الطاهر ساتي

تفاهم ثلاثي و .. تحالف غريب

[ALIGN=CENTER]تفاهم ثلاثي و .. تحالف غريب [/ALIGN] ** عندما يجتمع أعيان قريتي لمناقشة أمر ما، يخص المشروع الزراعي و الجمعية التعاونية وغيرهما ، لم أكن إستمتع بخدمتهم فحسب ، بل بالتقاط الحكم الطازجة والأمثال العميقة أيضا.. وأذكر فيما أذكر أنهم اجتمعوا ذات يوم لمناقشة كيفية مكافحة أسراب الجراد التي كادت تقضي على زرعهم .. وأثناء مداولتهم للأمر بالمقترح المناسب تلو المقترح الأنسب ، إقتحم أحد دهماء القرية مجلسهم ، ثم طرح – بلا إستئذان – مقترح تسميم المزارع .. ولأن الإقتراح هبنقي كامل الدسم ، تجاوزه شيخ القرية مخاطبا أهل المجلس بنصيحة مفادها : ما تسمعوا كلام الزول ده ، ده النوع البيفتح خشمو وبيخلي الكلام يمرق براهو بدون ترتيب .. ضج المجلس بالضحك ، فانسحب ذاك الذي يفتح فمه ليخرج الحديث – لا إراديا – كيفما إتفقت حروفه ، وليست قيمته …!!
** تلك من لطائف زمن الصبا ، تذكرتها حين وقعت عيناي على تصريحات ملأ بها فاروق أبوعيسى – رئيس ما تسمى بهيئة قوى الإجماع الوطني – صحف البارحة .. بالمناسبة ، هيئة قوى الإجماع الوطني التي يرأسها فاروق أبوعيسى و المجلس الأعلى للذكر والذاكرين الذي أحيل إليه الصافي جعفر،سواسية في : الغموض الوظيفي .. أي ، لا أحد يعلم مهام تلك الهيئة وذاك المجلس أثناء ساعات العمل الرسمية .. وليس مهما ما يعملان ، ولو كان مهما لرأى أهل السودان – والدول المجاورة – عملهما .. ليس مهما ماينجزانه ، فالمهم – اليوم – حديثهما ، أو بالأصح حديث أحدهما .. حيث تحدثت هيئة قوى الإجماع الوطني – بلسان رئيسها – بحديث من نوع ذاك الذي يخرج من فم صاحبه كيفما إتفقت حروفه ، وليس بالضرورة أن يكون حديثا متسقا مع واقع الحال و المنطق .. يقول أبوعيسى نصا : إن الحركة الشعبية تقف معنا في موقف التأجيل، ولذلك سننتظر رد رئاسة الجمهورية على مذكرتنا ، وسنحدد موقفنا من الإنتخابات يوم الأربعاء .. هكذا تحدث لسان فاروق أبوعيسى ، وهو بالطبع لسان حال بعض قوى مؤتمر جوبا .. نعم بعضها وليس كلها ، حيث الشعبي ، كما تعلمون وتتابعون ، ( فرز عيشتو ) ..بل صار أكثر تطرفا – من المؤتمر الوطني – في التمسك بالموعد المحدد للانتخابات ..!!
** المهم ، نرجع لهيئة أبوعيسى التي تنتظر رد الرئاسة على مذكرة التأجيل .. وما لم تكن المعنية بالرئاسة المذكورة في حديث أبوعيسى هي رئاسة حكومة جزر القمر، فإن رئاسة حكومة السودان حددت موقفها في أمر التأجيل أكثر من مرة ، بل هي تحدده كل يوم منذ منتصف فبراير الفائت وحتى ضحى البارحة ، وهو الموقف الذي يقول بصريح العبارة : مافي تأجيل ، مافي حكومة قومية ، مافي لكلكة .. أوهكذا كان نص الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية ، وما قبل الأخير أيضا .. ربما أبوعيسى لايتابع الحملة الإنتخابية لمرشح المؤتمر الوطني لإنتخابات الرئاسة ، وهو ذاته رئيس الجمهورية الذي تخاطبه هيئة أبوعيسى بمذكرة التأجيل ، ثم تنتظر الرد .. وكأن هناك ردا أكثر بلاغة – في القاموس العربي – من : مافي تأجيل ، مافي لكلكة ، مافي حكومة قومية .. وعليه ، ليس من المنطق أن ينتظر أبوعيسى ردا لم يعد مجهولا من رئيس الجمهورية ..!!
** أما الشطر الآخر من حديث أبوعيسى ، والذي يشير إلي : أن الحركة الشعبية تقف معنا في موقف التأجيل .. أو كما قال ، فإنه حديث لايقف على ساقين .. الموقف الرسمي للحركة الشعبية تجلى بكل وضوح في ذات المذكرة التي رفعتها الهيئة التي يرأسها أبوعيسى ، فالموقف هو : رفضت الحركة الشعبية التوقيع على مذكرة التأجيل المرفوعة لرئاسة الجمهورية .. فليسأل أبوعيسى نفسه عن سبب رفض الحركة الشعبية وضع توقيعها على تلك المذكرة ، رغم رجاءات قوى التحالف وتوسلاتها .. الحركة تجيد التوقيع على المذكرات التي تصيغها قوى المعارضة ، ولكنها لم تفعل في تلك المذكرة بالذات ، لماذا ..؟.. فليرهق أبوعيسى ذهنه بحثا عن الإجابة ، قبل ان يفتح فمه تاركا حديثه يخرج للصحف كيما أتفقت حروفه ، وليس جدواه ..وعليه ، موقف الحركة لايختلف عن موقف شريكها ، بيد أنها – الحركة – لاتمتلك الشجاعة السياسية التي تظهر ما تبطنه ، وتجعلها تجهر ب : مافي تأجيل ، مافي حكومة قومية ، مافي لكلكة .. الوطني قالها بوضوح ، أما الحركة ، فهي أيضا ستقولها بذات الوضوح ، ولكن : خلف أبواب القصر وتحت قاعة الرئاسة المغلقة .. فلينتظر أبوعيسى رد الشراكة الذكية يوم الأربعاء .. ولأن المؤتمر الشعبي مع الأذكياء ، لم ينتظر الرد، فكيف ينتظر ردا على مذكرة لم تحمل توقيعه ، ولا توقيع الحركة التي وقعت معها مذكرة التفاهم قبل نيفاشا بأشهر معدودة … نسيتوها ..؟؟؟؟؟؟

اليكم ..الصحافة-العدد 6003
tahersati@hotmail.com