جعفر عباس
نقد فني قد لا يخلو من التجني
وهناك الرسم التجريدي، وكنت أحسب إلى حين من الدهر أنه حيلة العاجز قليل الموهبة، ولكن شغفي بالفنون عموما جعلني أتوقف عند بعض اللوحات التجريبية وأدرك أنها ليست مجرد شخابيط ولخابيط وخرابيط، بل أعمال مدروسة وفيها عمق يستوجب التأمل، ومن الفن التجريدي تعلمت تذوق الهارموني والانسجام والاتساق بين الألوان وأن وراء كل ذلك فكرة متكاملة،.. خذ في الاعتبار انني أصلا ضعيف الثقافة اللونية بسبب معاناتي من نوع غريب من عمى الألوان، فلا أعرف منها يقينا سوى الأزرق ومشتقاته ثم تستعيد عيني قواها العقلية بين الحين والآخر فأرى ألوانا أخرى مميزة وإن كنت لا أعرف مسمياتها (أموت واعرف لماذا هناك لون اسمه “أوف وايت”.. وترجمته حرفيا تعني أنه أبيض متمرد على البياض.. طيب أين كان هذا اللون؟ ولماذا لم يظهر فجأة هو والتركواز والفوشيه إلا في السنوات الأخيرة؟).
كتبت على مدى اليومين الفائتين عن شخصيات نبغت في سن مبكرة وأثبتت عبقريتها بالنجاح في ميادين أقل ما يقال عنها إنها “صعبة”، وأحدثكم اليوم عن فنانة تشكيلة فلتة سمحت لها أشهر صالة عرض في ملبورن باستراليا بعرض لوحاتها فيها.. اسمها إيليتا أندريه، ورأى مدير الصالة مارك جميسون عينات من رسمها وقام بلا تردد بطبع المطويات واللوحات الإعلانية للمعرض، ثم طلب عقد جلسة مع الرسامة إيليتا، وهنا كانت المفاجأة: اكتشف جميسون أن عمرها 22 شهرا.. أكرر “شهرا” أي لم تكمل العامين، ولم يصدق في بادئ الأمر أنها رسمت تلك اللوحات فكلفها بعمل لوحات إضافية في مرسم الصالة وفوجئ بهذه المعفوصة تمزج الألوان وتستخدم الفرشاة مباشرة من دون تحديد الخطوط بالقلم.. وهكذا خطفت إيليتا السفروتة الأضواء من دافنشي وبيكاسو وشعبولا وموتورولا.
أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com