زهير السراج
نيازك المحطة ستة
* أستضيف اليوم أحد علمائنا الأفذاذ بروفيسور عبدالملك عبدالرحمن مدير جامعة الخرطوم السابق وعالم الفيزياء الشهير متحدثا عن حدث علمى مهم وقع فى بلادنا بدون أن نهتم به.. برغم أهميته الكبيرة واهتمام كل العالم به.
يقول بروفيسور عبدالملك:
* في السابع من أكتوبر 2008 دخل الكويكب 2008 TC3 غلاف الأرض الجوي وتمكن علماء في الولايات المتحدة الأمريكية من رصد مساره قبل ساعات من انفجاره على ارتفاع 37 كيلو متر فوق الصحراء النوبية وشاهدت تساقط حطامه طائرة للخطوط الجوية الهولندية كانت في المنطقة.
* احترق الكويكب وتطايرت شظاياه ونيازكه لتسقط في الصحراء بشمال السودان. لم يكن العلماء الأمريكيون وحدهم الذين اهتموا بالحدث بل اهتم به أيضا الدكتور معاوية حامد شداد وزملاؤه بقسم الفيزياء بجامعة الخرطوم فعقدوا العزم على بدء البحث عن أجزاء الكويكب في شمال السودان وانضم إليهم الدكتور بيتر جينيسكنز من معهد البحث عن الحياة الذكية خارج الأرض (SETI: Search for Extraterrestrial Intelligence) ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا). وبعد جهود مضنية كللت مساعي فريق البحث بالنجاح وتمكن الدكتور معاوية وفريقه من العثور على أكثر من مائتي قطعة نيزكية صغيرة أصبحت تسمى الآن عالميا “نيازك المحطة ستة”، إشارة لمحطة السكك الحديدية من “أبو حمد” إلى حلفا القديمة. ووسط اهتمام علمي كبير بالحدث نشر فريق الدكتور جينيسكنز والدكتور شداد أخبار انجازهم في المجلة العلمية العالمية المرموقة “Nature”.
* لقد انعقد في مطلع شهر ديسمبر 2009 مؤتمر علمي عالمي في قسم الفيزياء بكلية العلوم بجامعة الخرطوم لمناقشة الأبحاث التي كتبت عن نيازك “المحطة ستة” وحضر هذا المؤتمر عدد من كبار المتخصصين من وكالة الفضاء الأمريكية وبعض الجامعات الأمريكية والأوربية، مع أن بعض من أراد الحضور منع في اللحظات الأخيرة من السفر للسودان بدعوى “عدم استتباب الأمن فيه”. لقد كان المؤتمر ناجحا حسن التنظيم وأسعدت حفاوة السودانيين المعهودة العلماء المشاركين الأجانب للحد الذي قال لي فيه أحدهم “إننا بدأنا منذ الآن نستعد لمؤتمر ثان في هذا المكان وسيكون الحضور أكبر ولن يستطيع أحد أن يمنعنا من المجيء إلى الخرطوم مرة أخرى”.
* أهمية الإنجاز تكمن في تمكن العلماء، لأول مرة من استرداد بقايا كويكب معروف شاهدوه بأعينهم ينفجر. في الماضي كانت دراسة كويكبات مثل 2008 TC3 تعتمد على تحليل الضوء المنعكس منها. في حالة نيازك “المحطة ستة” نعلم، لأول مرة ، أنها أتت من كويكب نعرفه رأيناه ينفجر. لقد كانت آخر مرة يثير فيها نيزك مثل هذا الاهتمام عندما أعلن ديفيد ماكاي (من ناسا) في عام 1996 عثور فريقه على النيزك ALH84001 في أنتارتيكا بالقطب الجنوبي وكانت الدلائل تشير إلى أنه أتى من المريخ وأن به آثاراً يمكن أن تكون بقايا حياة بدائية، مما جعل الرئيس الأمريكي آنذاك، بيل كلنتون، يصرح باهتمامه بالاكتشاف وتقديره لعلمائه.
* إن التحليل الكيميائي لنيازك مثل نيازك “المحطة ستة” تلقي الضوء على مصدر الكويكب في المجموعة الشمسية وقد توفر بذلك معلومات مهمة عن تكوين المجموعة الشمسية وربما نشوء الحياة أيضا. كما أن معرفة مسارات الكويكبات ذات المدارات القريبة من الأرض NEO: Near Earth Orbits)) مهمة لأن بعضها قد يكون كبيراً وقد يسقط على رؤوسنا دون أن نستعد لذلك فنأخذ على حين غرة، مثل ما أخذت الديناصورات قبل خمس وستين مليون سنة!
مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
13يناير 2010