الطاهر ساتي

التدشين ، كما الحرية ..« لنا ولسوانا »

[ALIGN=CENTER]التدشين ، كما الحرية ..« لنا ولسوانا » ..!![/ALIGN] ** الخطاب الانتخابي المباشر للقوى السياسية ومرشحيها يجب أن ينطلق منتصف فبراير القادم ثم الأيام التالية ، أو هكذا ينص الجدول الزمني لمفوضية الانتخابات ..وأجهزة الدولة ، المؤمل حيادها في هذه المرحلة ، يجب أن تحمي هذا النص من الاختراق والاحتراق ، بأن تكون آلية محايدة للمفوضية ..ولكن ما يحدث حاليا على واقع الحال يشير الي أن ذاك النص في واد وبعض مرشحي المؤتمر الوطني وأجهزة الدولة في واد آخر .. أي ، البعض في الحزب الحاكم لم ينتظر منتصف فبراير ، وكذلك أجهزة الدولة لم تلزمهم بالانتظار ، وكذلك مفوضية الانتخابات لم تستخدم تلك الأجهزة ضد تفلتهم وتجاوزهم واستباقهم لموعد الخطاب الانتخابي المباشر بشهر كامل ..!!
** والنموذج الأخير لهذا التجاوز تم مساء السبت الفائت ، حيث دشن الدكتور عبد الرحمن الخضر – مرشح المؤتمر الوطني لمنصب والي الخرطوم – حملته الانتخابية تحت سمع وبصر المفوضية وأجهزة الدولة بحدائق شارع النيل..وحشد لهذه المناسبة قادة حزبه وبعض قواعده ثم بعض المنشدين والمادحين ، ليخاطبهم خطابا سياسيا مباشرا ومحشوا ببرنامج حزبه الحاكم في المرحلة القادمة..وكل هذا بمثابة عمل مشروع ، ولكن ما ليس بمشروع هو أن أجهزة الدولة التي وفرت الحماية لهذا التدشين ، هي ذاتها أجهزة الدولة التي منعت الدكتور عبد الله علي ابراهيم – مرشح لرئاسة الجمهورية – من تنظيم ندوة أراد أن يدشن فيها حملته الانتخابية بالحاج يوسف قبل « كم يوم » ، وذلك بحجة أن المرشح عبد الله علي ابراهيم يستبق موعد انطلاقة الحملات الانتخابية .. ثمة سؤال لتلك الأجهزة التي نحسب بأنها محايدة : لماذا يكون تدشين المرشح عبد الله بالحاج يوسف « استباقا حراما » ، بيد أن تدشين المرشح الخضر بشارع النيل « استباقا حلالا » ..؟؟..هكذا نسأل لمن يهمهم أمر « الحياد والنزاهة » ..!!
** وعليه ، بعيدا عن ذاك النموذج الصغير ، وليس بعيدا عن القضية الكبرى ، يجب تنبيه المفوضية بأن معظم مرشحي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وأحزاب البرنامج الوطني ، معظمهم لايزالون من شاغلي المواقع التنفيذية بالدولة ، ولهم ما لهم من امكانيات الدولة التي يسخرها الدستور لتسيير أمور دولة الناس جميعا ، وليس أحزابهم السياسية .. ولكن الشاهد على الأرض منذ الاعلان عن ترشيحات الولاة والدوائر وغيرها ، يختلف عن المكتوب في الدستور ..على سبيل المثال : عربات الدولة ذات اللوحات الرسمية تشكل حضورا كثيفا فى محافل التدشين الانتخابي..هذا مثال بحجم الذرة ، وقد يكون ماخفي هو الأعظم .. وهذا يتناقض مع الحياد والنزاهة ، اذ ليس من العدل أن تسخر الدولة امكانياتها لترشيح مواطن ما لمنصب ما ، ثم تحرم المواطن المنافس له من تلك الامكانيات .. وأشير بوضوح لا لبس فيه الي : كل المرشحين الذين ليسوا ب « مواطنين فقط لا غير » ..أي ، الذين يتولون أمر الناس من خلال مواقعهم الرسمية ، مع التركيز على « الولاة الذين رشحتهم أحزابهم لمناصب الولاة » ..وسائل تلك المواقع العامة يجب ألا تسخر في الحملات الانتخابية ..علما بأن ملامح تسخيرها ظهرت قبل موعد الحملات .. الأحزاب الحاكمة لم ولن تحدثها نفسها باقالة مرشحيها من مناصب الدولة ، ليتساووا مع الخصوم في الحرمان أو الاعتماد على الذات ..هذا لم يحدث ولن يحدث ، وكان يجب أن يحدث ، طالما كثر الحديث عن المنافسة الشريفة ونزاهة الانتخابات .. نعم ، يجب ازالة كل الشبهات والتشوهات ..و..عفوا ، نسيت – أو تناسيت – بأني اتحدث عن انتخابات إحدى دول العالم الثالث …!!

اليكم ..الصحافة-العدد 5943
tahersati@hotmail.com