جعفر عباس

وقفة أخرى مع الموهوبين

[ALIGN=CENTER]وقفة أخرى مع الموهوبين [/ALIGN] وتفاديا لإتلاف أعصابكم، فإن شخصية اليوم ليست يهودية: اسمه مايكل كيفن كيرني، وهو من مواليد عام 1984، وكان قد لفت انتباه العالم لكونه أول من فاز بمليون دولار في مسابقة البحث عن الذهب التي كان موقع أمريكا أونلاين يقدمها، وكان عمره وقتها 22 سنة، وبعدها بعامين أي في عام 2008 فاز مرة أخرى بجائزة برنامج “هوو وونتس تو بي أ مليونير”، الذي تقدم قناة إم بي سي النسخة العربية منه “من سيربح المليون”، ولكن ملايين الناس عرفوه قبلها بسنوات عندما حصل على بكالريوس في الجيولوجيا وعمره 10 سنوات وبعدها بعامين على الماجستير في الأنثروبولوجي (علم الأجناس/الأنساب) وصار استاذا جامعيا وعمره 17 سنة
كان كيرني قادرا على قول مفردات مثل ماما وبابا و”ووتر/ ماء” وعمره أربعة أشهر، وذات مرة اصطحبته أمه الى الطبيب وكان عمره وقتها ستة أشهر وفوجئت به يقول للطبيب: عندي التهاب في أذني اليمنى، فأصيب الطبيب بالتهاب في قواه العقلية من فرط الدهشة.. وعندما أكمل أربع سنوات اجتاز امتحان الرياضيات الخاص بالقبول في جامعة جونز هوبكنز التي لا يدخلها إلا ذوي البأس الأكاديمي الشديد.. بالتأكيد فإن مثل هذا النبوغ هبة إلهية ولكن لو كان كيرني من بلد عربي وتكلم بفصاحة وعمره 6 أشهر فغالب الظن عندي هو أن أهله كانوا سيعتقدون أن به مسا شيطانيا، ويعرضونه على كتيبة من المطاوعة و”المشايخ” ليخرقوا طبلة أذنه بمفردات من نوع: شخرم بخرم شلضم ابن طنكوش الفنكوش أبو شاكوش.. وربما شاع أمره في بلده واعتبره الناس من أصحاب الكرامات والبركات وهرعوا ليتمسحوا به لنيل العافية او المال او العريس حتى يصاب المسكين بلوثة عقلية.
أرجح السيناريو الثاني، وهو أنه لو كان هناك طفل عربي يتكلم وعمره 4 أو 6 أشهر، فإن مختلف المعجزات والكرامات كانت ستنسب إليه، فيتحول الى منجم ذهب لأهله، بعد ان يضعوا تسعيرة للتمسح به، وبالطبع ما كان سيجد الفرصة لدخول جامعة جونز هوبكنز أو حتى الجامعة العربية التعيسة.. ولا بأس من التذكير للمرة العاشرة – ربما – بحكاية الطفل الإندونيسي الذي تكلم قبل ان يكمل عامه الأول فتدفق الملايين على بيت أهله طلبا للشفاء، وكم كانت سعادتهم كلما قال كلاما مثل: جارتك أم شعر بني سحرتك وسأبطل السحر ذاك فورا: شيكا بمبم شيكا تاتا.. وسار كل شيء على مرام وصارت للرضيع سكرتارية وأمناء خزائن يتحصلون رسوم العلاج.. إلى أن زار الطفل ذات مرة صحفي “نحس”، دفع 4 أضعاف الرسوم المقررة وجلس أمام الطفل يشكو من عدة علل، ولما طالت الجلسة صار صوت الطفل بطيئا وبه شخشخة.. المهم اتضح ان اهل الطفل كانوا يضعون تحت وسادته جهاز تسجيل فيه عبارات الشعوذة المعتادة بصوت طفولي ولأن الصحفي “الخبيث” كان أصلا يشك في الأمر فقد أطال الكلام حتى ضعفت بطارية المسجل وانكشفت اللعبة.
وكتبت كثيرا عن تيس في فلسطين كان يدر الحليب و”قرر” الناس أنه يعالج العقم.. نعم التيس لم يزعم أنه يعالج أي شيء بل الناس هم الذين قرروا أنه طالما انه تيس وينتج اللبن فلابد أن في لبنه البركة.. ومات التيس بعد أن جمع صاحبه مبلغا لا بأس به من بيع لبنه ولكن سبب الوفاة كان أنه مصاب بسرطان في الخصيتين، وكان اللبن الذي شربه الناس صديدا ناتجا عن الورم.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com