تحقيقات وتقارير

السودان يواجه مخاطر ما بعد الاستفتاء


قبيل نحو أسبوعين من إجراء الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان، تتزايد حدة المخاوف -في حال إقرار الانفصال- من حدوث اضطرابات بين الفرقاء في الجنوب أو بين الجنوب والشمال، وقد تطال مصر.

وتنبني هذه المخاوف على التردي الاقتصادي والخلافات القبلية جنوبا، وعلى عدم حسم القضايا الخلافية لا سيما ترسيم الحدود.

كما تستند إلى اتهام الخرطوم للحركة الشعبية لتحرير السودان برعاية متمردي دارفور، وكذا المخاوف من وجود أياد إسرائيلية تؤثر على حصص مياه النيل للسودان ومصر.

وترى مريم الصادق المهدي الأمينة العامة المساعدة لحزب الأمة المعارض أن الوضع خطير في ظل استفتاء تحوط به أجواء تدل على صناعة الحرب من أطراف محلية ودولية.

وردا على سؤال بشأن دلائلها على ذلك، قالت مريم للجزيرة نت إن عدم ترسيم الحدود بشكل كامل ووجود 12 نقطة ملتهبة في المنطقة الحدودية، والاختلاف بين الجانبين بشأن آلية عمل مفوضية الاستفتاء، والمصالحة المتشابكة بين الشمال والجنوب (وجود جنوبيين بالشمال والعكس).. هذه كلها دعوة صريحة لاندلاع حرب بين الجانبين.

مكي: الحركة الشعبية صادرت حرية التعبير ورهنت التصويت للانفصال بصرف المرتبات
(الجزيرة نت)
حرب مكلفة
أما زعيم حزب الأمة الصادق المهدي فحذر أمام الملتقى التداولي الرابع لقيادات حزبه الجمعة إنه إذا لم يتم حل المشاكل العالقة بين الجانبين فيمكن أن تندلع حرب تكلف البلاد ثلاثة أضعاف إيرادات النفط منذ عام 1999.

وقال إنه سيدعو إلى حملة تعبئة لمخاطبة كل الأوساط وخاصة الجنوبيين للتركيز على الوحدة بالمعروف أو الانفصال بإحسان.

ومن جهته أكد البروفيسور ديفد ديشان رئيس الجبهة الديمقراطية بجنوب السودان -المعارضة للحركة الشعبية- أن الوضع مضطرب جدا في الجنوب.

وعزا ذلك في حديثه للجزيرة نت إلى ما وصفه بأسلوب الحركة الدكتاتوري في الحكم واعتقال المعارضين، مع وجود نزاع مسلح بينها وبين مناوئين لها في ثلاث ولايات احتجاجا على نتيجة انتخابات أبريل/نيسان الماضي التي زورتها الحركة حسب قوله.

وتوقع ديشان أن ينعكس الانفصال حال إقراره سلبا على شمال السودان ومصر بسعي أطراف أخرى لكي تحذو حذو الجنوب، إضافة إلى الأصابع الإسرائيلية -بمساعدة الغرب- الساعية للاستفادة من مياه النيل، معتبرا الجنوب إحدى محطاتها.

وبشأن التأثيرات السلبية لترتيبات الاستفتاء قال المحلل السياسي الدكتور حسن مكي إنه جرى خرق واضح للدستور الانتقالي بشأن عمل مفوضية الاستفتاء من حيث المواعيد المحددة لكشوف الناخبين والطعون التي كان محددا لها 90 يوما فأصبحت أسبوعا.

واعتبر مكي أن ذلك الوقت غير كاف للطعون، وهو ما يجعل الاستفتاء -حسب قوله- مطعونا فيه.

وعن الوضع بالجنوب أضاف مكي للجزيرة نت أنه جرى سجن الداعين إلى الوحدة في حين صادرت الحركة الشعبية حرية التعبير، بل ورهنت التصويت لصالح الانفصال بصرف المرتبات، لا سيما أن المناطق المحاذية للشمال -عدد سكانها 30%- تؤيد الوحدة.

وتوقع مكي أن يظل الجنوب حال الانفصال في شبه اتحاد مع الشمال، لكنه من الناحية السياسية سيظل مربوطا بإسرائيل والدول الغربية.

قرنق رفض الحديث عن غياب
مقومات دولة الجنوب (الجزيرة نت)
قضايا شائكة
وكان الأمين العام للمؤتمر الشعبي حسن الترابي قال في حوار للجزيرة نت الجمعة إن الجنوب إذا استقل ستواجهه قضايا شائكة.

وعزا ذلك إلى كون الجنوب مؤلفا من قبائل والحكومة هناك عسكرية ولا توجد لديها مناهج للتنمية وتجاوز عصبية القبائل، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية المتدنية.

ورفض أتيم قرنق نائب رئيس المجلس الوطني السوداني والمنتمي للحركة الشعبية في حوار مع الجزيرة نت الأربعاء الإجابة عن سؤال بشأن التقارير التي تتحدث عن أن الجنوب لا يملك مقومات دولة ويعاني من مشكلات اجتماعية.

وقال “هذا شأننا وليس شأن الآخرين، ونحن لا نريد أن نعمل دعاية تجارية لأنفسنا.. هذا شأننا”.

كما أجاب بشكل مبهم عند سؤاله عن التعاون الجنوبي مع إسرائيل، وقال إن “زوبعة إسرائيل أصبحت مستهلكة.. اسألوا مصر والمغرب والأردن، عندما تجيب هذه الدول سنجيب نحن”.

أما مستشار وزير الإعلام السوداني ربيع عبد العاطي فقال إن الحكومة السودانية لا تريد قلاقل أو حربا وإلا ما وقعت اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا وقامت بتطبيقها من البند الأول حتى الأخير، وهي تسعى للمحطة النهائية وهي التعايش السلمي.

وأضاف عبد العاطي للجزيرة نت أنه إذا قام طرف بإثارة المشكلات فسيكون هو حينئذ المسؤول عن عدم الوصول إلى غاية الاتفاق.

يشار إلى أن اللجنة الفنية المكلفة ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب كشفت في وقت سابق وجود عقبات تعترض ترسيم كل الحدود قبل الاستفتاء المقرر يوم 9 يناير/كانون الثاني المقبل.

الجزيرة نت