صلاح شكوكو

ما تصعبها .. خليها تمشي

[ALIGN=CENTER]ما تصعبها .. خليها تمشي[/ALIGN] من المعروف أن لاعبينا مصنفون على أنهم (( فاقد تربوي )) على الأقل الكثير منهم .. وحتى نكون دقيقين نقول أنهم (( متسربون من الدراسة )) بمعنى أنهم لم يكملوا دراساتهم للحد المعقول إلا من رحم ربي .

وحينما نقول الحد المعقول فإننا نعتقد أن المرحلة الثانوية النظامية أصبحت ضرورة من ضروريات التعلم وفيها تكمن المقدرة على التثقيف الذاتي .. لأن هذه المرحلة تتيح للإنسان قدرا من الإستنارة وكذلك هي مرحلة عمرية يكون الفرد فيها قد تجاوز مرحلة المراهقة التكوينية .

والشاهد أن مسألة فهم اللاعبين للتكتيكات والخطط الكروية تتطلب قدرا وافرا من الفهم والإستيعاب لأنها نظريات يجب أن تتحول الى أرض الواقع والممارسة .. والتدريب في كرة القدم شأن من هذه الشؤون المعقدة .. التي تتطلب كغيرها مقدرات وإدراكات فكرية عالية .

فهل يستطيع لاعبونا فهم هذه النظريات والتكتيكات والتكنيكات العالية ؟؟ خاصة وأنها تصدر من مدربين لا يجيدون لغتنا ؟؟ ولا نجيد فهم لغتهم .. بل أن كل اللاعبين تقريبا لا يفهمون هذه اللغات .. مما يستوجب أن يكون هناك (( ترجمان )) يستوعب هذه الأفكار أولا ثم يترجمها للاعبين ..

وهذه مشقة لايقدر عليها كل الناس .. لأن الترجمة فن مهني يحتاج الى مقدرات عالية وفهم عميق باللغة ومدلولاتها المعنوية والحسية .. بل الحركية كذلك .. وبالتالي نحتاج الى مترجمين بقدرات فنية ربما تفوق المدربين بكثير لأن الفهم والإفهام أكثر صعوبة من الإرسال العفوي بإطلاق الحديث على عواهنه .

إذن كيف يتم التواصل بين المدرب واللاعب ؟؟ وكيف يتم في مرحلة أخرى بين المدرب ثم المترجم ثم اللاعب ؟؟ اليست المشكلة معضلة حقيقية ؟؟ سيقول البعض بأن لغة الإشارة والحركة تيسران الأمر كثيرا .. نقول لو كانت لغة الإشارة تكفي لجئنا بكتاب كبير فيه عصارة علم التدريب وأعطيناه لأي شخص يترجمة ولما إحتجنا لهؤلاء المدربين باهظي الثمن ومستنزفي الإندية .

وتصبح المشكلة أكثر تعقيدا حينما ندرك بأن معظم لاعبينا لم يتلقوا التدريب الكافي في المراحل العمرية المختلفة .. لأن اللبيب في احايين كثيرة بالإشارة يفهم .. لكن اللبابة هنا لا تكفى وحدها .. لأن التراكم التدربي مطلوب ..

لاحظت ان كبار مدربينا يأتوننا من بلاد (( الواق واق )) وهؤلاء لغتهم هي لغة بلادهم .. ومعرفتهم باللغات العالمية ضعيف .. مما يجعلنا نحن نسعى الى البحث عن ترجمان من جلدتنا .. وحينما يتوفر هذا الترجمان .. لا نشترط عليه مواصفات قياسية معينة .. لأن الندرة تجبرنا على قبول أي شخص (( وقواقي )) وهنا تكمن المشكلة بكل تفاصيلها المؤلمة .

وقد لاحظت بأم عيني كيف أن أحد المترجمين الوقواقين .. قد تلعثم بالكلام وهو يواجه اللاعبين وهو يدرك أنه لو ترجم لهم أغنية لما إعترض عليه أحد .. يحدث هذا للأسف الشديد ونحن مطمئنون الى مدربينا ومترجمينا .. متجاهلين دور المترجم المجتهد الذي ربما لا يترجم العمل الفني بالدقة المطلوبة .

وقد ضحكت مرة على أحد لاعبينا الذي واجهه حكم سنغالي بوابل من التوجيهات الشفوية على الخط .. وصاحبنا يرد عليه بالدارجية ( الرندوكية ) التي لا تمت للغات بصلة .. والتي لو قالها في مطار الخرطوم لما فهم الناس مايقول .. فكيف برجل كهذا أن يتحوط لموجهات الحكم التحذيرية ولا يقع في المخالفة ثانية ؟

نحن في حاجة ماسة الى إيلاء هذا الأمر قدره من الإهتمام حتى لانكون كمن يحرث في البحر .. فإحضار مدربين بملايين الدولارات .. ثم تركهم في مهب الريح مع مترجم هاو يأخذ راتبا كذلك .. مسألة جد خطيرة وتجعل حلقة من حلقات التواصل مبتورة .. بينما الواجب أن يكون هناك معيار للترجمة بشقيها اللغوي والفني .

لماذا لا نشترط على المدرب القادم إلينا أن يحضر معه مترجما .. نختبره نحن للتعرف على درجة إجادته للعربية حتى نستوثق من مقدراته .. طالما أننا نستقدم المدربين من الخارج وبهذا القدر الباهظ من المال ؟؟ .

ويبقى السؤال .. كيف ننقل التدريب والتكتيك لمحترفينا من اللاعبين الأجانب ؟؟ .. خاصة الذين لا يفهمون لغة المدربين ؟؟ هل نوفر لهم مترجمين خاصين .. أم (( نسيبها لله )) ؟؟ .

حينما علم شقيقي امجد بشأن هذا المقال قال لي : (( بالله ياصلاح ما تصعبها خليها ماشة )) .. وها أنذا أتركها .. وأنا موقن أن اللاعب الأجنبي سيتعلم الدارجية السودانية والتمباك وسيزداد الطين بله .
………..
ملء السنابل تنحني بتواضع … والفارغات رؤوسهن شوامخ
………..

صلاح محمد عبدالدائم شكوكو
shococo@hotmail.com