الطاهر ساتي
التعبير لايعني التدمير
** نعم ، نتفهم مدى حرص وسعي لجنة التأمين العليا ورئيسها على تأمين الانتخابات المرتقبة وحمايتها من المخاطر ، وكذلك نستشعر ونتفهم قلق وتوجس تلك اللجنة ورئيسها تجاه هذا الحدث المهم ، وذلك بحكم المسؤولية الملقاة على عواتقهم .. لهم حق القلق والتوجس ، فالأمر ليس بالهين ، وكذلك جهدهم وسعيهم وسهرهم على تأمين الحدث المرتقب محل احترام وتقدير الجميع ، ويجب أن يجد عملهم هذا دعم ومؤازرة كل القطاعات ، الرسمية منها والشعبية..هذا من حيث المبدأ الذي لاخلاف عليه..ولكن ما بين القوسين في الفقرة أعلاه – في تقديري – حديث غير موفق ، وضرره أكثر من نفعه ، خاصة اذا يريد به رئيس لجنة التأمين التأكيد على أن الأمن المحيط بالعملية الانتخابية مستتب ، وان سيادته وكل اللجنة وقوة التأمين « جاهزين » ..لو هذا هو المقصد من ذاك الحديث ، فانه غير موفق ، بل يتناقض مع المقصد شكلا ومضمونا ..!!
** ارهاب المرشحين وقواعدهم – وكل الشعب – عبر وسائل الاعلام بأن هناك اغتيالا ينتظر بعض المرشحين في حال خسارتهم للانتخابات ، لا يعد وسيلة مثالية لتأمين النشاط السياسي المرتقب والحملات الانتخابية القادمة ، بل يعكس لهم وللدنيا والعالمين بأن الانتخابات القادمة في السودان محفوفة بالمخاطر ، بشهادة رئيس اللجنة العليا المناط بها تأمينها..أو هكذا يقرأ العالم مثل هذا الحديث ، ثم يزداد قناعة بسموم بعض وسائل الاعلام الغربية الناعقة ليلا ونهارا بأسطوانة : الأمن ليس في دارفور فحسب ، بل حتى في المناطق التي تتأهب للانتخابات غير مستتب..أو هكذا تترجم السفارات والمنظمات ووكالات الأنباء مثل هذا الحديث وتحتفي به..وهي غير معنية بتفسيره بأن رئيس لجنة التأمين ما تحدث به جهرا للصحف الا ليقول للناس والبلد : « شوفوها .. لجنتنا شغالة »..تلك جهات لاتتمتع بمثل هذه « النوايا الطيبة » .. !!
** ثم كل الذين ترشحوا – للرئاسة والبرلمان والولايات والمحليات ومجالسها – ليسوا بأربعين مليون مواطن ، ولا نصفهم أو ثلثهم ، بل هم يعدون على أصابع أية جهة شرطية ، اتحادية كانت أوولائية..وأمر تأمينهم يجب ألا يثير الرعب في نفوسهم ولا في أنفس الناس جميعا ، وهناك أكثر من وسيلة تحذير مناسبة و تحوط ممكنة بين المرشحين واللجان المناط بها مهام تأمينهم ، ليس من بينها مخاطبتهم عبر الصحف بخطاب معناه : « نحن عندنا معلومات أنهم بيكتلوك لو خسرت » ..هذا الخطاب ، بهذا الشكل ، يحد من حرية المرشح والناخب معا ، ويمنحهما احساسا لا اراديا بأنهما في ابريل القادم على موعد مع معارك يسال على جوانبها الموت والخطف والضرب ، وليس صناديق يملأها الوعي والتنافس الشريف والاختيار الحر ..!!
** وعليه ، يجب تلطيف المناخ المرتقب ليمارس الكل حقه في التعبير والاختيار بوعي ومسؤولية في إطار القوانين واللوائح التي تنظم ذاك الحق ، وكذلك يجب رفض كافة أنواع العنف والترهيب ، أقوالا كانت او أفعالا .. والرجاء هذا ليس للجنة التأمين فحسب ، بل للصحف أيضا .. كما التأمين يختلف عن الترهيب يا سادة يا كرام ، فان حرية التعبير أيضا تختلف عن ..« حرية التدمير» ..!!
اليكم ..الصحافة-العدد 5947
tahersati@hotmail.com