الطاهر ساتي

تعيش كتير ، تشوف كتير .. مثل شعبي

[ALIGN=CENTER]تعيش كتير ، تشوف كتير .. مثل شعبي[/ALIGN] ** يا سلام .. الأهل بحي السلمة ، مايو ، عد حسين ، الأزهري ، غبوش ، سوبا و الأندلس ، على موعد مع مبالغ مالية محترمة .. نعم ، سوف يستلمونها – عدا نقدا – من المهندس آدم الطاهر حمدون ، مرشح المؤتمر الشعبي لمنصب والي الخرطوم ، في حال فوزه بهذا المنصب .. أو هكذا وعدهم المرشح حمدون ليلة الخميس الفائت في لقاء جماهيري ، إذ خاطبهم نصا : بتعهد ليكم بتقديم سلفيات تبنوا بيها مساكن صالحة .. حمدون لم يكن يعلم – قبل المفاصلة – بأن الأهل هناك يقطنون في مساكن غير صالحة ، وأخيرا – عند الإنتخابات – علم بأن مساكنهم غير صالحة ، فها هو يتعهد لهم بدفع سلفيات ، ليشيدوا بها مساكنهم بعد أن ينتخبوه واليا للخرطوم .. هكذا نص الوعد ، لايختلف كثيرا عما وعد به هاشم بامكار أهل بورتسودان سابقا ، حيث وعدهم – في إنتخابات ديمقراطية إبريل – بكبري ( بورتسودان – جدة ) .. علما بأن بامكار تفوق على حمدون قليلا ، بحيث لم يكن في وعده ما يجلب الضرر للمواطن في حال عدم تنفيذه للكبري ، ولكن إذا أوفى حمدون بوعده وقدم سلفياته للأهل بجنوب الخرطوم ، فهذا يعني بأنه يبشر الأهل هناك بتشريف سجن كوبر لحين السداد .. وهكذا تكتشف بأن خطاب بامكار – قبل ربع قرن إلا قليلا – كان أكثر نضجا من خطاب حمدون اليوم .. ثم إن السلفيات متاحة – لأهل مايو وغيرهم – بالمصارف الحكومية والخاصة ، ولكنهم أذكياء ، بحيث لن يسلكوا دربها حتى لايصبح حالهم كحال المزارعين في كل موسم ، فإن كان المزارع المنتج يستلف ثمن إنتاجه وينتج غزيرا ، ومع ذلك يدخل السجن – زي الترتيب – لعجزه عن السداد ، فكيف لمواطن فقير يقطن في حي مايو – بلا إنتاج – أن يستلف قيمة منزل من حمدون ومصارفه ..؟؟
** المهم .. تلك السلفيات ليس مهمة ، فهي محض وعد إنتخابي ، وأهل السودان متخمون بهذا النوع من الوعود منذ جلاء الاستعمار وإلي يوم حمدون هذا ، بحيث لو استفرغ كل مواطن سوداني ما في جوفي عقله وقلبه من وعود المرشحين ، لأجرت وعودهم نهرا من الخرطوم إلي مصر شمالا وجنوب إفريقيا جنوبا .. ولذلك ، فلندع سلفيات حمدون المرتقبة جانبا ، ونستمع – أو نستمتع – بحديث متحدث آخر هو المهم .. حيث تحدث الدكتور الترابي في ذات اللقاء ، بعد حمدون مباشرة ، حديثا سياسيا كال فيه النقد والهجوم ما إستطاع إليهما سبيلا تجاه المؤتمر الوطني ، وهذا شئ طبيعي أو قل : الوطني يستاهل .. ولكن ما ليس طبيعا هو سؤاله الذي جاء نصا : من هم هؤلاء ..؟.. هكذا سأل البسطاء بحي مايو عن سادة المؤتمر الوطني ، وهو سؤال لايختلف كثيرا عن سؤال الروائي الراحل الطيب صالح : من أين أتى هؤلاء ..؟..علما بأن الطيب صالح كان صادقا في البحث عن إجابة سؤاله ، أي هو غريب عنهم ثم تفاجأ بسياساتهم ، ولذلك سأل ذاك السؤال الاستنكاري ، ولكن الشيخ الترابي الذي يسأل – أهل مايو والأندلس وعد حسين – ذاك السؤال الاستنكاري ، هو الوحيد الذي يعرف ( الإجابة الكاملة ) .. نعم ، هو أعمق أهل الأرض علما ومعرفة بمن يحكمون اليوم .. أي ، أهل الأندلس – بل كل أهل الكون – ليسوا بأعلم من الشيخ الترابي بإجابة سؤاله : من هم هؤلاء ..؟.. ومع ذلك ، تعمد الشيخ الترابي عدم ذكر الإجابة ، بل حام حول حماها ، ثم رد على سؤاله قائلا : هم الذين فتنتهم السلطة وافترقوا عن حركة الإسلام .. فتأمل – صديقي القارئ – هذه الإجابة .. فتنتهم السلطة التي أستولوا عليها بأمره ، وكأن الشيخ – عند الأمر – لم يكن يعلم بأن السلطة فتنة ، أو ربما أصبحت السلطة فتنة بعد المفاصلة ، وقبلها كانت ( عبادة ) .. ربما .. ثم من درر تلك الليلة : العسكر خطر على الدين .. إن كان الأمر كذلك ، لماذا إستخدم الشيخ الترابي العسكر ليلة 30 يونيو ..؟.. ربما لم يكن يعلم – في تلك الليلة – بأن عسكر السودان يشكلون خطرا على الدين .. أو ربما صار عسكر السودان خطرا على الدين بعد المفاصلة ، وقبلها كانوا نصيرين للدين ، كما صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ربما .. على كل حال ، إنها الحملة الانتخابية ، فاستمتعوا بها ، وبالمثل الشعبي العريق ( تعيش كتير ، تشوف كتير ) .. أو هكذا كانت تعبر جدتي عن دهشتها ، رحمة الله عليها ، وعلى … ( الدهشة أيضا ) …!!

اليكم ..الصحافة-العدد 6002
tahersati@hotmail.com