حوارات ولقاءات

بروفيسور عبد الرحيم علي في حوار مع (السوداني) (2-2): الحركة الإسلامية قدمت تنازلات لاستيعاب الآخرين

[ALIGN=JUSTIFY]الانقلاب العسكري ليس الوسيلة السليمة للسلطة وصول الحركات الإسلامية إلى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية كيف تبررون ذلك؟

هذه المسألة ظلت محل خلاف بين الحركات الإسلامية وكان رأي الحركة الإسلامية ان الانقلاب ليس هو الوسيلة السليمة للوصول للسلطة لأنها تؤمن بأن الحكم عن طريق الاختيار هو الأسلوب الأمثل لكن الحركة الإسلامية في السودان من خلال تجربتها عندما كانت في السلطة عبر وسائل شرعية وشريكة لأحزاب بناء على وزنها البرلماني كانت هناك تدخلات أجنبية لابعادها عن السلطة وحدث ذلك لأكثر من مرة عندما كانت الحركة شريكة في السلطة.. ويقول أبناء الحركة أنهم يواجهون انقلاباً وشيكاً يوجه ضدهم وضد نمو حركتهم في المجتمع السوداني وهذا الانقلاب كان وشيك الحدوث في الجيش وحدث تسابق وهم سبقوا. كيف ترى واقع الحركة الإسلامية الآن ولماذا انحسر الخطاب الدعوي؟

بالنسبة للحركة الإسلامية على المستوى العالمي فهي تسير في تقدم أما في السودان فقد شغلت الحركة الإسلامية في أشخاصها وبرامجها في إدارة الدولة لذلك فإن جزءاً كبيراً من نشاطها قد ضمر وتقلص.

وهل يحمل المؤتمر السابع للحركة معالجات لهذه الظاهرة؟

بالتأكيد هناك معالجات عبر المؤتمر وهناك أوراق مقدمة في هذا الاتجاه لكن المهم هو الالتفات للمسألة وضرورة معالجتها. يرى المراقبون ان بعض الهيئات والتنظيمات الدعوية في الحركة الإسلامية انحرفت عن مهامها الرئيسية إلى مهام استثمارية مالية؟

الحركة الإسلامية ليست إلا جزءاً من المجتمع السوداني فيه نشاط اقتصادي, الحركة الإسلامية أصبحت جزءاً منه في بعض أفرادها وليس عدد كبير منه لكن بدون شك فإن الثروة التي توجد في أيدي السودانيين الآن أكبر بكثير من الماضي نالت الحركة الإسلامية أقل ما ناله غيرها. الملاحظ الآن ان حزب المؤتمر الوطني ظل مسيطراً على معظم الوظائف في الدولة ومقاليد الاقتصاد؟

لو رجعنا للتطورات التي حدثت في السنوات الماضية عقب التوقيع على اتفاقية نيفاشا نجد ان الحركة الإسلامية تخلت عن مواقع لاستيعاب آخرين والشئ الآخر هو ان بيوت التمويل الكبيرة ليست في يد الحركة الإسلامية الآن فالأموال الحقيقية الآن تدور في يد تجار تمسكوا بالسوق بينما اشتغل الآخرون بالسياسة. لكن ظاهرة ثراء الإسلاميين اصبحت واضحة في الوقت يعيش فيه أكثر من 90% تحت خط الفقر؟!!

ما يقال حول ذلك دعاية يسارية ولا أظن ان 90% يعيشون تحت خط الفقر ولا أظن أيضاً ان كل الإسلاميين يعيشون ظاهرة الثراء فهنالك من الإسلاميين لا يجدون الآن لقمة العيش لأنهم جزء من المجتمع السوداني ومن كان منهم غنياً فهو مع الأغنياء ومن كان منهم فقيراً فهو مع الفقراء لذلك فإن الدعاية التي تروج ضد الإسلاميين بأنهم أصبحوا أثرياء جاءت بسبب وجودهم في السلطة ليس إلا. طرحت الحكومة تجربة الخصخصة باعتبارها نهجاً إسلامياً ماهو تقييمكم لهذه التجربة من حيث السلبيات والايجابيات؟

الظروف التي مر بها السودان كانت تقتضي إلى حد كبير خروج الدولة من النشاط الاقتصادي لترك آليات السوق تعمل وهذا الأمر ليس اتجاهاً سودانياً بل أصبح عالمياً واعتقد ان الآثار الناجمة عن الخصخصة وهي ان تؤول المؤسسات الاقتصادية الكبرى لجهات خاصة تعمل على تأهيلها هي آثار ايجابية لكن مع ذلك هناك آثار سلبية أحدثتها تجربة الخصخصة أهمها فقد عدد كبير من العاملين لوظائفهم وجاءت المعالجات لذلك عن طريق إنشاء صناديق معالجة الفقر إضافة لصندوق الزكاة ولا يخفى علينا مسألة دخول البترول السوداني في الاقتصاد فالاقتصاد السوداني أصبح إلى حد كبير هو اقتصاد حر وظل السودان يعاني من توجيه موارد كبيرة في معالجة الانفلاتات الأمنية وهذا الأمر الذي أدى لجوء الإنقاذ لتوحيد الصف والكلمة لينعم الجميع بالاستقرار والتنمية. كيف تقيمون تجربة الحكم الإسلامي في افغانستان ولماذا فشلت حركة طالبان في تقديم نموذج للإسلام السياسي؟

افغانستان قصة جهاد ضد المستعمر ففي الجزء الكبير من التاريخ فهي بلد ضعيفة الاقتصاد ولا توجد فيها طبقة وسطى متعلمة تستطيع ان تقود الدولة بشكل فعال كما أنها تتكون من عدة قبائل بينها مشكلات كبيرة وهي عندما نجحت في إخراج الاتحاد السوفيتي وقعت خلافات كثيرة بين هذه القبائل إذ لم تكن هناك قاعدة معنية تربط بين هذه القبائل لذا أصبحت الحكومة قبلية أكثر مما هي إسلامية يضاف إلى ذلك بداوة الاقاليم الافغانية وعدم استيعابها للتطورات العصرية وبالرغم من أنهم مسلمون ومقاتلون أشداء إلا أنهم تنقصهم المعرفة بواقع العصر ومتطلبات الحياة المدنية فكل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى إنشاء دولة بدائية استخدمت ضدها كل وسائل الإعلام القوية العالمية مثلما حدث في السودان. حكومات الحركات الإسلامية كثيراً ما توصف بالإنكفائية اين الحركة الإسلامية في السودان من هذا الوصف؟؟

أعتقد ان الإسلاميين على مستوى العالم وان كان لم يحكموا إلا في السودان وايران إلا انهم تحملوا مسؤوليات مدنية في معظم البلاد الإسلامية فالحريات إذا كانت متاحة في العالم الإسلامي لاستطاعت الحركة الإسلامية تحقيق كل ما تراه في مجتمع معاصر لأنها تعمل على أساس الشورى والديمقراطية فهي الآن تنتخب قياداتها وتتعامل مع القضايا العصرية بوعي وفهم وتشارك في الحوار العالمي مع كل القيادات الدينية العالمية وهي لم تكن معزولة سوى في السودان أو مصر وغيرها ولا يوجد ما يجعلها تشعر بالانكفاء. ماهي المرتكزات التي اعتمدتها الحركة الإسلامية منذ البنا مروراً بسيد قطب حتى د.الترابي في تكفير الدول التي تعارضها من أجل تبرير شعارها المتعلق بالدولة الدينية؟

أعتقد ان تجربة الحركة الإسلامية في مصر امتنعت عن تكفير أي مسلم وكتب مرشدها العام كتاب (دعاة وليس قضاة) ويقصد بذلك انه ليس علينا ان نحكم على الناس كقضاة وانما علينا ان ندعو الناس لدعوتنا وإصلاح حالها وهناك مؤلفات عديدة تثبت ان الدعوة الإسلامية ليست دعوة تكفير أما الموقف من الدول الأخرى ليس موقفاً إسلامياً يتعلق بالحركة نفسها فهي ليس لها فقه خاص بها وانما تعتمد على الفقه العام الموجود لكل المسلمين تجاه الآخرين. نظرة الحركة الإسلامية سلبية نحو الأقليات الدينية وحقوقها وموقفها من ذلك وهل صحيح ان الترابي كان يحبذ فصل الجنوب في السبعينيات لتلك الاسباب الأيدلوجية؟

أنا لا أعرف ان الترابي كان يريد فصل الجنوب ولم تقل الحركة الإسلامية عبر تاريخها أنها تريد ان تفصل الجنوب كل الذي فعلته الحركة أنها قالت تريد ان توقف الحرب ولو كان يعني ذلك ان يختار الجنوب مصيره والحركة الإسلامية وافقت على تقرير المصير من هذا الباب ولهم الحق بعد ان يجربوا الوحدة وان يختاروا مصيرهم حتى لا تكون هناك حرب دائمة وهذا هو الموقف لكن فكرة ان الإسلاميين يقفون موقفاً سلبياً من الأقليات فهذا حديث غير صحيح إذ ان الحركة الإسلامية طورت فكرة المواطنة وصارت الدول المجاورة والحركات الإسلامية الأخرى تعمل بهذه الفكرة كصيغة للتعامل مع الأقليات المسيحية وهي صيغة اجتهادية مأخوذة من الفقه الإسلامي وفي نفس الوقت تنظر إلى مقتضيات الدولة المعاصرة التي أصبحت فيها المواطنة هي الغالبة.. فالحركة الإسلامية عالمياً وبصفة خاصة في السودان قبلت ان تكون الدولة للمواطنين بحقوق متساوية وواجبات يحددها الدستور ويكون التعاقد بين المسلمين وغيرهم على أسس واضحة. الكثيرون يحملون الحركة الإسلامية مسؤولية ما يحدث في السودان خاصة الهجوم الذي تعرضت له البلاد مؤخراً من قبل حركة خليل باعتباره تصفية حسابات بين الإسلاميين خصوصاً وان خليل ينتمي للحركة ومن مؤسسي الإنقاذ؟

لا ينكر أحد ان للانشقاق آثاراً سالبة كثيرة ولا أدري ان لأي حد الانشقاق مسؤول عن ما قام به خليل من عمل عدائي لكن له دور فيه وأخيراً أصبحت حركة خليل اقرب إلى حركة قبلية عنصرية منها إلى إسلامية أو وطنية عامة.

السوداني[/ALIGN]