة المعارف، وهي أول دائرة للمعارف في الإمارات، وقد ترأسها الشيخ مانع بن راشد آل مكتوم رائد حركة الإصلاح في الثلاثينيات.

وفي أبوظبي تأسست مدرسة آل عتيبة سنة 1930م، وظهرت بعد ذلك عدة مدارس نفس النمط في مدن الإمارات الأخرى، وقد استمر التعليم التطوري حتى أواخر الأربعينات حيث أدت العديد من العوامل إلى توقف تلك المدارس خاصة مع انتشار الكساد التجاري وظهور اللؤلؤ الصناعي وتأثيرالحرب العالمية الثانية على التبادلات التجارية في الخليج العربي مما انعكس ذلك بالسلب على تلك المدارس الرائدة التي تخرج منها النخبة المثقفين من رواد الإمارات وكانت مدرسة الإصلاح القاسمية التي تأسست في الشارقة سنة 1935م قد ساعدت من خلال تميز مناهجها في تطور التعليم من النمط شبه النظامي إلى التعليم النظامي. وعلى أنقاض هذه المدرسة ومن خلال تجاربها التعليمية تأسست أول مدرسة نظامية في الإمارات ألا وهي مدرسة القاسمية بالشارقة

النوع الرابع : التعليم الحديث النظامي
وقد بدأ مع افتتاح مدرسة القاسمية بالشارقة سنة 1953/1954م وهو أول عام دراسي في سلك التعليم النظامي. ظهر في بداية التعليم الحديث أو الحكومي في الإمارات، وكان تعليماً منظماً في مدارس وفصول ومقررات إلى جانب تقويم الطالب ومنحه شهادة دراسية في نهاية العام الدراسي وتطور التعليم النظامي في الإمارات خلال مرحلتين الأولى كانت تعتمد على الحكومات المحلية ودوائر المعارف التي تأسست خلال الستينيات. أما الانطلاقة الكبرى للتعليم فقد حدثت منذ الثاني من ديسمبر عام 1971م وهو اليوم الذي أعلن فيه عن قيام دولة الإمارات، فتأسست الوزارات الاتحادية ومنها وزارة التربية والتعليم والشباب التي تولت مسؤولية الإشراف على التعليم في مراحله المختلفة وانتشرت خلال تلك الفترة لمدارس الحكومية المجهزة بأحدث الأجهزة والوسائل وذات الطراز المعماري الراقي، واستقدمت الدولة البعثات التعليمية من مختلف البلدان العربية لتساهم في تطور التعليم الحديث وهكذا شهدت دولة الإمارات خلال تلك الفترة قفزة كبيرة في مجال التعليم أدى إلى زيادة نسبة المتعلمين من بين أفراد الشعب والقضاء على الأمية، ثم حدث تطور كبير في مجالات وأنواع التعليم ومراحله.

تطوير التعليم:
عند اكتشاف النفط وبداية التطور، أولت الدولة اهتماماً كبيراً للتعليم، واعتبر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التعليم من أولويات التنمية، إذ قال: إن الشباب هم ثروة الأمم الحقيقية. لم يبخل على جميع المشاريع التي أخذت تنهض بالتعليم تدريجيا، لينشأ جيل مؤهل قادر على العطاء وخدمة الوطن.

فعند قيام الاتحاد عام 1971، لم تكن الخدمات التعليمية قد وصلت لكثير من القرى والحواضر، ولم يكن عدد الطلاب في الدولة يتجاوز الـ 28 ألف طالب، وكان على من يرغب في إتمام تعليمه بعد الدراسة الثانوية إبتعث إلى الخارج سواء إلى إحدى الدول الأجنبية أو العربية للحصول على الشهادات العليا على حساب الدولة. في الوقت نفسه عملت القيادة على إيجاد البنية التحتية.

ولقد تم تأسيس الهيئات الرسمية، التي تشرف على التعليم، في العام 1970. كان حينها يشتمل على أربع مراحل تعليمية، هي:[3]

الروضة 4-5 سنوات
الابتدائية 6-11 سنة
المتوسطة 12-14
الثانوية 15-17 سنة.

بدأ تطوير التعليم وتوفير جميع احتياجاته، ليشمل الإناث والذكور الذين يتلقون تعليمهم في المدارس الحكومية مجاناً، ليظهر فيما بعد التعليم الخاص متمماً لجهود القطاع العام، وموفراً التعليم لأكثر من 40% من الطلاب الذين يدرسون في دولة الإمارات. كما يقوم التعليم الخاص بتعليم اللغات الأجنبية الإضافية لكثير من المواطنين وأبناء الجاليات المختلفة، بالإضافة إلى اعتماده مناهج متنوعة لبعض المواد، مثل العلوم والرياضيات وغيرهما.

وظل التعليم الهاجس الأكبر للدولة، فقامت بتبني خطة مستقبلية لتطوير التعليم في السنوات العشرين المقبلة، واضعة نصب أعينها تحقيق أهدافها لتصل بالتعليم إلى مستويات معيارية تتماشى مع معطيات التكنولوجيا والعلوم. وتركز هذه الخطة على تعليم تكنولوجيا المعلومات ومحو الأمية في هذا المجال. وللحفاظ على قيم المجتمع ومبادئه، ولضمان تعزيزها لدى الأجيال الناشئ.

توطين التعليم:
تعمل هذه الخطة على توطين التعليم، لتصل نسبة المواطنين العاملين في سلك التربية والتعليم إلى 90% بحلول العام 2020. واليوم تنتشر المدارس في كل قرية، وكل طالب وطالبة ينال حظه من التعليم والرعاية التربوية من دون تمييز.

المرأة والتعليم:
لقد استفادت المرأة الإماراتية استفادة كبيرة من الفرص التعليمية المتعددة التي وفرتها لها الدولة، وقد أظهرت المرأة الإماراتية قدرة على تحمل المسؤولية، ونتائج الثانوية العامة لثلاث سنواتٍ متتالية (1996-1999) دليل على تفوق الطالبات إذ أن أكثر الحاصلين على ترتيب أفضل ونسبة نجاح أكبر كن طالبات الإمارات. والنتيجة الآن استطاعت المرأة الإماراتية من تسلم عدة مناصب قيادية في الدولة على مختلف المستويات. وهي تعمل مع الرجل في جميع المؤسسات الحكومية والخاصة وقد أثبتت حضورا مهما وأداء جيدا لا يختلف عن ما يقدمه الرجال.

كما يلاحظ الآن توزع خريجات جامعة العين وكليات التقنية على جميع الدوائر والشركات، قائمات بأعمال مختلفة في اختصاصات مثل الهندسة والعلوم التطبيقية والإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

تكنولوجيا المعلومات:
ولقد أصبح تعليم تكنولوجيا المعلومات يتصدر أولويات الأهداف التعليمية في دبي بخاصة، والإمارات العربية عامة، حيث أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مشروعه الخاص بتعليم تكنولوجيا المعلومات في مدارس دبي في مارس 2000، وكانت مدرسة محمد بن راشد آل مكتوم الثانوية هي أول مدرسة في دولة الإمارات تطبق مشروع سموه، وعمم بعدها على مدارس أبوظبي ضمن خطة شاملة تهدف إلى نشره في جميع مدارس الدولة.

من أهدافه:
من بين الأهداف، التي وضعها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نصب عينيه، تخريج جيل، من أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة، قادر على خدمة وطنه وتلبية احتياجاته، جيل طموح يرتقي بالبلاد وترتقي معه، إضافة إلى تأمين أفضل أدوات التعليم الإلكتروني وتجهيز المدارس بمختبرات حديثة وتحديث المناهج لتتلاءم مع متطلبات العصر. وينهض المشروع بتوفير تدريب لجميع الطلبة عبر الإنترنت، مزود بكل المصادر التعليمية اللازمة من خلال البوابة الخاصة بالمشروع.

الأنشطة الشبابية:
لقد رافق التعليم اهتمام خاص بأنشطة شبابية كثيرة، تتضمن كل الفعاليات الموازية للتعليم المنهجي، إذ تم اعتماد هيئات خاصة تتولى إدارة النوادي الثقافية والفنون ونوادي العلوم والكشافة، وتحرص على تنظيم الفعاليات الاجتماعية وإقامة المخيمات، التي تدرس القرآن الكريم وتهتم بتنمية الحس الاجتماعي والثقافي لدى الشباب.

تعليم الكبار:
اهتمت الدولة بتثقيفهم وإعادة تأهيلهم، لكي يستطيعوا مواكبة التطور ومواجهة التحديات المحيطة بهم. فلقد قامت الدولة باعتماد برنامج شامل لمحو الامية بالتعاون مع جمعية اتحاد المرأة.

مقاييس النجاح:
يمكن القول إن الجهود ما زالت مستمرة وهناك إصرار على النجاح، ويمكن رصد نتائج التجربة بمقارنة بسيطة، إذ نجد أن نسبة المتعلمين من الرجال في عام 1975 وصلت إلى 54.2% مقابل 30.3% للنساء، لكنها تغيرت في عام 1998، وأصبحت 73.4% للرجال و 77.1% للنساء.

ذوي الاحتياجات الخاصة:
كما أنشئت دائرة خاصة، تابعة لوزارة التربية والتعليم تهتم بتطوير تعليم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم لاحتلال مواقع إيجابية منتجة في المجتمع. وبدأت هذه الدائرة بتحقيق إنجازات منها مثلاً:

مزرعة تدار بالكامل من قبل مجموعة من المعاقين جسدياً مركز زايد الزراعي للمعاقين، وهو من المشاريع الناجحة. وقد حظي هذا المشروع باهتمام وثناء دوليين.

الجامعات الخاصة:
افتتح في الإمارات عدد من المؤسسات التعليمية الخاصة على مختلف المستويات التعليمية ابتداء من حضانة الأطفال حتى منح شادات التعليم العالي على ستوى الماجستير. ومنذ الخطوة الأولى في مسيرة تطوير البلاد، أولت الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً للشباب ولدورهم في صناعة المستقبل، وما زالت مستمرة في بذل أقصى ما بوسعها لتطوير التعليم، ولتوفير بنية تحتية شاملة، للاستفادة من مواطنيها في التنمية الاقتصادية، وتعزيز مكانة البلاد الحضارية.

مدارس الغد:
في إطار مواكبة إستراتيجية الحكومة الاتحادية، حرصت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على تنفيذ برنامج مشترك للتخلص من برامج التقوية التي تطرحها الكليات والجامعات، بحيث يكون الطالب عند تخرجه من الثانوية العامة قادراً على مواصلة التعليم العالي في الكليات والجامعات دونما حاجة إلى هذه البرامج. وقد تم تشكيل فرق عمل تضم أعضاء من وزارة التربية والتعليم وجامعة الإمارات وجامعة زايد وكليات التقنية العليا، وجاري حالياً العمل على إعداد خطط لتطوير كافة جوانب العمل في المدارس وتطبيقها بدءً من العام الدراسي القادم 2007 / 2008م.

الصحة في دولة الإمارات العربية المتحدة:
أكد التقرير السنوي للأمم المتحدة للعام 1998م أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد جاءت في مركز متقدم من حيث الجهود التي بذلتها لتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها وأنها احتلت المركز الرابع ضمن 78 دولة من مختلف دول العالم في برامج تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية وفي عام 1997م صنف الإمارات في المرتبة الأولى ضمن ثماني دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجالات الرعاية الصحية والنهوض بالمرأة. حيث زاد عدد الأطباء ليصل إلى 1535 طبيبا، اي طبيب لكل ثلاثة أسر، وقد شهدت الخدمات التخصصية تطورا كبيرا انعكس على مستويات الاداء قي أقسام العناية المركزة وغرف العمليات الجراحية وأقسام الطوارئ والحوادث، وأصبحت المستشفيات تقدم معظم الخدمات التخصصية والوحدات التشخصية العلاجية مثل وحدة جراحات القلب المفتوح والكثير غيرها، و قد بلغ عدد العمليات الجراحية في مختلف التخصصات أكثر من 66 عملية كل سنة.

كما تطورت خدمات الرعاية الصحية الأولية بصورة كفلت توفير هذه جميع أنحاء الدولة، وتقوم هذه المراكز بتقديم خدمات العلاج الأساسي وخدمات طب الاسنان والتوعية الصحية، اما بالنسبة للصحة والوقاية فقد شملت مظلة خدمات الطب الوقائي برنامج مراقبة ومكافحة الامراض السارية وذلك عن طريق التطعيم والتطهير الكيميائي ومراقبة المخالطين والكشف المبكر عن الامراض والتوعية والتثقيف الصحي بالتعاون مع جميع الاجهزاة المعنية بالدولة.

كما امتدت جهود وزارة الصحة لتشمل تطوير السياسة الدوائية حيث وضعت الضوابط والتشريعات التي تحكم عملية تداول الأدوية وصلاحيتها وآثارها الجانبية، وقد وصل عدد الوصفات الطبية المصروفة حتى عام 2007 أكثر من 6,2 مليون وصفة من خلال 160 صيدلية حكومية. وتجدر الإشارة إلى أنه لم تكن البنية الأساسية للخدمات الصحية تتعدى 7 مستشفيات و 12 مركزا صحيا و 700 سرير منذ بداية السبعينات. أما اليوم فقد بلغ عدد المستشفيات 30 مشتشفى تضم 4681 سريرا.

ar.wikipedia.org
Exit mobile version