الطاهر ساتي

محن ….!!


[ALIGN=JUSTIFY]** لم يقدم للناس و البلد حتى جهد المقل ، ومع ذلك يلوح وزير الدولة بالنقل والطرق والجسور باستقالته ، ويهدد بها – لمن يهمهم الأمر – عبر الصحف .. والسيد مبارك سليم الذي يفعل ذاك جاء إلي تلك الوزارة عبر اتفاقية أسمرا قبل عشرين شهرا تقريبا « أكتوبر 2006 » .. الرجل – فيما يترآى للصحف – غاضب من زميله الوزير الاتحادي المتهم بتهميشه بالاستيلاء على بعض سلطاته ، والوزير الاتحادي هذا – فيليب طون ليك – من وزراء الحركة الشعبية ، أي من المهمشين سابقا .. بعد أن قوي عوده صار فيليب يهمش سليم ، أى بعد أن كان يصف ذاته بالمهمش ، وسليم مستاء من هذا التهميش ، ولذا يلوح بالاستقالة ..وعليه ، نستطيع أن نصف ما يحدث بين الوزيرين في وزارة النقل والطرق والجسور بأنه « صراع مهمشين » .. ولكن حول ماذا …؟؟
** هذا وذاك لايتصارعان حول تقديم الأفضل فى مجال النقل والطرق والجسور ، ولايتعاركان حول تجويد الآداء بالوزارة ومؤسساتها .. لو كانا كذلك لأشدنا بصراعهما وعراكهما باعتبار أن تباين الرؤى بينهما دليل عافية وبرهان على توفر النهج الديمقراطي النظيف في آدائهما .. ولكن الأمر ليس كذلك .. إنهما يتصارعان فقط حول تصاديق مهملات الموانئ البحرية وحاوياتها .. الوزير الاتحادى يرى أن المهملات يجب التخلص منها بواسطة المزاد العلني المعروف ، بيد أن وزير الدولة يرى أهمية بسط سلطته في التصاديق .. تأمل – عزيزي القارئ – في القضية التى هما فيها يختلفان .. قضيتهما هى الحاويات التى أصحابها عجزوا عن تخليصها فتركوها للحكومة مكرهين .. تأمل تلك القضية الانصرافية التى تكاد أن تصبح أزمة سياسية ، بحيث أحدهما يهدد بالاستقالة ما لم يمنح سلطة التصديق، والآخر يرفض تلك السلطة .. تأمل « الناس في شنو و.. الوزيران في شنو ..» .. !!
** اختزلا كل أزمات النقل وقضايا الطرق والجسور بالبلاد في مهملات الموانئ البحرية .. لم يتحرك أحدهما تجاه قضية سودانير التي استولت عليها عارف والفيحاء .. كلاهما لايعرف كيف حدث هذا ، ولماذا حدث ..؟.. كلاهما لم يسأل البائع ثمن البيع، ولم يسأل الشاري ما في عقد البيع من نصوص يجب تنفيذها .. كلاهما لم يسأل عارف والفيحاء عن أسباب احتراق طائرتها ، ولا عن مستقبل أسطول الشركة ، ولا عن مدى التزامهما بالجدول الزمني المحدد في عقد البيع ، والذي خلاله يجب دعم ذاك الأسطول بالطائرات الحديثة .. كلاهما لم يحركا ساكنا تجاه السكة الحديد التى تتدهور يوميا ولم تجد إدارتها بائعا .. كلاهما لم يقدم لهذه السكة حديد ما يصلح حالها ويعيدها الى حيث كانت قبل عشرين عاما .. كلاهما لم يفعل شيئا من ذلك ، لأن أكبر هم فيليب ومبارك منذ نصف عام هو مهملات الموانئ البحرية وكيفية بيعها .. تركا كل قضايا النقل في البلاد وراء ظهريهما ليهدرا الجهد والوقت في صراع بيزنطي فحواه « تصاديق الحاويات » .. وكأن الحكومة جاءت بهما ليكونا للناس والبلد « سمسارين في دلالة » وليس « وزيرين في وزارة » ..!!
** و المؤسف جدا أن هيئة الموانئ ، التي هما في بيع مهملاتها يتصارعان ، قاب قوسين أو أدنى من الخصخصة .. نقابة عمالها منذ شهر تشتكي لطوب الأرض توجسها من تشريد العاملين .. ولجنة حصر الأصول أكملت مهمتها هناك ورفعت تقريرها .. واللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام قالت لعمال الموانئ – جهارا نهارا – يجب تطوير الموانئ وتحديثها .. وخصخصة المرافق دائما تبدأ بهذا القول .. أى التطوير والتحديث والشريك الاستراتيجي وغيرها من المفردات ما هى إلا كلمة حق يراد بها الخصخصة وتشريد العاملين .. والتجارب لاتحصى ولاتعد .. وها هي هيئة الموانئ البحرية تقترب من بحر الخصخصة .. ولاشئ يشغل الناس غير مصير العاملين .. ولكن لاشئ يشغل الوزيرين المسؤولين عن العاملين غير « تصاديق الحاويات » .. لم يكلف أحدهما نفسه مشاق السفر لشرق البلاد ليطمئن العاملين ويحدثهم بما سيحدث ، ولم يكلف أحدهما – ولو سائقه الخاص – ليشاطر العاملين هناك احزان توجسهم على مستقبلهم .. لم يفعل أحدهما شيئا كهذا .. لا الوزير الاتحادى ولا وزير الدولة .. لأنهما لم يصلا بعد لحل ناجع وحاسم ونهائي لقضيتهما الاستراتيجية « تصاديق الحاويات » … !!
إليكم – الصحافة -الخميس 24/7/ 2008م،العدد5423
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]