عبد اللطيف البوني

أخبار حلوة لكن فيها إنَّ


[ALIGN=CENTER]أخبار حلوة لكن فيها إنَّ [/ALIGN] ونحن في غمرة إنشغالنا بتسجيلات اللاعبين والكلاب الضالّة وأخيراً الانتخابات التي ارتفعت حُمّتها تسرّبت من بين أيدينا أخبار كان يمكن أن تكون مُفرحة بعض الشيء . لقد أصبحنا مثل (تور الساقية) لاينظر إلاَّ في الوجهة التي تُفرض عليه؛ فإعلامنا أصبح أقرب إلى إعلام (الهيجة)… إعلام الحدث الرئيسي. وحتى في هذا ليتنا كنا (شُطّار) إذ (نلف وندور) حول الحدث ثم نتركه للذي بعده دون الرجوع للأول الذي يصبح نسياً منسياً؛ ولنسأل هنا سؤالاً: ماذا فعل الله بالكلاب الضالّة التي ملأات الدنيا وشغلت الناس ؟ هل تم العثور على مُطلقها (بكسر اللام )؟ أم إنه ليس لها سيد ؟ هل يُعقل أن تكون هناك مسرحية بدون شخوص ؟ ماعلينا. من الأخبار التي لم نُوفها حقّها تطورات الأحداث بين السودان وتشاد (جارتنا وبت حارتنا وبنريدها)، فالسيد غازي صلاح الدين الموجود في الدوحة الآن كان قد قام برحلات ماكوكية بين الخرطوم وأنجمينا والتقي بالسيد موسى فكي (الذي يشبهنا مظهراً ومخبراً) وزير خارجية تشاد مراراً كما التقى بالسيد إدريس دبي شخصياً وتم التوقيع على اتفاقية سلام فحواها أن يكُف البلدان عن تبادل الأذى (والله العظيم ماعارف دي الاتفاقية رقم كم من كترتها)، والأهم من كل ذلك أنَّ الدكتور غازي التقى بالدكتور خليل وحتماً تذكرا (قصة الريدة القديمة). الشيئ المؤسف أنَّ أخبار العلاقات التشادية السودانية أصبحت مثل الأخبار (البايتة) لاترفع حاجب الدهشة لكثرة الإحباطات التي لازمتها مع أنَّ الكلّ موقنٌ بأنه لاحلَّ لمعضلة دارفور مالم يشترك فيه البلدان . أمّا مايجري في الدوحة الآن (والله ماعارفين نقول شنو ؟ نقول جميل ؟ نقول حلو ؟ نقول ماهو ؟ ماهو الكلام مكملو). بالمناسبة أين التاج مكي ولماذا طالت غيبته؟ من الأخبار التي تسعد القلب ولكنها ضاعت في زحمة اللاعبين والكلاب والساسة الاتفاق الذي تم بين حكومة السودان وشركة (فرص) السعودية، وهي الذراع الاستثماري للغرفة التجارية للزراعة والصناعة والتي تضع على رأس أولوياتها تحقيق الأمن الغذائي في البلاد الإسلامية، فهذه الشركة وبموجب الاتفاقية المُشار إليها سوف تقوم بزراعة 300 ألف فدان في ولاية سنار مُستخدمة أحدث التقنيات الزراعية، وأحدث تقنيات الري، وأحدث النظم الإدارية وبتكلفة قدرها 200 مليون دولار (بنات حفرة)؛ وقد حضر التوقيع الشيخ كامل صالح رئيس المجموعة بنفسه (بالمناسبة لماذا تركت الـ( إي آر تي) كأس إفريقيا والدوري السوداني ؟). هذا المشروع الزراعي الضخم (لاأدري ماذا سُمِّي؟) لو قُدِّر له النجاح سيكون طفرة قد تفوق كنانة لأنَّ بدايته أكبر من بداية كنانة من حيث المساحة، ومن حيث رأس المال، ومن حيث تطور تقنيات الزراعة، ومن حيث زيادة الحاجة للمحاصيل الزراعية، فسُنة الحياة التطور ولقد كانت كنانة طفرة بالنسبة للجزيرة فطبيعي أن يكون مشروع سنار طفرة بالنسبة لكنانة. قلنا (لو قُدِّر) لأن واقع الاستثمار في بلادنا لايطمئن أبداً لا من حيث الإمكانات الطبيعية ولا من حيث رأس المال، ولكن من السياسات الإدارية التي لوَّثت مُناخ الاستثمار وجعلت المستثمرين الجادّين يفرُّون من البلاد فرار المُعافى من المجذوم ليبرطع فيها (السراريق) من أمثال الربضي وبتاع قريش وماعارف مين . إنَّ مُقوِّمات الزراعة في السودان من أرض وماء وشمس لامثيل لها في كل العالم، وإنَّ تجارب السودان الزراعية مُشرِّفة، لابل حتى قوانين الاستثمار مُشجِّعة من حيث النصوص ولكن، وآه من لكن هذه، السياسة الإدارية والمُناخ العام التي تنبعث منه الصفافير والنقارير والزفافير(الزفافير دي شنو؟) أورد كل التجارب الاستثمارية الأخيرة موارد التهلكة، والله يكون في عون مشروع سنار الجديد.

صحيفة التيار – حاطب ليل26 /1/2010
aalbony@yahoo.com