عبد اللطيف البوني

مرتب ومخصصات الرئيس


[ALIGN=CENTER]مرتب ومخصصات الرئيس[/ALIGN] نهنئ المواطن عمر حسن أحمد البشير بمناسبة اختيار الشعب له رئيساً لجمهورية السودان لخمس سنوات قادمات سائلين المولى أن يوفقه في تحقيق الوحدة بين شطري البلاد الشمال والجنوب، وتحقيق السلام في دارفور، وتحقيق التنمية في كافة أنحاء البلاد، وإزالة المسغبة عن عموم أهل السودان. ونلحظ بالرضى أنه قد وضع هذه الأشياء الثلاثة (الوحدة والسلام والتنمية) في سلم أولوياته في أول خطاب له بعد الفوز، ونحمد له الابتعاد عن لغة المشاريع النظرية الهلامية الحضارية وما شاكلها، فالمسألة في السودان لم تعد تحتمل آيدلوجيّات جوفاء وتنظيرات فارغة. السيد رئيس الجمهورية لن يبدأ من فراغ، فالعشرون عاماً التي أمضاها في الحكم لاشك أنّ فيها ما يكبل وفيها ما يحفُز في نفس الوقت. العشرون عاماً التي انصرمت مليئة بالانجازات وملئية بالاحباطات، فهي ليست شراً كلها وليست خيراً كلها؛ ففيها ما يجب تجاوزه، وفيها مايجب تطويره، وفيها مايجب المحافظة عليه. ولعل هذا ينطبق على الكادر البشري المتفرغ للعمل السياسي، فمنهم من يجب اصطحابه لتحقيق متلازمة (الوحدة والسلام والتنمية)، ومنهم من يجب أن يذهب وبأعجل ماتيسر. من الأشياء التي يجب إعادة النظر فيها الطريقة التي تدار بها الأمور المالية في البلاد، فالفوضى أصحبت الصفة المميزة لهذا الحقل؛ فمنذ مجيء الانقاذ وباسم الشرعية الثورية تم تعطيل الكثير من القوانين المنظمة للناحية المالية، فأصبحت الرقابة مرفوعة عن (القوي الأمين) لكي (يستبط) من الموارد مايشاء ويصرفها كما يشاء، ودخل أورنيكا 15 و17 في إجازة الأمر الذي فتح الباب للجبايات التي أوردت البلاد موارد التهلكة في جمعها وفي إنفاقها. لهذا الذي تقدم فإننا نتعشم أن يبدأ السيد رئيس الجمهورية عهده الجديد بتنظيم أوضاع البلاد الإدارية المالية، ويكون جميلاً لو بدأ هذا بإعلان ماهية السيد رئيس الجمهورية- أي مرتبه وكل مخصصاته- مهما كان حجمها كما يحدث في كل بلاد الدنيا الديمقراطية؛ لأن هذا الضرب من الشفافية سوف يجعل أي جنيه يخرج من الخزينة العامة تحت دائرة الضوء. كل أصحاب الوظائف الدستورية- وما أكثرهم- في المركز وفي الولايات، وكل قادة الخدمة العامة بشقيها المدني والعسكري كانت مخصصاتهم وحوافزهم لايحكمها قانون أجازه البرلمان، بل المزاج والفهلوة المرتبطان بالمصلحة الخاصة؛ فلو أعلن السيد رئيس الجمهورية كامل دخله الذي سوف يجيزه له البرلمان فإنّ هذا سيكون كابحاً قوياً لكل من هو دون رئيس الجمهورية، ابتداءً بأعضاء البرلمان أنفسهم، ومروراً بالوزراء والولاة، وانتهاءً بكل من يصرف جنيها من خزينة الدولة. السيد رئيس الجمهورية موظف في الدولة، ولاشك أن مرتبه ومخصصاته محددة في الأوراق الرسمية، ولكن الإعلان عنها سوف يجبر الآخرين على إعلان مخصصاتهم والوقوف عندها وعدم تجاوزها إلى ما يعرف بالاستنباط والتجنيب من الموارد؛ فالشفافية أصبحت نهجاً إدارياً مؤثراً أكثر من التعقُب والمراجعة. عندما زار (الفريق) عمر حسن أحمد البشير- رئيس مجلس قيادة الثورة وقتئذٍ- السعودية لأول مرة عام 1989م، وفي لقاء مع الجالية السودانية قال إنه وبذات الصفة يكمل مصروفاته الخاصة بما يرسله له إخوانه المغتربون، ولقد كان لمثل هذا الكلام وقع كبير في نفوس السامعين، فليعد هذه السيرة بإعلان المرتب والمخصصات وبأمر منه. هيبة

صحيفة التيار – حاطب ليل – 29/4/2010
aalbony@yahoo.com