صلاح شكوكو

العقـــاقير الطــبية

[ALIGN=CENTER]العقـــاقير الطــبية[/ALIGN] ترجع محاولات الانسان لاستخدام وتعاطي العقاقير الطبية كنوع من أنواع المنشطات إلى زمن بعيد. حيث كان الهدف في تلك الفترة من الزمن هو رفع وزيادة العطاء والجهد البدني والرياضي عن الحدود الطبيعية المعتادة …

وعلى سبيل المثال يشير عدد غير قليل من المختصين في المجال الرياضي وبالتحديد في علم التدريب الرياضي والطب وفسيولوجيا الرياضة الى ان الفلاسفة القدماء قد أشاروا إلى أن الرياضيين في اليونان القديمة وخلال الألعاب الأولمبية القديمة قد قاموا بتعاطي بعض النباتات كذلك بأكل خصيتي الثور بهدف رفع مستوى الكفاءة البدنية والتأثير الايجابي على المستوى الرياضي والبدني كما تشير المراجع القديمة الى أن هذه المواد قد تم إستخدامها في جنوب ووسط القارة الامريكية لنفس الهدف .

ويحدثنا التاريخ الاسباني القديم مشيراً الى ان ( بائل الأنكا ) القديمة حيث كان أفرادها يمضغون أوراق الكوكا ويتمكنون بعدها قطع مسافات طويلة جداً تصل الى مئات الكيلو مترات خلال عدة أيام كما تشير هذه المراجع أيضا الى المكسيك حيث تم استخدام مادة ( الاستركنين ) بهدف التأثير على المستوى البدني والرياضي كما تئكد هذه المراجع أيضا استخدام جذور الصبار الامريكي الذي يحتوي على عدد من المواد المخدرة لنفس الهدف مما اهل الرياضيين في هذه الفترة للقدرة على الجري المستمر لمدة تصل الى 24 ساعة والجري المتقطع لمدة تصل إلى 72 ساعة وبالتالي وصلت المسافات التي كان يقطعها الرياضيون من اهل المكسيك خلال تلك الفترة الى 260 وحتى 560 كيلو متراً .

وبالبحث أساساً عن المصطلح ( Doping ) نجد نه يرجع الى اللغة العامة المتداولة بين قبائل جنوب شرق القارة الأفريقية منذ زمن بعيد حيث كان المصطلح هو كلمة دوب التي كانت تعني في ذلك الوقت نوعاً من أقوى انواع الكحوليات التي تم استخدامها من جانب أفراد هذه القبائل في احتفالاتهم الدينية الشهيرة بهدف مقاومة التعب خلال الرقصات الدينية التي كانت تستغرق وقتاً طويلا وبعد فترة من الزمن انتقل مصطلح دوب إلى انجلترا حيث تم الاستخدام في أول الأمر بهدف تنشيط جياد السباق .

وفي عام 1889 ظهرت كلمة دوب لأول مرة في المعجم الانجليزي حيث تم تعريفها بانها عبارة عن خلط من المواد المخدرة والمستخدمة مع جياد السباق في ذلك الوقت وبعد مرور عدة سنوات على هذا التاريخ تم تعميم هذا الاصطلاح على جميع المواد المنبهة والتي تم استخادمها تدريجيا في أول الامر مع الجياد والكلاب ثم بعد ذلك مع الإنسان .

وفي الفترة خلال سنوات الحرب العالمية الثانية انتشر استخدام العقاقير المنشطة التي تعددت أنواعها بصورة واضحة ولم يقتصر على هذا الاستخدام على المجال الرياضي وانما تعدى هذا الحدود ليستخدم في المجال العسكري فقد ثبت استخدام الطيارين الالمان لأنواع متعددة من تلك العقاقير بهدف التنبيه والتنشيط أثناء عمليات الهجوم الليلي كما ثبت استخدام جنود المشاة الألمان أيضا لعدة أنواع من العقاقير لنفس الهدف وأيضا بهدف الحصول على التحمل ومقاومة التعب خصوصاً وان واجباتهم قد تضمنت المشي لمسافات طويلة حاملين معهم معدات الحرب الثقيلة كما ثبت ايضا استخدام الجيش الانجليزي للامفيتامين لنفس الهدف .

وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ اصطلاح المنشطات ( doping ) يرتبط برياضة المستوى العالي ( رياضة البطولات ) ارتباطاً وثيقاً ومن خلال عملية الزيادة المستمرة في حالات الاستخدام مع هذه الفئة من الرياضيين في مختلف الرياضات زادت أيضا حالات الوفاة التي ارتبطت بزيادة الجرعات المستخدمة ولقد ثبت بالدليل القاطع وفاة سائق الدراجات الانجليزي سمبسون في سباق للدراجات حول مديمة باريس وذلك بسبب تعاطيه لجرعات كبيرة من المنشطات كما أن هناك حالات اخرى توفي أصحابها من الرياضيين لنفس السبب .

وفي مجال الكشف عن تأثير استخدام المنشطات مع الكائن الحي استطاع كل من كوخاكيان ومورلين عام 1935 إثبات وجود زيادة واضحة في وزن الكلاب التي تم تنحية اعضائها التناسلية بعد علاجها بالهرمونات المذكرة .

وبعد مرور ثلاثة سنوات من هذا التاريخ في عام 1938 استطاع كل من وليبروس اثبات أن المستوى البدني لدى الافراد المسنين يرتفع بصورة واضحة وملحوظة بعد علاجهم بالهرمونات المذكرة وفي نفس العالم 1938 تمكن كل من كوخاكيان وستتنر اثبات وجود زيادة في حلجم الالياف العضلية وبالتالي زيادة في مستوى القوة لدى كلاب البحر بعد معالجتها بالهرمونات لمذكرة ويؤكد العالمان بان عملية المعالجة بهذا النوع من الهرمونات قد تتسبب في حدوث زيادة في البروتينات في الجسم .

وفي عام 1940 توصل الالماني العربي الشهير هتنجر الى ان هناك زيادة ملحوظة في عنصر القوة العضلية بعد المعالجة بهرمونات التستوسترون وبعد هذا التاريخ تم استخدام هذا النوع من الهرمونات المذكرة مع المرضى الذين يعانون من نقص الوزن وسوء التغذية .

والجدير بالذكر أيضا أن ويدرا قد قام بتجربة هامة مع الفئران استهدف فيها التجربة مع عينة من هذه الحيوانات قاومها 139 فأراً قسمت الى 4 مجموعات حيث خضعت المجموعة رقم 1 الى عملية تدريب تحتوي على الجري لمدة ساعة يومياً و الجموعة الثانية قد خضعت لنفس برنامج التدريب بالإضافة الى حقنها بالانابوليك بخجم 1,65 ملجم لكل kp . أما المجموعة الثالثة فقط تم معالجتها أيضا بالانابوليك ولكن بدون تدريب واستخدم المجموعة الرابعة مجموعة ضابطة ( kg ) .

استمرت التجربة لمدة 30 يوماً وقد جاءت النتائج مشيرة فعالية استخدام الانابوليك ومؤكدة بالتالي تاثيره الايجابي على عملية زيادة حجم المجموعات العضلية المختلفة. ولقد ثبت للباحث وجود زيادة في المطقع العضلي لكل من الثنائة العضدية – وذات لاربع رؤوس الفخذية سواء تحت تأثير التدريب او تحت تأثير العلاج بالانابوليك , أي ان الزيادة في المطقع العضلي لم تتوقف على التدريب فقط وانما تأثرت ايجابياص ايضا من خلال استخدام الانابوليك بحيث لم يحدث تغيير في عدد الالياف العضلية, وانما زاد حجم الليفة الواحدة وبالتالي المقطع ككل .

وفي عام 1960 تمكن الالماني الغربي هتنجر أيضا من القيام بتجربة أخرى استهدف منها الوقوف على التأثير الناتج عن استخدام هرمون التستوسترون على قوة المجموعات العضلية الواقعة تحت تاثير حمل التدريب ومثيلتها بدون استخدام الهرمون وقد اختار الباحث عينة التجربة من الافراد غير المتشابهين في العمر حيث قسم العينة الى مجموعتين الاولى بمتوسط عمر وقدره 30 عاماً والثانية بمتوسط عمر وقدره ثمانون عاما وقد جاءت النتائج مشيرة الى وجود زيادة في معدل القوة العضلية مرجعها استخدام الهرمون مع التدريب سواء مع مجموعة الشباب أو كبار السن .

وفي تجارب اخرى مماثلة وجد شتاين باخ 1968 ان هناك فروقاً ذات دلاله معنوية بين عملية التدريب باستخدام الانابوليك وبينها دون الاستعانة به لصالح هذا الاستخدام مما يؤكد التأثير الايجابي
ويشر تاريخ استخدام العقاقير الطبية الى ان إدراك وتسجيل أول حالة للتعاطي في المجال الرياضي ترجع الى عام 1865 م حيث ثبت استخدام احد السباحين لأنواع مختلفة من العقاقير خلال سباق للسباحة بمدينة أمستردام وتعد هذه الحالة الاولى التي تم اكتشافها بهدف الفوز غير المشروع .

اما عن المؤشرات التي نبهت العالم الى خطورة المنشطات واثيرها الضار على المتعاطين هي بوفاة الرياضي الشهير سمبسون في سباق للدراجات حول مدينة باريس وذلك تحت تأثير كمية كبيرة من منشط ثلاثي الميثيل ثم تكررت حالات الوفاة على مر السنين ( البلجيكي سيرج ريدنج والسوري سامي درويش وغيرهما ) .

تشير دراسة المراجع المتاحة الى وجود عدة تعريفات للمنشطات اهمها ذلك التعريف الذي توصلت اليه اللجنة الطبية المنبثقة عن اللجنة الاوليمبية الدولية حيث اشتمل هذا التعريف على إيضاح لمفهومها بالاضافة الى تقسيماتها من حيث النوع ومجالات التأثير .

المنشطات هي عبارة عن المواد الصناعية التي يتم استخدامها بهدف محاولة الارتفاع بالمستوى البدني والرياضي من خلال الاستعانة بوسائل غير طبيعية, ويتم الاستخدام عن طريق الحقن أو عن طريق الفم , قبل مواعيد المسابقات او خلالها,بهدف الكسب غير المشروع للبطولات.

كما وضعت اللجنة الطبية باللجنة الاولمبية الدولية التعريف التالي الذي حاولات من خلاله تلافى كل الصعوبات والمشاكل الناتجة عن كثرة المواد المستخدمه والممنوعة :

المنشطات هي تلك المواد التي نصت عليها لائحة اللجنة الأولمبية عام 1976 وطالبت بتحريم استخدامها في المجال الرياضي واحتوت على المواد التالية :

1- المواد التي تعمل على تنشيط وزيادة الاثارة التنفسية من الامفيتامين .
2- المواد التي تعمل على تنشيط الجهاز السمبثاوي مثل الافدرين .
3- مثيرات الجهاز العصبي المركزي مثل الكورامين والاستكرنين .
4- المواد المخدرة التي تساعد على عدم الاحساس بالالم مثل الكودايين .
5- انابول سترويد مثل الميثانينون (هرمونات – السترويد الابتنائي ) .

والجدير بالذكر هنا إن هناك فرقاً بين اصطلاح المنشطات وبين العقاقير الطبية لان عملية الارتقاء بالمستوى البدني والرياضي يمكن أن تتم بوسائل أخرى غير العقاقير الطبية مثل حالات نقل الدم حيث تعمل هذه على رفع الكفاءة والاداء أيضا .

والجدير بالذكر هنا إن هناك بعض العقاقير المهدئة التي تدخل تحت نطاق المنشطات رغم الاختلاف في الاسم لانها تساعد في رفع مستوى الاداء في بعض الرياضات مثل الرماية كذلك تساعد على تقليل الالم في الملاكمة مثلاً .

ويرى البعض إن عملية التنبيه الكهربائي للعضلات كوسيلة من وسائل الاحماء يجب أن تدخل تحت الوسائل الممنوعة في المجال الرياضي ولكننا نعتقد إن هذا المفهوم خاطئ حيث لم يثبت وجود مضار لهذه العملية إذا ما تمت على أيدي متخصصة .

لقد ثبت بما لايدع مجالاً للشك إن استخدام المنشطات يؤدي الى التأثير الايجابي على عناصر اللياقة البدنية وبالتالي على المستوى الرياضي للاعب اذا ماتم هذا الاستخدام الى جانب العملية التدريبية.ولكن هذا الاستخدام يحتوي الى جانب التأثير الايجابي على النواحي البدنية والوظيفية على تأثير أخر سلبي مصاحب ( أعراض جانبية ) يؤثر بصورة سلبية على صحة الفرد الرياضي المتعاطي بصورة عامة ولقد ثبت بالتجربة ان هذه المضار والاعراض الجانبية وصلت في بعض الاحيان الى حد الوفاة المفاجئة .

والجدير بالذكر هنا ان هذا التأثير يرتبط أيضا بتأثير أخر سلبي وأعراض جانبية تظهر في كثير من الاحيان من أمراض الكبد وتهتك الكلى والاضطرابات المعوية والتنفسية, كذلك قد يؤدي هذا التعاطي في بعض الاحيان الى سقوط الشعر والاضطراب الجنسي, وبالاضافة الى ذلك فقد ثبت ان تعاطي هذه المنشطات عند صغار السن والناشئين يؤدي في بعض الاحيان الى اختلال وظائف الهرمونات من هرمونات الغدد الصماء وسرعة ظهور أعراض البلوغ قبل الفترة الزمنية المحددة كما يمكن ان يؤدي هذا التعاطي أيضا الى ظهور الشعر بالوجه والصدر ولقد ثبت بالتجربة أن استخدام الهرمونات الذك,رة لفترات طويلة وبكميات كبيرة يؤدي الى الاصابة بسرطان الكبد .

كما يؤدي ذلك الى نقص في افراز الغدة النخامية مما قد يؤدي الى العجز الجنسي كما قد يتعرض متعاطو هذه الانواع من المنشطات الى زيادة واضحة في نسبة الكولسترول والدهون في الدم مما يؤدي بالتالي لزيادة امكانية تعرضهم لأمراض القلب والجهاز الدوري وتؤدي عملية استخدام المنشطات من المجموعة الاولى الى بعض الامراض النفسية والعصبية, كذلك بعض أمراض الجهاز الهضمي, كذلك يمكن ان يؤدي هذا الاستخدام الى ارتفاع ضغط الدم الشرياني وفي بعض الاحيان يؤدي ذلك الى الادمان كما ثبت أيضا أن تعاطي بعض انواع المنشطات قد يساعد في حدوث بعض الاصابات ( التمزقات – كسور العظام ) .

كما ان عملية تعاطي المورفين تؤدي في غالب الاحيان الى زيادة ملحوظة ومستمرة في الجرعة المطلوبة بحيث تصبح الجرعات الكبيرة فيما بعد مطلوبة ويمكن تحملها مما يؤدي الى حدوث الوفاة المفاجئة نتيجة شلل في مراكز التنفس كما تظهر أيضا بعض أعراض الادمان التي تتلخص في الخوف والاضطراب وحالات الغضب والغليان كذلك الارق وعدم النوم والاسهال والعرق وسرعة التنفس .

وتؤدي عملية تعاطي هرمونات الخصية البناءه الى زيادة حجم العضلات وقوتها مما يؤدي الى زيادة الحمل الواقع على الاربطة والاوتار نتيجة لان عمليات التكيف بهذه الاجزاء تكون أبطا منها في العضلات كما تشير الدراسات الى وجود علامات مرضية واضحة في الكبد. وبالنسبة للنساء يمكن ظهور اعراض الرجولة لديهم فيتغير الصوت, ويظهر الشعر بالوجيه ويتغير النمط الجسماني .

وبالنسبة للشباب والصغار يمكن أن تؤدي عملية تعاطي هرمونات الخصية البناءة الى حدوث سرعة في بناءالعظام وبالتالي قصر في فترة البناء التي لاتأخذ الوقت الكافي مما يؤدي بالتالي الى الانتهاء المبكر لعمليات النضج وحدوث اعاقات في الطول كذلك يمكن ان تؤدي عملية تعاطى الهرمونات البناءه الى حدوث ضمور في الخصيتين بالنسبة للرجال .

——————
ملء السنابل تنحني بتواضع …….. والفارغات رؤوسهن شوامخ
—————–

صلاح محمد عبدالدائم شكوكو
shococo@hotmail.com