تحقيقات وتقارير

العلاقات السودانية التركية .. نحو انفتاح اوسع


[ALIGN=JUSTIFY]وسط حشد واهتمام دولي كبير انطلقت أمس” الثلاثاء” اعمال القمة الأفريقية التركية التي افتتح جلستها الرسمية رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان
لتستمر ليومين متتالين بهدف وضع خارطة طريق لتطوير العلاقات بين تركيا وأفريقيا فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، وتعد زيارة الرئيس السوداني إلى تركيا على رأس وفد للمشاركة في القمة، الأولى له بعد أن وجهت له المحكمة الجنائية الدولية تهمة الإبادة الجماعية في دارفور، وتشكل القمة أهمية كبرى بالنسبة للسودان يطلع خلالها الرؤساء المشاركين على تداعيات التهم الموجهة إلى البشير كما القيادة التركية التي تعمل بصمت كمبرد لكثير من الملفات الشائكة، فيما تهدف القمة إلى إيجاد طرق لتحسين علاقات تركيا مع البلدان الأفريقية ووضع مسار للتعاون الدائم لتعزيز علاقاتها معها للاستفادة من دعم القارة الأفريقية للمساعي التركية بالحصول على مقعد في مجلس الأمن .
وجد البشير القمة فرصة سانحة لشرح ابعاد الاستهداف الغربي للسودان ووضع في اجندته برنامجا للالتقاء بأكبر عدد من الرؤساء المشاركين على هامش القمة الأفريقية التركية مع الرئيس التركي عبدالله غول ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بالاضافة الى عدد من رؤساء الدول المشاركين فى القمة الاقتصادية التركية الأفريقية التركية لشرح المؤامرة التي يتعرض لها السودان من قبل المحكمة الجنائية الدولية وإستهدافها للدول الأفريقية في المقام الاول وإطلاعهم على الجهود المبذولة من قبل الحكومة لحل مشكلة دارفور.
ويري الناطق الرسمي باسم الخارجية السفير علي الصادق ان القمة الافريقية التركية منبر هام للسودان حيث يشكل فرصة سانحة للرئيس البشير والوفد المرافق له لشرح موقفه وقضاياه للمشاركين وبالتالي تتسع دائرة التأييد والمساندة للسودان فضلا عن المشاورات التي سيجريها الوفد مع رصفائهم الاتراك والافارقة في المجالات السياسة والاقتصادية .
الا ان منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش) ومقرها نيويورك قد عبرت عن قلقها يوم الجمعة الماضي في بيان اصدرتة من لقاءات الرئيس البشير مع الرئيس التركي ورئيس وزرائه على هامش القمة التي تركز أساسا على الطاقة والتجارة، وقالت المنظمة في بيانها “على الحكومة التركية أن ترفض جهود الرئيس السوداني عمر البشير لضمان تعليق تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية ضده “. وأضاف البيان “على تركيا أيضا أن تنقل رسالة واضحة وهي أنه يجب ألا يكون رد الخرطوم على التحقيقات هو الانتقام من المدنيين أو قوات حفظ السلام أو عمال الاغاثة الانسانية “.
الا ان المحلل السياسي د.صفوت صبحي فانوس استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم قلل ما ذهبت الية (هيومان رايس ووتش )، وقال ل”الاحداث” أمس إن المحكمة الجنائيات الدولية لم تصدر مذكرة التوقيف ضد الرئيس البشير وبالتالي فهو غير مطلوب من المحكمة ولا يوجد تحفظ في العلاقات بين السودان وتركيا ، الا انة عاد متخوفا من ان اصدار القرار قد يؤدي لاختلال علاقات السودان مع كل دول اوربا بما فيها تركيا .
الممتبع للتاريخ يجد ان العلاقات السودانية التركية قديمة، بجانب القواسم المشتركة بين البلدين في مجال السياسة الخارجية، والتقارب الايدولجي، ولكن بالرغم من ان اكثر من 80 شركة تركية تستثمر في السودان نجد ان حجم العلاقات التجارية بين البلدين بلغ في العام الماضي حوالي مائتي مليون دولار فقط . وقال الصادق ل”الاحداث” إن حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين السودان وتركيا ليس في مستوى طموحات البلدين. واردف ان القرب الجفرافي لتركيا لدى الاتحاد الاوربي جعلها تنظر بكلياتها إلى أفريقيا بما يحقق مصلحة شعبها، واضاف ان الانظار اتجهت للسودان بعد النهضة الاقتصادية واكتشاف البترول جعلتة قبلة لجذب الاموال و تركيا من الدول التي دخلت مجال الاستثمار في السودان منذ وقت مبكر وبالتالي نعتبر ان حجم الاستثمار التركي في السودان مجرد بداية ونتوقع زيادة اكبر في الاستثمارات التركية في السودان في القريب .
وينظر د.صفوت الى ان التقارب الايدولجي بين الحزبين الحاكمين في السودان وتركيا، وخط الطيران المباشر بين البلدين جعل تركيا اكثر دول اوربا تقاربا مع السودان. واردف ان العلاقات الاقتصادية بين البلدين متميزة والسودان حقق مكاسب من الاسثمارات التركية في السودان خاصة المشاريع الكبرى مثل انشاء كبري المك نمر .
ويشارك في القمة التي انعقدت تحت شعار”التعاون والتضامن من أجل مستقبل مشترك ” مسؤولون من 53 دولة أفريقية من بينهم رؤساء السودان وجيبوتي وبوركينا فاسو وجزر القمر وغينيا الاستوائية إضافة إلى ممثلين عن 20 منظمة دولية من بينهم رئيس الاتحاد الأفريقي والأمين العام لجامعة الدول العربية ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة المسؤول عن الشؤون الأفريقية .
وتخطط أنقرة ضمن سياسة انفتاحها على القارة الأفريقية إلى فتح 15 سفارة جديدة لها بافريقيا إلى جانب السفارات الـ 12 الحالية ووسعت نطاق الرحلات الجوية التي تقوم بها للدول الأفريقية واتسع حجم التبادل التجاري بين الطرفين من 9 مليار دولار عام 2005 إلى 13 مليار دولار عام 2007 وتولت الشركات التركية استثمارات في قارة أفريقيا وصلت قيمتها إلى 8ر5 مليار دولار كما تشارك تركيا في تشكيلة ست من قوات حفظ السلام الدولية الثماني المرسلة إلى القارة السمراء حتى اليوم وتمنح أنقرة سنوياً مئات المقاعد الدراسية للطلبة الأفارقة .
وكانت الاتحاد الأفريقي قد اعتبرت تركيا إلى جانب كل من اليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية كدول شراكة استراتيجية مهمة, وأعلنت عزمها على بناء علاقات استراتيجية معها. قدمت تركيا 3500 مليون دولار أميركي كمساعدات إنسانية لعدد من الدول الأفريقية عبر برنامج الأمم المتحدة للأغذية من ضمنها السودان وإثيوبيا وتشاد والكونغو وكينيا وأوغندا والصومال ومدغشقر وملاوي. و بدأت المؤسسات الخيرية التركية إطلاق حملات لجمع التبرعات لإرسال مساعدات غذائية إلى عدد من الدول الأفريقية الفقيرة في شهر رمضان .
تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي لم تصادق على المعاهدة التي تشكلت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية ولكنها تتعرض لضغوط لتصبح عضوا في اطار المفاوضات للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ونجد ان تركيا احدثت تطورات داخلية أدت إلى تحول كبير في تاريخها السياسي المعاصر، فقد انتخب حزب العدالة والتنمية الإسلامي بأغلبية كبيرة أوقفت ظاهرة الحكومات الضعيفة في تركيا بسبب غياب غطاء من الأغلبية البرلمانية، وأوقفت أيضا سيطرة النخبة التقليدية التي تهيمن على الحياة السياسية منذ الحرب العالمية الثانية، كما غيرت في تركيبة التيار الإسلامي نفسه والتي هيمن عليها نجم الدين أربكان أكثر من ثلاثة عقود. وتراجع التعاون التركي الإسرائيلي بسبب تصاعد المد الشعبي التركي المعارض للتعاون مع إسرائيل، ولكن التغير في هذه العلاقة لم يكن جذريا، ولم يؤثر مجيء حزب العدالة والتنمية في تغييرها، ولم يعلن الحزب الإسلامي الحاكم عن اتجاهات جديدة لتقليص تلك العلاقة، وأعلن الحزب برنامجا قائما على علاقات متوازنة في الشرق الأوسط، ودعم العملية السلمية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي.
أسمهان فاروق :الاحداث[/ALIGN]