عبد اللطيف البوني

لقيمات الانتخابات ومِزاجُها

[ALIGN=CENTER]لقيمات الانتخابات ومِزاجُها [/ALIGN] يُنسب للرجل المرح إبراهيم الزومة القول إنّ أحدهم قال لزوجته في غمرة نشوته بأيام الانتخابات (في أيام اللقيمات دي ناكل انتخابات ساااااكت)؛ فالانتخابات إندفقت فيها أموال لم يشهدها الشارع السوداني منذ أن قام عبد الرحيم حمدي بتغيير العملة في القرن الماضي، فالميزانية الرسمية للمفوضية بمكونيها المحلي والأجنبي كانت ضخمة جداً، كما أنّ الأحزاب الغنيّة والفقيرة أنفقت إنفاقاً كبيراً بـ(الدرب العديل والدرب الملولو)؛ وإن كانت الدروب الملولوة أكثر ولكن لايطالها قانون الأساليب الفاسدة. فمن ناحية إقتصادية بحتة إنتعش سوق السلع والخدمات بدءاً من الحنّانات وانتهاءً بالفنادق الخمسة نجوم، والكل أكل لقيمات بما في ذلك الأستاذ فاروق أبوعيسى كما قال الأستاذ سيف الدين البشير في برنامج (حتى تكتمل الصورة). بالطبع اللقيمات (خشم بيوت)، فصاحب ود الزومة أكل لقيمات (جد جد) لأنه قد يكون مؤجراً عربته البوكسي لأحد المرشحين، وكذلك أصحاب الركشات سوف يدخلون في زمرة أكلة اللقيمات؛ ولكن، هناك الحبرتجية الذين قد يكونوا وصلوا مرحلة شراء سيارة أو شراء منزل في المدينة وتغذية حساباتهم المحلية، ولاشكّ أنّ البعض قبض قبضة تجعله يُغذّي حسابه الخارجي. نحن لسنا بصدد مليارات (الجماعة) فهذة صفقات كبيرة؛ وإن كانت هذه المرّة من صميم العملية الانتخابية إلاَّ أنّ الجماعة (متعووووودة) عليها قبل الانتخابات. لم يكن أثر الانتخابات الاجتماعي أقلّ من أثرها الاقتصادي، فالإعلام المُكثّف الذي صاحب العملية الانتخابية منذ أيام الإحصاء و(إنت نازل) إلى ساعة إعلان النتيجة قد فرض مِزاجاً إنتخابياً عامّاً (عبارة المِزاج الانتخابي لأستاذنا عبد الله علي إبراهيم)؛ وأستاذنا من الذين أسهموا في تسخين الأرض للانتخابات بأفعاله لأنه ترشّح لرئاسة الجمهورية في وقت مُبكِّر ولكن حرمه الشديد القوي من المواصلة. وبكتاباته المؤيدة لقيام الانتخابات مهما شابها من نواقص، وبأقواله في التلفزيون، وأخيراً بأُصبعه المُخضّب بحبر الانتخابات الذي شاهده مشاهدو النيل الأزرق فلقد أسهم البروف عبد الله في صناعة المِزاج الانتخابي بما لم تفعله أحزاب ليها شنّة ورنّة وإسم. عودة للمِزاج الانتخابي الذي شاع في البلاد ففي تقديري أنه كان أكبر نُقلة سياسية تحدث في البلاد خلال ربع القرن الأخير، فمنذ آخر إنتخابات ليبرالية عام 1986م وبعد مجيء الإنقاذ ظلّت اللعبة السياسية حكراً على محترفي السياسة بالبندقية تارة، وبطق الحنك تارات أُخر. لقد فسدت السياسة وأصحبت دُولة بين النُخب، وأصبحت صفقات فوق التربيزة وتحتها تُسمّى اتفاقيات، وتفاهمات، ومواثيق، وكلها في كُنهها مصالح شخصية، وتلاعب بـ(الأرانب والأفيال)؛ فالانتخابات هي التي ذكّرت (أولاد الذين) بالمواطن العادي فهُرعوا إليه في كل مكان طالبين خدماته التي هي صوته. لقد رأيت بأُم عينى وسمعت بأُم أُذنى (البموت وياكلهن الدود) شباباً كان همُّهم الهلال، والمريخ، ومانشسستر، وريال مدريد، والأرسنال يتحدّثون عن الانتخابات والمشاركة والمقاطعة… رأيت ربّات البيوت يتركنّ (طواجنهنّ)- ومُفردها طاجن- ويذهبن للتصويت. صديقي وقريبي الرجوبي قال لي إنه ذهب بكارّته(كارو) التي يقودها الحمار وصوّت ضدّ المؤتمر الوطني، فقلت له: كان المفروض تقاطع إذا كنت ضدّ المؤتمر! فقال لي: (أقاطع عشان صوتي يبوظ ساكت! أنا لزام أكويهم بيهو)، فقلت: والله برضو وجهة نظر لا تقلُّ عن تلك التي قال بها أجعص سياسي. الآن إنتهت اللعبة و(كلُّ قِرد طلع شجرته تقريباً) ويبقى السؤال: كيف يمكن المحافظة على مكاسب الانتخابات الاقتصادية(اللقيمات)؟ وهل هذا يتم بغمر السوق بالسيولة وبالمشاركة والحراك السياسي الذي ظهر في المِزاج الانتخابي أم نقول وداعاً للقيمات والمزاج؟

صحيفة التيار – حاطب ليل – 26/4/2010
aalbony@yahoo.com