عبد اللطيف البوني

عبد الواحد معه حق

[ALIGN=CENTER]عبد الواحد معه حق [/ALIGN] يقول المثل المصري (جات الحزينة تفرح ما لقتش مطرح)؛ أخشى أن يكون هذا هو حال اتفاقية الدوحة الإطارية الثانية التي وُقِّعت يوم الخميس 17 من مارس الجاري بين حكومة السودان وحركة التحرير والعدالة. ولو جاز تعميم الموقف الشخصي يمكنني القول إنّ هذه الاتفاقية لم تجد مطرحاً في النفوس، ليس حُبّاً في عدم الاتفاق بل لأنّ (الحكاية كترت ومسخت). فقبل أسبوعين وقّعت حركة العدل والمساواة على اتفاق إطاري وأُقيم له احتفالٌ ضخم أمّه أربعة رؤساء، فقال الذين وقّعوا في الخميس الأخير إنّ هذا الاتفاق لايعنيهم من قريب ولامن بعيد. وساعة توقيع جماعة الخميس قال جماعة الخليل إنّ هذا الاتفاق لايعنيهم من قريب ولامن بعيد، علماً بأنّ كلهم يدّعي تمثيل دارفور، لابل هو الممثل الرئيسي؛ خليل بشرعية البندقية لأنه الأقوى عسكرياً، والسيسي لأنه يمثل المجتمع المدني الدارفوري. الواضح أنّ الخلاف ليس داخل دارفور بين من يُسمّون عرباً وزرقة بل داخل أيّ من الفصيلين، كما توجد خلافات بين الدول الإقليمية المحيطة بدارفور والسودان، وتوجد خلافات بين الحاكمين في السودان، وتوجد خلافات حول دارفور بين جماعة الوساطة. وعلى الصعيد الدولي توجد خلافات (في فرصة أخرى إن شاء الله يمكننا أن نُفصِّل في هذا الأمر). هذه التقاطعات تدل على أنّ مأساة دارفور سيطول بها الأجل، وأنها وجدت لتبقى. ولن نستبعد أنها يمكن أن (تجيب خبر السودان). عبد الواحد محمد نور، المعتصم الآن بعاصمة الجمال والنور، والذي يتحدّث عن حقوق شعب دارفور من خلال (الثريا)، والذي حيّر الجميع برفضه التفاوض مع أية جهة دارفورية أوسودانية يبدو أنه على حق، على الأقل من حيث الشكل أي رفض التفاوض، ولكن ليس للأسباب التعجيزية المتحركة التي يطرحها كلّما دعت المناسبة، بل لأنّ أيّ اتفاق ومع أيِّ فصيل أوعدّة فصائل يتبخّر في أيام في ظل هذا التشطير لحركات دارفور وخلافات القوى الإقليمية والدولية. فقد ثبت للرجل أنّ أيّ اتفاق لن يصمد لأيام وبعدها يذهب بالذي وقّعه في خبر كان ليقوم آخر مُدّعياً أنه فارس دارفور. فطالما أنّ أيّ اتفاقية مصيرها معروف فلماذا لايبقى في باريس وهو يتفرّج على جثث الاتفاقيات؟ نعم، إنّ في دارفور مأساة وحرب أهلية، وهذه كأيِّ حرب أخرى لن تنتهي إلاَّ إذا قضى طرف على الآخر، أو تمّ الوصول إلى اتفاق وأصبح من المؤكد أنه لن يستطيع طرف أن يقضي على الآخر في دارفور، ليس لأنّ هناك تكافؤً في ميزان القوّة بل لأنّ طبيعة الصراع لن تُمكّن طرفاً من القضاء على الآخر (وهذه قصّة أخرى)، وبالتالي لابدّ من التفاوض للوصول إلى حل سلمي. ولكن بما أنّ المفاوضات وصلت أرقاماً قياسية والاتفاقيات مثلها ( أبشي، وأنجمينا واحد واثنين، وأبوجا، والدوحة واحد واثنين )، وكل هذا لم يُهدّئ سر اللعبة ينبغي البحث عن منهج تفاوضي جديد، فحتماً هناك ألف طريق آخر. في تقديري أنه قد آن الأوان لأن ترجع المسالة الدافورية إلى أصلها الدارفوري، وتكُف عن ركوب الطائرات، وسكن الفنادق العشرة نجوم، فالفرق جدُّ شاسع بين مُخيّمات النازحين واللاجئين وفندق الشيراتون في الدوحة، فأهل دارفور المقيمين بها والمُمسكين بالجمرة آن الأوان لأن يتحرّكوا داخل دارفورهم، ويقولوا كلمتهم، ويفشوا السلام بينهم، وبعد ذلك سيعود الأبناء رفقاء( الشنطة أوالكلاش)؛ فلعبة مفاوضات مفاوضات، واتفاقيات اتفاقيات أصبحت غير منتجة وما (جايبة حقّها).

صحيفة التيار – حاطب ليل – 23/3/2010
aalbony@yahoo.com